فضيحة “سطو” على عقارات تتفجر في صفرو ووثائق “تختفي” من “الأوقاف”؟.. ضحية “مافيا العقار” يتهم أطرافا “نافذة” و”الديار” تنشر تفاصيل الملف
حضر إلى جنازة أحد معارفه المتوفين مؤخرا بمدينة صفرو. وأثناء تشييع الجنازة إلى مثواها الأخير بمقبرة بودرهم بطريق المنزل، سيفاجأ برؤية آليات ثقيلة لأحد المقاولين “تجزئ” إحدى القطع الأرضية التي يعتبر نفسه من المستفيدين الشرعيين منها.
هذه “الصدفة” ستكون بداية رحلة عبد اللطيف جبران، من ورثة عائلة المعزوزي المعروفة بمدينة صفرو، بين الإدارات والمؤسسات، من أجل جمع ملف ثقيل، تتوفر جريدة “الديار” على نسخة منه، قبل أن يطرق باب القضاء، عبر توجيه شكايات إلى كل من رئاسة النيابة العامة وإلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بصفرو.
كما وجه شكاية إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأخرى إلى وزير الداخلية، وإلى رئيسة المجلس الأعلى للحسابات. بالإضافة إلى مراسلته رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وحماية المال العام.
جبران في شكايته عدد 10177 الموجهة إلى رئاسة النيابة العامة، اتهم مجموعة من الأسماء بتهم ثقلية حددتها شكايته في “تكوين شبكة متخصصة في إحداث تجزئات سكنية فوق أراضي وقطع أشجار وإتلاف سواقي المياه حبسية” وكذلك بـ”المشاركة” في الحصول على شواهد إدارية مزورة وتغيير اسم قطع أرضية حبوسية لتسهيل عملية تحفيظ عقارات حبوسية والاستيلاء عليها واختلاس أموال عامة وخاصة”.
لكن، كيف تمت عملية السطو على هذه الأراضي و”تحفيظها”، علما أنها “معقبة” على الذكور دون الإناث “للتصرف لا للتملك”، حسب شكاية استعجالية موجهة إلى ناظر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بصفرو؟
عبد اللطيف جبران بنعبد السلام بنعمر بنقاسم بن طاهرة بنت العباس المعزوزي، قال إن المشتكى بهم، والذين حددهم في (ع.م) ومن معه، و(ي.ب) مقاول والممثل القانوني لشركة (V.P)، و(س.م)، و(أ.م)، ، و(ع.م)، و(ح.م.ع) منعش عقاري، و(ز.ع)، قاموا بالاستيلاء على مجموعة من الأراضي المحبسة وحصلوا على رخص تجزئتها دون الإدلاء بأي سند قانوني.
وقال المشتكي في تصريح لجريدة “الديار”، وفق روايته، إن المتهمين لم يقدموا أي عقد إراثة أو تملك، مشيرا إلى أن إحدى القطع الأرضية، من بين قطع أخرى موضوع شكايته، حصل المتهمون على إذن من محافظ صفرو انطلاقا من “عقد هبة” فقط.
وهو “عقد الهبة” الذي اعتمده أبناء (ع.م) الستة ربما من أجل طلب مطلب تحفيظ قطع أرضية (هند)، نتوفر على نسخة من “عقد هبة” 2400 متر مربع..
القطعة الأرضية المسماة “هند” بالإضافة إلى قطعتين ثانيتين، “لينا” و”عثمان”، المتواجدتين حسب عبد اللطيف جبران بطريق المنزل، صارت كائنة بحي “بنصفار” صفرو في عقد بيع “حقوق مشاعة” بين أبناء (ع.م) و(ي.ب) ممثلا لشركة (V .P).
“الخطير يضيف المشتكي، أن الموثق الذي حرر عقد البيع، نتوفر على نسخة منه، أكد في بند أصل التملك أن “البائع يملك العقار المبيع بموجب عقد عرفي مؤرخ في 17 مارس 2004 وغير مسجل”، مشددا على عبارة “غير مسجل” التي وضع حولها أكثر من علامة استفهام.
وحصل (ي.ب) بموجب عقد البيع، المحرر بمكتب موثق بتاريخ 28 أكتوبر 2016 والمسجل بصفرو بتاريخ 31 أكتوبر 2016، عن شركة (V.P)، على 50 % من الملك المسمى “هند” ومن الملك المسمى “لينا” وعلى 50 ٪ من الملك المسمى “عثمان” مقابل قيامه بتجزئة العقارات على نفقته، بما فيها 50 % الخاصة بأبناء (ع.م) والذين تنوب عنهم في العقد (م.م).
