“زلزال” بمديرية التعليم بصفرو.. “الديار” تكشف النقاب عن “شبهات” في الصفقات والتدبير ومطالب بفتح تحقيق (4)

كشفت الجامعة الوطنية للتعليم التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل بصفرو، في مراسلات موجهة إلى كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والمفتش العام للشؤون المالية والإدارية، وإلى المجلس الأعلى للحسابات، (كشفت) عن معطيات “خطيرة” تخص صفقات حراس الأمن والنظافة والإطعام وأشغال البناء، بالإضافة إلى “شبهات محسوبية” في تدبير الموارد البشرية. ودعت المراسلة التي تنفرد جريدة “الديار” بنشر أبرز مضامينها، إلى إيفاد لجان مركزية لإجراء تحقيق دقيق ومفصل.  وقالت الجامعة إن التحقيق يجب أن يشمل مختلف الصفقات وطلبيات العروض التي أبرمتها مديرية إقليم صفرو في الفترة الممتدة بين 2018 و2022، وكذلك جميع صفقات وطلبات عروض 2022 إلى تلك الممتدة في السنة الجارية.

الجزء الرابع: صفقات الإطعام المدرسي

لم تقتصر “شبهات” التلاعب التي فجرتها الجامعة الوطنية للتعليم التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، بمديرية التعليم بإقليم صفرو، عن صفقات حراسة الأمن الخاص وعاملات النظافة، والأدوية والتجهيزات المكتبية، وقنينات الغاز وحطب التدفئة. فقد كشفت “الجامعة” في مراسلة طلب إيفاد لجنة مركزية للتحقيق والتي أبرقتها لكل من شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والمفتش العام للشؤون المالية والإدارية، وزينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، عن معطيات مثيرة حول صفقات الإطعام المدرسي.
وضمن هذه المعطيات التي تخص صفقة الاطعام المدرسي أوردت بأنه في بداية الموسم الدراسي 2021/2022 استهلكت داخلية ثانوية بئر أنزران التأهيلية كمية كبيرة جدا من المواد الغذائية أكبر بكثير مما يغطي حاجيات التلاميذ الممنوحين منذ بداية شهر شتنبر 2021 إلى غاية 08 نونبر 2021.
وذكرت أن الصفقة رقم32/2022/sef الخاصة بتموين مطاعم المدارس الابتدائية، رست على مقاولة يوجد مقرها بمدينة أكادير. لكن اللافت، حسب التفاصيل التي جاءت في هذه المراسلة التي هزت مديرية التعليم بإقليم صفرو، أن الشركة المناولة لم تقم بتسليم المواد المتضمنة في الصفقة للمدارس الابتدائية المعنية بالإطعام إلا نهاية الأسبوع الأول من شهر نونبر 2022 عوض الأسبوع الأول من شهر شتنبر 2022.
وسجلت الجامعة الوطنية للتعليم تأخر المقاولة في توريد وتسليم المواد المتضمنة في دفتر تحملات هذه الصفقة، مشيرة إلى أن ذلك حرم تلاميذ المؤسسات المعنية (49 مؤسسة) من حقهم في حصص الطعام لأكثر من 50% من مجمل أيام الإطعام.
ومن أخطر ما تضمنته ملاحظات النقابة، حديثها عن توريد وتسليم دقيق تنتهي صلاحيته قبل نهاية شهر دجنبر 2022 وبكمية تتجاوز بكثير عدد الحصص اليومية المخصصة لكل تلميذ. وتساءلت، في هذا الصدد، عن مصير كمية الدقيق غير المستعمل المنتهي الصلاحية.
كما ذهبت إلى عدم تطابق عدد المستفيدين في الصفقة (أحيانا الضعف) مع العدد الفعلي للمستفيدين من الإطعام المدرسي المسجل بالمؤسسات المعنية. وتساءلت، أيضا، في هذا الصدد، عن مصير الفائض من الحصص الغذائية، بعدما اعتبرت أن جميع مراكز المجموعات المدرسية لا تتوفر على مخازن لهذه المواد وفق شروط السلامة الصحية، وهو ما قد يسرع بفساد المواد الغذائية، كما أوضحت أن الوحدات المدرسية (فرعيات) التابعة لهذه المؤسسات لا تتوفر على مخازن نهائيا بل يتم غالبا إيداع هذه المواد في عهدة الطباخات ضدا على القانون.
وذهبت إلى أن إعداد الخبز للمستفيدين من المطعم يتم من خلال طريقتين، الأولى يتم فيها توريد الدقيق للمؤسسات النائية والبعيدة عن المراكز الحضرية. وسجلت في هذا الصدد أن جودته “رديئة” تخالف شروط الصفقة، ومدة صلاحيته قصيرة بالمقارنة مع مدة الإطعام، وفق تعبير المراسلة، ويعمد مدراء هذه المؤسسات إلى إعطاء هذا الدقيق لمخبزات خاصة من أجل اعداد الخبر للمستفيدين من الإطعام المدرسي مقابل أجر يأخذه أرباب هذه المخابز من الدقيق.
