هذه قصة ترشحه للبرلمان بدائرة فاس الجنوبية.. أوفريد: الشباب بعيد فقط عن السياسة “الملوثة”

أسامة أوفريد، ابن مدينة فاس ذا 27 سنة، أستاذ، وباحث في سلك الدكتوراه، يساري، ومناضل في الاشتراكي الموحد، تم اختياره، مؤخرا، كوكيل للائحة الانتخابات التشريعية بدائرة فاس الجنوبية،

في هذا الحوار مع جريدة “الديار” يتحدث أوفريد عن قصة ترشيحه، وعن طموحاته، وعن رهانات اليسار بفاس، وعن تجربة “حكم البيجيدي” لمدينة فاس، وعن مواضيع أخرى.

  • هلا قدمت لنا نبذة عن أسامة أوفريد، خاصة مساره السياسي؟

أسامة ابن الوسط الاشتراكي، ترعرع متشبعا بالفكر الديمقراطي والتقدمي، ذلك أن والدنا وعمنا كانا في الحزب ذاته، وبذلك فقد تربينا في بيئة يسارية بل وفي مخيمات حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد، وتأثرنا بالحركة التلاميذية والطلابية، حيث كان يشغر بالنا كيف يتم توزيع الثروة، وعدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ، وغيرها من القضايا التي استدعتها تلك المرحلة. ثم جاءت التجربة المؤثرة في مسارنا، وهي تجربة حركة 20 فبراير، التي أبانت على أن الشباب مؤثر وغير بعيد عن عالم السياسة، وإنما هو بعيد فقط عن السياسة التي تمارس بالطريقة الملوثة، هنا تشكل وعينا السياسي ثم انطلق مسارنا في الحزب سنة 2015، وفي 2018 تم اختيارنا ككاتب شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد بفاس، وبدأت دينامية كبيرة لشبيبتنا استكمالا للمسار الذي تم رسمه من طرف مكتب الشبيبة السابق، عبر الانخراط في المعارك الجماهيرية لتأطير المواطنين وإنتاج الوعي لديهم.

  • تم اختيارك كوكيل لائحة الانتخابات التشريعية بالدائرة الجنوبية لفاس، أولا كيف وقع الاختيار عليك؟ يعني علام ارتكز هذا الاختيار؟ ثم ما شعورك غداة اختيارك؟

تم اختيارنا من قبل رفيقاتنا ورفاقنا في الهيئة المحلية لفيدرالية اليسار الديمقراطي كاختيار سياسي يعزز مشاركة الشباب والنساء في تدبير الشأن العام وتجديد الممارسة السياسية الحزبية، ولأنهم رأوا مدى جديتنا واجتهادنا في العمل السياسي، وفي التعامل مع مختلف القضايا الشائكة التي نناضل من أجلها، وانخراطنا في مختلف المعارك الجماهيرية بشكل دؤوب وعملي، وهو أمر يؤكد على أن من عمل واجتهد في الحزب الاشتراكي الموحد وباقي مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي تتم مكافأته، مما يبعث على الابتهاج والراحة، ولا يمكن أن نكون إلا سعداء بهذا الأمر، لأننا اقتنعنا أكثر الآن بأن من يبذل مجهودا سيكافأ عليه. ناهيك عن أن اختيار الفيدرالية شابا لمهمة كهذه هو أمر إيجابي جدا، يؤكد على أن فيدرالية اليسار الديمقراطي تضع الكفاءات والطاقات الشابة في مقدمة أولوياتها.

  • ألم تفكر مسبقا في الترشح، وهل اقترحت نفسك لتصبح وكيلا أم أن رفاقك اختاروك دون تدخلك في الموضوع؟

في واقع الأمر لم نفكر في ذلك، أساسا نحن في الفدرالية لا نهتم بالحظو بمنصب معين أو الحصول على مكافأة من أجل عملنا، نحن نسعى لأن نضمن تقدم اليسار ومتابعة خدمته لقضايا المواطنين، مع الحرص على ضمان وحدته وتعاضديته.. رفاقنا في الحزب الاشتراكي الموحد بفاس والهيئة المحلية لفدرالية اليسار الديموقراطي بفاس اقترحوا ترشحنا في الانتخابات التشريعية بالدائرة الجنوبية بالمدينة، ونحن رحبنا بالفكرة.

