“خيانة” و”إغراءات” و”كذب”.. التفاصيل الكاملة لـ”حرب التحالفات” لرئاسة جماعة صفرو

“من يريد أن يخدم مدينته، سيفعل ذلك سواء كان رئيسا أو نائبا أو من أي موقع !”.. كلمات لخص بها فؤاد بوشامة، وكيل لائحة حزب “الرسالة” للانتخابات الجماعية لمدينة صفرو، حالة الفوضى العارمة التي خلفتها مباحثات تشكيل التحالفات لتسيير المجلس الجماعي لمدينة صفرو.

جريدة “الديار” تضع “تحت المجهر” المسلسل “التركي” لهذه “التحالفات”، وتكشف عن تفاصيل، “الطمع” و”الخيانة” و”الإغراءات” و”اللعب على الحبلين” ودور “جهات”، مهدت الطريق لحصول حزب التجمع الوطني للأحرار على الأغلبية وقيادته المجلس للفترة ما بين 2021 و2027. كما تقدم رواية “المتهم الأول” بعدم الالتزام بـ”ميثاق شرف” تم توقيعه قبل الانتخابات.

“تحالف قبلي”

قبل 10 أيام تقريبا من 8 شتنبر 2021، تاريخ إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية، قررت مجموعة من الهيئات، حزب الاستقلال (الميزان) والاتحاد الاشتراكي (الوردة) والحركة الشعبية (السنبلة) والتقدم والاشتراكية (الكتاب) وحزب النهضة والفضيلة (الشمس) وفيدرالية تحالف اليسار (الرسالة) ولائحتي “اللامنتمي” الخاصة بـ(الكرسي) و(العداء)، قبل أن تنضاف إليهم لائحة العدالة والتنمية (المصباح).

هذا التحالف قرر، حسب مصادر لجريدة “الديار”، أن يوقع على “ميثاق شرف”، نص في بنوده على الالتزام بالقانون واحترام المنافسة الشريفة خلال الحملة الانتخابية.

كما شدد “الميثاق” على اختيار الرئيس المقبل للمجلس الجماعي لصفرو من الهيئة صاحبة المركز الأول في الانتخابات، مع اللجوء إلى عدد الأصوات في حالة تساوي الهيئات في عدد المقاعد المحصل عليها.

ظهور النتائج

مباشرة بعد ظهور النتائج، يوم الخميس 9 شتنبر، والتي أعطت للائحة الوفاق (الكرسي) المرتبة الأولى في “الهيئات المتحالفة” وعدم نجاح لائحة أمين أحمد كمال (الشمس)، انتقل أعضاء “التحالف” إلى مدينة فاس للقاء زكريا ونزار، وكيل لائحة “الميزان” لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق والإعلان عن الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي وفق “ميثاق الشرف” الذي تم توقيعه من طرف الهيئات السابقة بكامل إرادتها.

مصادرنا كشفت، حول تفاصيل هذا اللقاء، أن الجميع أصر على الالتزام ببنود “الاتفاقية”، ومنح الرئاسة لرشيد أحمد الشريف، وكيل لائحة “الكرسي”، باستثناء زكرياء ونزار الذي انطلق في الحديث عن خروقات سجلها، خلال الحملة الانتخابية، ضد هيئات من التحالف وأخرى تورطت فيها لائحة حفيظ وشاك، وكيل لائحة حزب التجمع الوطني للأحرار، مبرزا أنه مستعد لرفع طعون في الموضوع.

وفي نفس الوقت، أبرزت المصادر نفسها، أن وكيل لائحة “الاستقلال” عبر عن استعداده التنازل عن النيابة لفائدة وكيلة اللائحة النسوية مع وعد بالاستقالة بعد انتخاب المكتب المسير لفسح المجال لرضوان الفرودي، الكاتب المحلي لحزب الاستقلال، لدخول المجلس.

“انتهى اللقاء على أمل اللقاء مساء بمنزل رشيد أحمد الشريف لمتابعة الترتيبات ووضع اللمسات الأخيرة على التحالف”، تضيف مصادرنا، قبل أن تتابع مسترسلة “يفاجأ الجميع باعتذار ونزار عن الحضور مع بعثه رسالة للاجتماع تتلخص في مراجعة “الميثاق” ومناقشة موضوع الرئاسة من جديد”.

“بداية النهاية”

تغيب زكرياء ونزار عن اجتماع مساء يوم ظهور نتائج الانتخابات فتح الباب على مصراعيه أمام اتهامات بـ”الخيانة” و”عدم الالتزام”، وفق تعبير المصادر ذاتها، مؤكدة أنه تم التواصل مع وكيل لائحة حزب الاشتراكي الموحد (الشمعة) ووكيل لائحة حزب جبهة القوى الديمقراطية (الزيتون) لتعزيز “التحالف” ولتعويض “مستشاري الميزان” في حالة تمسكهم بالانسحاب.

