ياسر منينة يكتب عن القاسم الانتخابي

قبل شهور قليلة تفصلنا عن الاستحقاقات الانتخابية، لا تسمع حديثا آخر داخل الأحزاب سوى حديث الحملة الانتخابية وكيفية خوض غمارها.

هذه الاستحقاقات التي قد تشهد جدلا واسعا لم يسبق له مثيل في تاريخ الانتخابات المغربية، نظرا للزخم الكبير الذي تعرفه بلادنا من حيث الأحداث والمجريات.

في خضم هذه الأحداث خرج البرلمان المغربي بـ”فزاعة” ألقاها في وجه الأحزاب، أحدثت زوبعة، إن جاز التعبير، لن تهدأ سريعا، ألا وهي القاسم الانتخابي. هذا القاسم الغريب نوعا ما أثار استهجان فئة قليلة من السياسيين فيما أثلج صدور فئة كبيرة منهم.

التعديل الذي أقره البرلمان بشأن القاسم الانتخابي سيفتح الباب أمام الأحزاب المغمورة لمنافسة الأحزاب التي غالبا ما يكون لها نصيب الأسد من المقاعد البرلمانية وسيمكنها من الحصول هي أيضا على حصتها من الكعكة الانتخابية رغم حصولها على عدد أقل من أصوات الناخبين.

لن أخوض في غمار الحسابات والاحتمالات من أجل تفسير وشرح القاسم الجديد وإنما سأسلط الضوء على بعض من السيناريوهات التي من الممكن أن تقع بسببه.

تفشي المال الفاسد

لا يمكن أن تمر انتخابات ما دون أن يثار موضوع الفساد فيها وشراء الذمم، حيث يلعب المال الفاسد دورا مهما في حصول البعض على مقعده في البرلمان، حتى أن بعضهم يكون متأكدا من نجاحه حتى قبل أن يبدأ الاقتراع، ومع التعديل الأخير الذي قد يتيح لمن لم يحصل على عدد كبير من الأصوات أن يفوز بمقعد ما، فقد تفتح شهية الكثيرين لاستعمال المال الفاسد باعتباره الطريقة السهلة والناجعة، وذلك عن طريق استغلال السذاجة أو الحاجة عند كثير من المصوتين.

بلوكاج جديد

مع احتمالية حصول عدد كبير من الأحزاب على مقاعد في البرلمان، واستحالة حصول حزب واحد أو حتى حزبين على الأغلبية، قد تشهد مشاورات تشكيل الأغلبية أشواطا واجتماعات قد تطول لفترة كبيرة، معيدة للأذهان ما حصل في الانتخابات السابقة حيث استمرت المشاورات لعدة أشهر، وما خلفه ذلك التأخر من خسائر على عدة أصعدة.

“كلها كيضرب على عرامو”

إذا كانت مشاورات تشكيل الأغلبية ستأخذ مسارا طويلا فقد ينعكس ذلك على أداء الحكومة الجديدة أيضا، نظرا لتعدد التوجهات السياسية واختلاف البرامج الانتخابية والأولويات المسطرة لدى الأحزاب، وقد شاهدنا ذلك بأم أعيننا في التجربة الحالية بوجود ستة أحزاب في الأغلبية، وعدم وقوفهم على قلب رجل واحد في عديد من القضايا، مما سيؤثر بشكل سلبي على الإصلاحات والمشاريع التي يجب تنفيذها بأسرع وقت، فالحالة التي تعيشها كثير من الأسر جراء الأزمة التي ضربت ولا زالت تضرب عدة قطاعات حيوية بسبب الوباء أصبحت مزرية، ويجب إيجاد حل سريع لمعاناتهم.

قد لا يحدث هذا كله وقد يعود القاسم الانتخابي الجديد بالنفع على المغاربة نظرا لإتاحته الفرصة لظهور وجوه جديدة في مناصب اتخاذ القرار، بدل الوجوه التي ألفها المغاربة التي لم تقدم الشيء الكثير وظلت إنجازاتها محتشمة أمام التحديات. ما هو مؤكد أن المسؤولية التي ستقع على الحكومة الجديدة بغض النظر عن مكوناتها ستكون كبيرة، وسيكون عليها مواجهة الكثير من التحديات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها في سبيل تحقيق التنمية، ويبقى المواطن البسيط هو الحلقة الأضعف بحيث يدفع ثمن تضارب الأحزاب فيما بينها، واستغلال “البعض” لمناصب النفوذ من أجل المصلحة الخاصة بدل العامة. “الله يهديهم علينا”