  • هل صحيح أنه تم اختيارك دون موافقة باقي الأطراف (الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي)؟

ترشحي مبني على خلاصات اجتماع الهيئة المحلية في 8 ماي 2021، هذا بخصوص المحلي، أما الوطني فغالبا ما لا يتدخل في المحلي بقدر ما يقوم بتزكية القرارات الصادرة عنه، والمساهمة في خلق الفضاء المناسب لاشتغالنا في فاس كما الشأن في باقي المدن، ثم إنه لم يخرج أي عضو من داخل الهيئة المحلية ليعبر عن رفضه اختيارنا.

  • تروج فكرة مفادها ركوبك على موجة الحملة المناهضة لمشروع فاس باركينغ، ما تعليقك؟

لا يمكن أن نركب على شيء نحن من أسسنا له، نحن من قمنا بإنشاء المجموعة المناهضة لمشروع فاس باركينغ، وقمنا قبلها بعدة حملات كتلك المرتبطة بحواجز شركة النقل العمومي بفاس، التي استطعنا الانتصار فيها، ومعركة عمال النظافة الذين طردوا سابقا، والمعارك المخاضة في “ليراك” سواء من أجل الماء أو ضد مصنع كان ينشر التلوث بالمنطقة وملعب كوطيف الذي ظل مغلقا لمدة 5 سنوات بدون أي مبرر مقنع، والنضال إلى جانب الصناع التقليديين وعلى رأسهم التنسيقية الوطنية لإنقاد الصناع التقليديين النحايسية من جحيم آلة الليزر حيث خضنا معهم معارك عدة من أجل حقوقهم المشروعة..

إذن لنرد على من يروج لهذه الفكرة، نحن قمنا بحملات عدة، من أجل الصالح العام لفاس، واستمرينا في النضال جنبا إلى جنبا مع المواطن الفاسي، ووجهنا اهتمامنا إلى مختلف قضاياه التي نعتبرها قضايانا الأساس، وحتى عندما نجحنا في إخراج فاس باركينغ لم نتوانى عن متابعة مسارنا النضالي الذي ينبني على مصلحة ساكنة العاصمة العلمية.

  • كيف ترى نفسك كمرشح شاب في دائرة بهذا الأهمية؟

أكيد ترشحنا لدائرة فاس الجنوبية أمر بالغ الأهمية، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا من أجل الاستمرار في الاهتمام بمختلف قضايا المنطقة، والنضال ابتغاء تحقيق انتظارات الساكنة، وإخراج آمالها إلى أرض الواقع عبر التطبيق الفعلي.

  • ما رهانات اليسار بفاس؟ وما أهم النقاط التي تم تسطيرها في برنامجكم بالمنطقة؟

في واقع الأمر برنامجنا في صدد التحضير، وسيتم الإعلان عن فحواه في حينه، لكن عموما يمكننا القول أن حزبنا يسعى إلى الدفاع عن مصالح ساكنة المدينة، خاصة عقب التهميش الذي طال فاس.. هدفنا هو أن نجود البنية التحتية التي اهترأت في عهد الأزمي، وننشئ مساحات خضراء، ذلك أن المدينة أصبحت تبدو قاحلة، ثم إنشاء مراكز للشباب ننقل بموجبها فاس من لقب عاصمة الإجرام إلى فاس ذات الطاقات، التي تفجَّر في ما هو إيجابي يخدم صورة المدينة، ويدرأ عن شبابها جوانب السلب على اختلافها، بالإضافة إلى الاهتمام بتحسين الخدمات العمومية مثلا النقل، الذي يطرح مشكلا عويصا يؤرق ساكنة فاس، والإنارة حيث نجد عددا من المناطق تعيش في الظلام الحالك، والنظافة، التي بدورها تتخبط في مشاكل عديدة، دون أن ننسى مسألة إعادة تنظيم إدارة مواقف السيارات في فاس وإعادة هيكلة الحرف التي تعد فاس رائدة فيها، فالصناعة التقليدية واحدة من المكونات التي تشكل الهوية الفاسية، وإعادة تأهيل وضع الحرفي الفاسي الذي تم تهميشه.