وأشار عبد اللطيف جبران في شكايته إلى أن ناظر صفرو قدم تعرضا من أجل عدم إتمام إجراءات التحفيظ لعدم توفر أي سند قانوني، مشيرا في نفس الوقت إلى أن محكمة النقض قضت بالاستجابة لتعرض ناظر الأحباس.
“وحيث إن محكمة النقض مشكورة أمرت بإجراء خبرة على القطع الأرضية المذكورة أعلاه المتعلقة بالملف الاستئنافي بفاس عدد 2020/1430/483 وملف رقم 19/1403/79. وملف لصالح التعرض 19/1403/78 موضوع مذكرة النقض بتاريخ 14 يوليوز 2021″، يورد المشتكي في شكايته إلى رئاسة النيابة العامة.
وأضاف جبران في السياق ذاته أنه تم إنشاء تجزئة في القطع الثلاث دون أي سند قانوني حيث قاموا بقطع الأشجار وهدم منزل كان مشيدا بهذه الأرض.
أين عقد الملكية؟ ولماذا اعتمدت المحافظة العقارية على “عقد هبة” فقط؟ أين باقي الورثة؟ أين “نصيب” الأوقاف؟ بل من المسؤول عن اختفاء ملف هذه الأراضي من نظارة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بصفرو!؟ يتساءل عبد اللطيف جبران، الذي قدم “عقد إراثة” يؤكد حقه في البقع المذكورة أعلاه.
وأفاد جبران، في نفس الوقت، أن الأمر سيتكرر في قطع أرضية أخرى، وبصيغ أخرى، حيث تم الاستيلاء عليها وتجزئتها دون أي سند قانوني، متحدثا عن عقارين، أحدهما تمت تجزئته قبل سنوات، وبه مقهى شهير بمنطقة سيدي بومدين، والآخر يدعى الحروشية ببنصفار، أشغال البناء جارية فيه.
ضحية التزوير، وفق تعبيره، اتهم أيضا (ع.م) مسؤول سياسي كبير ورئيس جهة، بالتورط ربما في الاستيلاء على قطعة أرضية بعيدا عن الورثة و”الأحباس”، حسب جرد القطع الأرضية المضمنة بعقد الإراثة والتي تفوق 38 قطعة أرضية حبسية، تمت تجزئتها منذ مدة.
نفس الأمر سيقع مع القطعة الأرضية الثالثة، يتابع المشتكي، مشيرا إلى أن الارض المسماة “الحروشية” تم تغيير اسمها إلى “حروشة” وتمت تجزئتها من طرف (م.س) بدون سند وبعقود شراء مزورة وغير قانونية وبدون وجه حق، وفق تعبيره.
ولم يفت مصدر جريدة “الديار” الإشارة إلى الأثمنة الزهيدة التي يتم تسجيلها في العقود التي يتم تحريرها، مشددا على انها لا تعكس الواقع، وان هذه الأراضي درت على أصحابها ملايير الدراهم.
وفي الوقت الذي طالب فيه رئاسة النيابة العامة بإعطاء تعليماتها إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالتحقيق في تفاصيل ما جاء في شكايته، لجأ عبد اللطيف جبران أيضا إلى تقديم دعوى استعجالية بالمحكمة الابتدائية لصفرو من أجل توقيف الرخص، ستنظر فيها المحكمة غذا الثلاثاء، بعد تأجيل أول جلسة (1 غشت الماضي) لعدم توصل بعض المشتكى بهم بالاستدعاء. تعذر أرجعه المتحدث نفسه إلى “العناوين الوهمية” لشركات.
وكانت جريدة “الديار” قد حصلت على معطيات “صادمة”، قبل سنة و5 أشهر، حول ما اعتبرته مصادرها “سطوا” على أملاك وحقوق وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمدينة صفرو، من طرف بعض المقاولين وبعض المنعشين العقاريين. حيث تم توقيف الترخيص لإحدى التجزئات التي تطرق إليها المقال. كما أشارت إلى تجزئة اخرى أحد أطرافها متهم في شكاية عبد اللطيف جبران.
“السطو” على أملاك الأحباس بصفرو؟.. “مُلاك” و”مقاولون” و”سماسرة” في قفص الاتهام