وفي الوقت الذي عبر عادل شرف (الزيتون) عن استعداده الانخراط في التحالف، أوضح كمال أحرشاو لمفاوضيه أنه غير مستعد للاشتغال مع رئيس “لا منتمي” وبدون خلفية سياسية، قبل أن يؤكد على ضرورة الرجوع إلى الهياكل التنظيمية داخل حزبه قبل الرد النهائي على مقترح انخراطه في “التحالف”.

في هذه الأثناء، كان زكرياء ونزار يجوب أزقة وشوارع مدينة صفرو، وفق ما عاينته جريدة “الديار”، بل لم يجد حرجا في التوقف قريبا من بيت آل أحمد الشريف، بالقلعة، في انتظار انتهاء الاجتماع.

“إعلان الحرب”

انتهى لقاء ليلة ظهور الانتخابات، وهو الذي أطلق فيه فؤاد بوشامة، وكيل لائحة “الرسالة” قولته: “من يريد أن يخدم مدينته، سيفعل ذلك سواء كان رئيسا أو نائبا للرئيس أو من أي موقع” والتي أكد من خلالها التزامه بالميثاق مهما كانت التطورات، (انتهى) بالاتفاق على القيام بمحاولة إقناع زكرياء ونزار، مرة أخرى، بعدم الانسحاب والتخلي عن “تعنته”، وفق تعبير مصادرنا.

خطوة إقناع وكيل لائحة الميزان تمت ترجمتها مباشرة صباح اليوم الثاني من ظهور النتائج (الجمعة)، بعقد لقاء معه لمحاولة إقناعه بالتراجع عن الانسحاب والالتزام بـ”ميثاق الشرف”، خصوصا أن مقترح عودة الرئاسة لصاحب المركز الأول كانت من اقتراحه، تورد مصادر جريدة “الديار”.

ماذا كان رد ونزار خلال هذا اللقاء؟ مصادر جريدة “الديار” شددت على أن وكيل لائحة الميزان كان حاسما في جوابه والذي قدمه كالآتي” :لا أرى نفسي في غير موقع الرئيس!”.

“هذا الجواب، تقول مصادرنا، كان بمثابة الإعلان عن انطلاق “حرب الاستقطابات””، موضحة أنه مباشرة بعد هذا الاجتماع تأجج الصراع بين “تحالف أحمد الشريف” و”تحالف ونزار”، الذي انطلق في تشكيله، بدعم من “جهات معينة”، لم تحددها، تستطرد المصادر نفسها، بسبب تحفظها على رشيد أحمد الشريف من جهة، وبسبب العدالة والتنمية، من جهة ثانية.

“اختطاف” و”إغراءات”

حرب تشكيل “الأغلبية” بين تيار رشيد أحمد الشريف وتيار ونزار عرفت مدا وجزرا طيلة عشية يوم الجمعة الماضي، بعد لعب بعض الأطراف السياسية على الحبلين، والتي تم تحديدها في العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، الذي التحق وكيلها بـ”تجمع ونزار” بإحدى الضيعات بمنطقة العنوصر، في الوقت الذي كلف أخاه بالتفاوض مع الجانب الآخر.

“التبرهيش السياسي” لم يقتصر فقط على حالتي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، التي أكد وكيلها المدعو عبد الحق شاكر العلوي لـ”تحالف أحمد الشريف” أنه “معقود من لسانه”، أي أنه ملتزم بما تم الاتفاق حوله، في الوقت الذي كان يفاوض فيه زكرياء ونزار، قبل أن يعود أدراجه لأسباب لا يعلمها إلا هو، تشرح مصادرنا، مع تسجيل “رحيل” عبد الطيف بوشارب، ثاني لائحة حزب الوردة مع “المهاجرين” إلى ونزار.

وعرف هذا اليوم مواقف طريفة، لعل أبرزها اتصال “تحالف لائحة الكرسي” بوكيل لائحة الزيتون، الذي سبق أن أعطى “الكلمة” بالالتحاق بهم، ليخبرهم أنه في مدينة فاس لإجراء فحص “IRM” لأحد أفراد عائلته، بينما هو يتواجد في “أوبيرج العنوصر” قبل أن يغلق هاتفه وينطلق في السباحة.

وقالت مصادر جريدة “الديار” أن “حمى “الاستقطابات” وترحيل المنتخبين إلى “ضيعة العنوصر” عرفت تدخلا من “رجل أعمال” ليضع له موطئ قدم داخل المجلس المقبل، وهو المعروف وسط صفرو بمصدر ثروته “المشبوه”، وتبجحه “المقزز”، أمام الجميع في مقهاه، بـ”رشوة” كل مسؤولي جهة فاس مكناس، تقريبا، انطلاقا من رئيس المجلس السابق إلى شخصيات في الإدارات العمومية التي لها علاقة بمجال اشتغاله، مرورا برجال السلطة والقضاء ومسؤولي الوقاية المدينة.