كما نسعى إلى الإنصات إلى المواطن وإيصال صوته، والتجاوب مع مطالبه، والبحث عن حلول عملية لمشاكله، ذلك أننا كفدرالية همنا أن نكون صوت الشعب داخل المؤسسة التشريعية وإعادة إحياء الثقة والأمل في نفوس ساكنة فاس، عبر تقديم وعود نستطيع تحقيقها على أرض الواقع.

  • كمنتم إلى اليسار، كيف تقيم مرحلة البيجيدي بفاس؟

مرحلة البيجيدي لم تستجب لمتطلبات ساكنة فاس، ولم تف بوعودها، ذلك أنها جاءت بوعود ضخمة وجعلت الفاسيين يصدقون أن الحياة في ظل حكم حزب المصباح ستكون وردية، وستتحقق التنمية على مختلف الأصعدة، مما دفع عددا مهما من المواطنين إلى التصويت لصالح الحزب، متأثرين بتلك الوعود، بيد أن الأخير أخلف بوعوده ولم يستطع إخراجها إلى حيز الوجود، بل وأسهم في تردي وضع المدينة، متناسيا مصالح المواطنين، خادما مصالحه فقط.

  • على سبيل الختم، هل تود توجيه رسالة معينة أو كلمة أخيرة؟

أولا نستغل هذه الفرصة كي نحيي ونشكر رفاقنا ورفيقاتنا والأصدقاء والزملاء وكل من اقترح ترشحنا ووثق بنا،  وننوه إلى أننا كشباب نشكل نواة الحاضر والمستقبل، والمشعل الذي سيحدد كيف سيكون الغد، لذا نناشد كل الشباب إلى الانخراط في العمل السياسي، بغية الدفاع عن مرامينا وعن مطمح التغيير الذي نتمسك به رغم ما يعتري الواقع من منكسات، فمسعانا الأول والأخير في اليسار هو أن نحقق الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وغيرها من التيم التي غُيّبت عن واقع المواطن المغربي عموما والفاسي على وجه التخصيص، ومن أجل الظفر بآمالنا، نحتاج الضرب بيد من حديد المفسدين ومروجي الفساد، كي ننعم بتحقق أهدافنا على أرض الواقع، ولن يتسنى لنا ذلك إلا عبر تكثيف الجهود، والتسجيل في اللوائح الانتخابية لكي يدلو كل بدلوه، ويمنع بصوته صعود مفسد آخر، يجتث الأخضر واليابس ويخدم مصالحه الشخصية في مقابل تهميش المواطن أكثر من ذي قبل، ومن هذا المنطلق نؤكد أن على المواطن أن يفكر مليا قبل أن يمنح صوته لجهة معينة، وذلك بالاستناد إلى البرنامج الأقرب إلى احتياجاته، والذي يستجيب لمطالبه، وبالنظر إلى من وقف بجانبه في مختلف المعارك التي خيضت.

وفي الختام، نجدد قولنا بأن ما لا يأتي بالنضال يأتي بمزيد من النضال فطريق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمساواة الفعلية طويل وشاق وحالك ولإضاءته وتعبيده نحتاج إلى الكد والاجتهاد والتضحية والعطاء، والصبر والاستمرار.

ولا يفوتنا أن نحيي عاليا شبابنا الذي يدفع عمره في المعتقلات ثمنا لنضاله عن القضايا العادلة والمشروعة، ونذكر في هذا الصدد معتقلي الريف وجرادة مطالبين بإطلاق سراحهم، مع دعوتنا الملحة إلى إنقاذ حياة الصحافي سليمان الريسوني الذي بلغ يومه 72 من الإضراب عن الطعام، نطالب بإطلاق سراحه هو والصحفي عمر الراضي، بالإضافة إلى مطالبتنا بإيقاف نزيف الاعتقالات التي تستهدف الأساتذة والممرضين وكل الغيورين على الوطن ممن احتجوا في وجه الريع والظلم والفساد، وناضلوا في سبيل الحصول على وطن يرعى مطامح شبابه، ويعطي لأفراده آمالا حقيقية تستجيب لما تنص عليه الحياة الديمقراطية التي يتوخاها شبابنا اليوم.