أما الطريقة الثانية، فتتوصل المخابز بكميات من الدقيق او شيكات من المورد الذي رست عليه الصفقة أو من يمثله، من أجل اقتناء الدقيق لإعداد الخبز، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المخابز تخصص جزءا مهما من هذا الدقيق مقابل تزويد المؤسسات بالخبز. ولاحظت النقابة، في هذا الإطار، أن المورد لا يتوفر على مخازن لتخزين هذه الكميات الكبيرة من الدقيق يدفعه إلى تغيير بنود الصفقة بموافقة رئيس مصلحة المالية والشؤون الإدارية.
وليست هذه الصفقة وحدها التي أثارت ملاحظات النقابة، فقد قدمت معطيات أخرى مثيرة حول صفقة الاطعام المدرسي الخاص بالثانوي بسلكيه 2022/2023. وقالت، وهي توضح هذه المعطيات بأن صفقة 30/2022/Sef خاصة بإطعام ممنوحي الداخليات ومطاعم مؤسسات التعليمية، رست الصفقة على مقاولة يوجد مقرها بمدينة فاس. وهناك صفقة أخرى تحمل رقم 31/2022/Sef خاصة بالإطعام بالداخليات ومطاعم مؤسسات التعليمية، رست الصفقة على مقاولة يوجد مقرها بمدينة تمارة.
ودعت، بخصوص الصفقتين، إلى فتح تحقيق في مدى تطابق الحصص الغذائية كما هي واردة في دفتر تحملات الصفقة مع ما يقدم للتلاميذ الممنوحين في الواقع. كما طالبت بفتح تحقيق في مدى احترام المقاولة الموردة لشروط الصفقة فيما يخص كمية الحصص الغذائية ونوعيتها (premier choix) وجودتها وظروف الشحن والتفريغ وتخزين هذه المواد.
وأشارت إلى أن التحقيق يجب أن يشمل كذلك مصير المواد الغذائية التي تقدمها المقاولات المتبارية على الصفقة كعينات قبل الحصول على الصفقة وكذلك الضمانات التي تقدمها هذه المقاولات (خاصة التي تقصى من الصفقة)؛ والتحقيق في مدى تستر مصلحة المالية والشؤون الإدارية على تلاعبات المقاولين لمضامين الصفقة (CPS)، وذكرت، في هذا الصدد، أن المسؤول المعني بالمراقبة والتتبع لا يقوم بدوره في تتبع ومراقبة تنفيد شروط الصفقات على اختلاف أنواعها، ولا يوقع على الخدمات المنجزة إلا تلك التي ترتبط بالمواد القابلة للاستهلاك (Consommables).
وذهبت إلى إن إحدى المقاولات المعنية هي نفسها التي نفذت صفقة رقم 27/2019 المتعلقة بعاملات النظافة. واقترحت أن يشمل التحقيق هوية أرباب هذه المقاولات لـ”التأكد من عدم استفادة عدة مقاولات مختلفة التسمية من الصفقات والتي قد تعود ملكيتها لنفس الأشخاص والشركاء واحتمال قيام هذه المقاولات بتبادل الأدوار فيما بينها من أجل نيل هذه الصفقات منعا لتحقيق مبدأ المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص.”
وتطرقت المراسلة إلى صفقة أخرى في طور التجريب تخص المطعمة. وأوضحت أن المديرية قررت خوض تجربة المطعمة في السلك الثانوي التأهيلي، غير أن هذه التجربة شملت المدرسة الجماعاتية سيدي لحسن في خطوة غير مفهومة، خاصة وأن هذه المدرسة حديثة العهد والتي تم افتتاحها قبل الأوان استجابة لصفقة سياسية، بحسب تعبير المراسلة. ودعت، في هذا الإطار، إلى فتح تحقيق في هذه الصفقة والعقد المبرم مع هذه الشركة، “علما أن اختيار هذه المدرسة الجماعاتية جاء للتغطية على ما استهلكته داخلية ثانوية بئر أنزران التأهيلية من كمية كبيرة جدا من المواد الغذائية أكبر بكثير مما يغطي حاجيات التلاميذ الممنوحين منذ بداية شهر شتنبر 2021 إلى غاية 08 نونبر 2021”.

(يتبع)

جريدة “الديار” تضع رهن إشارتكم رابط أجزاء “فضيحة” التدبير بمديرية التعليم بصفرو:

(1) صفقات حراس الأمن.. “تلاعب” بدفاتر تحملات و”تسخير” للعمال و”حرمان” من الحقوق بـ”تواطؤ” مع مسؤول

(2) مسؤول «يحابي» شركة لتوظيفها أخته؟.. «تسخير» للعاملات و«حرمانهن» من الأجور والحقوق و«تعريضهن» للخطر في صفقات النظافة

(3) صفقات حطب التدفئة وغاز البوتان والمواد المكتبية والأدوية.. هدر للمال العام وغياب للجودة و«شبهات تواطؤ» مع المصلحة المالية والإدارية