يونس الرفيق لـ”الديار”: هذه تفاصيل برنامج التنمية الجهوي الجديد وهكذا يتم توزيع المشاريع على الأقاليم

تحدث يونس الرفيق، النائب الأول لرئيس مجلس جهة فاس ـ مكناس، في هذا الحوار المطول الذي تنشره جريدة “الديار” في ثلاثة أجزاء، عن تفاصيل المخطط الجهوي للتنمية، والذي تم اعتماده مؤخرا. وقال إن برنامج التنمية الجهوية لم يغفل الشق الاجتماعي، حيث يحظى تقريبا بنفس الوزن والأهمية مقارنة مع الجانب الاقتصادي، عبر تخصيص ميزانيات مهمة للتعليم والتعليم العالي والصحة والتضامن الاجتماعي.

وعن التفاوت المجالي في توزيع مشاريع المخطط، رد النائب الأول لرئيس مجلس الجهة بأن  الهاجس الجغرافي او التوازن بين الأقاليم في برنامج التنمية الجهوية موجود، لكنه “ماشي بوحدو”. وذهب إلى أن الهدف هو التوفر على سياسة جهوية متكاملة، وذلك عبر توزيع المشاريع حسب خصوصيات كل إقليم.

  • تم مؤخرا اعتماد مخطط التنمية الجهوي لجهة فاس ـ مكناس، وقلتم بأن البرنامج يتسم بالشمولية. ما هي القيمة المضافة لهذا البرنامج؟ وما هي أهميته بالنسبة للجهة؟

أولا وقبل كل شيء، يجب التوضيح أن البرنامج المعتمد ليس برنامجا للجهة، وإنما هو برنامج بمتدخلين كثر، من بينهم مجلس جهة فاس مكناس. هذا التوضيح ضروري ومهم لأن العديد من المتتبعين يتحدثون على أن برامج مجلس الجهة مستقلة والوزارات لديها مشاريعها المستقلة والجماعات كذلك.

البرنامج يطلق عليه برنامج التنمية الجهوية وليس برنامج مجلس الجهة، وبالتالي فإنه يحتوي على جميع المشاريع التي تصب في التنمية عبر جميع الشراكات الممكنة، والدليل الرقمي على هذا هو مساهمة الجهة التي لا تتجاوز 8 ملايير ونصف من أصل 30 مليار، والفرق، أي أكثر من 22 مليار، يأتي من مساهمات من خارج مجلس الجهة.

هذه المسألة مهمة لسببين: أولا عبر استغلال الإمكانيات الممنوحة للجهة أو مجلس الجهة كرافعة للاستثمار العمومي، (بـ8 مليار تجلب 22 مليار أخرى)، وهذا دور مهم يقوم به مجلس الجهة.

ثانيا برنامج التنمية الجهوية يأخد بعين الاعتبار اختصاصات المجلس. وبالرجوع إليها نجد أن أول دور لمجلس الجهة هو التنمية الاقتصادية كأول اختصاص، وأستطيع أن أؤكد أن هذا البرنامج قدم اهتماما خاصا بالتنمية الاقتصادية في الجهة من خلال مجموعة من القطاعات المدرجة في دراسات متعددة، لعل أهمها خطة للمركز الجهوي للاستثمار، متعلقة بالتوجهات الاستراتيجية الاقتصادية للجهة، إضافة إلى السياسات القطاعية لمجموعة من الوزارات، تم إعدادها قبل برنامج التنمية الجهوية، والتي قدمت مجموعة “المخططات” التي تحظى بالأولوية وتتوفر على مستقبل اقتصادي على الصعيد الجهوي، نتج عنها مجموعة مهمة من المشاريع المهيكلة في مجال الأحياء الصناعية كمثال، وهو النقص الذي كانت تعاني منه الجهة. تقريبا “مكانت حتى حاجة!”، الآن جميع الأقاليم، بشكل أو بآخر تتوفر  إما على أحياء صناعية أو أحياء الأنشطة الاقتصادية والصناعية، حسب حجم كل إقليم طبعا، من أجل جلب الاستثمار.

هناك برنامج كبير لتطوير السياحة بشراكة مع وزارة السياحة بميزانية مهمة. وفي مجال الفلاحة، وبطبيعة الحال تبقى النشاط الرئيسي في الجهة، هناك شراكات مع وزارة الفلاحة.

نعم مساهمتنا بسيطة لكنها ستساهم مثلا في حماية أزيد من 4 آلاف هكتار من ضيعات الأشجار المثمرة الصغرى، التي لا يتوفر أصحابها على إمكانيات لتجهيزها ضد البرد (التبروري).

أما في ما يتعلق بالتجارة، فالجهة ركزت على تسويق المنتجات الفلاحية للمنطقة، عبر تطوير الأسواق الأسبوعية، كبديل عن الأسواق الحالية المتدهورة، في إطار مشروع كبير لوزارة الفلاحة، تنضاف إلى السوق الجهوي الكبير للجملة بمكناس، لتقريب السلع من التجار والمواطنين، بدل نقل السلع إلى أسواق الدار البيضاء وإعادة جلبها إلى الجهة من طرف التجار.