وأوردت المصادر ذاتها، في هذا السياق، أن هذا الشخص لم يجد حرجا في “النصب” على وكيلة لائحة “الرسالة” بغرض تنقيلها إلى “ضيعة العنوصر” حيث تم تجميع “تحالف ونزار”، مشيرة على أنه تركها أولا مع زوجته قبل أن تأتي سيارة لنقلها إلى “العنوصر” حيث لم تجد وكيل لائحتها الذي قيل لها أنه موجود هناك وينتظرها.

هذه العملية التي وصفتها مصادرنا بـ”الاختطاف” كادت أن تتطور إلى الأسوأ بعد إصرار مونية ظريف على الخروج من “الضيعة” والرجوع إلى مدينة صفرو، خصوصا بعد أن لاحظت وجود مصطفى خمريش، الذي يعتبر خطا أحمر بالنسبة لهم في حزب “الرسالة”، رغم “الإغراءات” التي شرع الشخص “الكذاب”، وفق تعبيرها، في إطلاقها على مسامعها على أمل إقناعها بالبقاء.

إصرار مرشحة “الرسالة” على الانسحاب سيزداد بعد اتصالها بوكيل لائحتها الذي أكد لها أنه لن يتراجع عن التزامه مع “تحالف أحمد الشريف”، احتراما لمبادئه، مطالبا إياها بالانسحاب من هناك، وفي حالة احتجازهم لها، قصرا، سيتصل بالدرك الملكي، لتقطع مسافة طويلة مشيا على الأقدام قبل أن يتم اللحاق بها لإيصالها إلى صفرو مع التعبير عن السخط من معرفتها لمكان تجمعهم.

“قلب الكار”

تطورات عملية “الاستقطابات” وضعت “تحالف أحمد الشريف” في موقف حرج، إثر لعب العدالة والتنمية على الحبلين ورفض الباقي التواصل مع أعضاء “الفريق”، جعلت رشيد أحمد الشريف يقترح “التنازل” عن الرئاسة لشخصية حزبية لاستقطاب مستشاري الاشتراكي الموحد، كحل أول، قبل أن يتم التوافق حول “قلب الكار” جهة عبد الحفيظ وشاك، وكيل لائحة التجمع الوطني للأحرار لقطع الطريق على تحالف ونزار، خصوصا أنه يضم أشخاصا لا يستحقون التواجد في البلدية، فبالأحرى تسييرها، تعلق مصادر جريدة “الديار”.

هذا القرار خلق استنفارا وسط مدينة صفرو، بعد توقيع بيان إلى الرأي العام الصفريوي حول “التحالف الجديد” الذي يقوده وشاك، والذي تم تعزيزه بعد التحاق الحزب الاشتراكي الموحد (الشمعة) وحزب الوحدة والديموقراطية (الصنبور) وحزب البيئة والتنمية المستدامة (الغزالة).

ونزار يوضح

كشف زكرياء ونزار، وكيل لائحة حزب الاستقلال والمتهم بـ”الطمع” في رئاسة الجماعة ضدا على “ميثاق” التحالف، أنه لم ينسحب من “التحالف” إلا بعد رفض الجميع الرجوع إلى أول بند في الاتفاقية، والذي ينص على احترام الالتزام بالمنافسة الشريفة وقانون الانتخابات، وهو ما لم تلتزم به إحدى اللوائح، حسب قوله، معلنا عن عزمه الطعن في هذه اللائحة أمام المؤسسات المعنية.

وأضاف ونزار، في تصريح لجريدة “الديار”، أن الميثاق تم توقيعه من أجل تطبيق جميع بنوده وليس البند الذي ينص على الرئاسة فقط، موضحا انه طالب، لمرتين مناقشة الموضوع قبل دراسة موضوع الرئاسة، دون أن يلقى استجابة، قبل أن يشدد على أنه كان ينتظر ردا حول مقترحه الذي أعاد تكراره أمام محاوريه صباح يوم الجمعة ليفاجأ بهم ينطلقون في عقد اتصالات مع بعض الهيئات السياسية لتعزيز “تحالفهم” على حساب حزب “الميزان”.

وأفاد المتحدث نفسه أنه أمام تجاهلهم الرد على مقترحه، وانخراطهم في “الاستقطاب” ولقاء المرشح المحتمل للرئاسة بحفيظ وشاك، قمت بالتحرك، من جانبي لخلق تحالف، وهو حقي الطبيعي كباقي المنتخبين، وكنا قاب قويسن أو أدنى من خلق أغلبية مريحة، لولا تراجع “الخوانجية”، وتدخل “جهات” أخرى على الخط، لم يحددها هو الآخر.

وعن حادثة “اختطاف” وكيلة اللائحة النسائية لحزب “الرسالة”، أبرز مصدرنا أنه لا علاقة تربطه بالموضوع، باستثناء لقاء جمعهما قبل النازلة حيث عبرت فيه عن رغبتها في الالتحاق بالمجموعةبعد اقتناعها بمشروعه، وحضورها مكان الاجتماع يدخل في هذا الإطار، قبل أن تعبر عن رغبتها في الانسحاب، وهذا حقها طبعا.