وكخلاصة لما سبق، يمكنني أن أؤكد على أن التوجه الاقتصادي كان حاضرا بقوة أثناء إعداد البرنامج التنموي للجهة، بنسبة بلغت تقريبا 26 في المائة، لأنه، ووفق قناعتي الشخصية، “الناس خاصها مناصب شغل ومورد رزق قار”.

بطبيعة الحال المواطنين في حاجة إلى طرق ومدارس ومستشفيات، لكنهم في المقابل في حاجة بشكل أقوى إلى انتعاشة اقتصادية.

ولهذا فإن برنامج التنمية الجهوية لم يغفل الشق الاجتماعي كذلك، حيث يحظى تقريبا بنفس الوزن والأهمية مقارنة مع الجانب الاقتصادي، عبر تخصيص ميزانيات مهمة للتعليم والتعليم العالي والصحة والتضامن الاجتماعي، بلغت تقريبا 26 في المائة كذلك من ميزانية البرنامج، من خلال إنشاء مستشفيات عديدة بجل أقاليم الجهة ومنشآت جامعية وبرامج تهم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

  •  تظهر أرقام المخطط، وفقا للمعطيات التي تم نشرها، بأن المدن الكبرى للجهة، ومنها أساسا فاس ومكناس، هي التي تستحوذ على نسب كبيرة من مشاريع واستثمارات المخطط. ألا يكرس هذا الوضع التفاوت المجالي بين مختلف مناطق وأقاليم الجهة؟

الهاجس الجغرافي او التوازن بين الأقاليم في برنامج التنمية الجهوية موجود، لكنه “ماشي بوحدو”، ببساطة لأن تدبير الدولة أو السياسات العمومية للدولة لا تعتمد على تسيير الميزانيات إقليميا، وإلا لما تم اعتماد نظام الجهة وتم الاكتفاء بالمجالس الإقليمية فقط.

الهدف هو أن نتوفر على سياسة جهوية متكاملة، وذلك عبر توزيع المشاريع حسب خصوصيات كل إقليم: المناطق السياحية نخلق بها مشاريع سياحية، والمناطق التي تحتاج إلى الصناعة نوفر بها مناطق صناعية.. وهكذا.

عندما نتحدث مثلا عن إقليم تاونات وإقليم مولاي يعقوب تقرر منح المستثمرين دعم يصل إلى 15 في المائة، حسب “ميثاق الاستثمار” المنجز على الصعيد الوطني. هذا القرار الهام يحتاج إلى مواكبة من طرف مجلس الجهة، من خلال تخصيص عقار للأنشطة الصناعية ودعم مساهمة الدولة، وهكذا تم إنجاز منطقة صناعية بمولاي يعقوب و3 بإقليم تاونات تتوزع بين الأنشطة الصناعية والاقتصادية.

في الميدان السياحي، ودائما حسب الدراسات الخاصة بتحديد الأولويات، تتوفر الجهة على مدن عتيقة، (فاس، صفرو، البهاليل، مكناس، تازة، ووليلي) بمؤهلات وإمكانيات طبيعية كبيرة، لكنها في حاجة إلى تنمية من أجل خلق فرص شغل لليد العاملة وتثمين الموروث الثقافي والطبيعي، إذ تتوفر الجهة على أكبر المنتزهات الطبيعية في المغرب (تازة وإفران).

والحديث عن الأنشطة الاقتصادية في الأقاليم يجرنا إلى “الخدمات اللوجيستية”، فمثلا مدينة فاس تتوفر على مناطق صناعية، لكنها لا تحتوي على “مناطق لوجيستيكية” لتجميع المنتجات، وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى اننا ورثنا فقط “غير الهدرة!” من المجلس السابق، فيما يخص بعض المشاريع الخاصة بـ”اللوجيستيك” بفاس ومولاي يعقوب.

وللأسف، حتى المنطقة الصناعية بمكناس “agropole” لا تتوفر على تجهيزات خاصة بالتخزين، بل حتى أرباب معامل “الكابلاج” يعانون من غياب “اللوجستيك”. نفس الوضع يمكن تنزيله على المناطق المزمع تدشينها بإقليم صفرو.

أما المناطق التي لا تتوفر على أي مؤهلات اقتصادية، فنستطيع التفكير في بدائل وحلول للنهوض بالمنطقة، وهنا يمكن تقديم حالة إقليم بولمان، الذي كان خارج الخريطة السياحية، لكن الإقليم لا يحتاج إلى خبرة كبيرة للتفكير في استغلال طقسها وطبيعتها، ومن هنا جاءت فكرة تطوير رياضة “القفز بالمظلات”، عبر 3 مشاريع، إضافة إلى مشروعين لحامات، برمجهما المجلس السابق والمجلس الحالي هو من يمولهما وينفذهما، طبعا مع خلق منطقة للأنشطة المتعلقة بالصناعة التقليدية.

يتبع..