محمد كمال المريني يكتب: الممالك العجيبة بمدينة صفرو السعيدة.. السينما وأشياء أخرى ‎

يتداول المجلس الجماعي لمدينة صفرو في جلسته ” العلنية ” اليوم الأربعاء  03 فبراير 2021 في التراجع عن مقرر المجلس عدد115بتاريخ20مارس 2017 والمتعلق بإقتناء سينما المغرب العربي. وهي بالمناسبة السينما الوحيدة المتبقية في المدينة بعد تحويل الثانية إلى فضاء تجاري لوكالة بنكية.

1 طمس الذاكرة
ليس في ذهني أن أسترجع سينما حب الملوك وسينما المغرب العربي بنفس الحنين للزمن الجميل والمدينة الجميلة التي كانتها مدينتي، لن أتذكر الفضائين وهما يحتضنان أنشطة النادي السينمائي عضو الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، ولا ركح سينما المغرب العربي والعروض الفنية والسهرات التي قدمت عليه من فرق مسرحية نجوم المسرح والموسيقى مثلا ،وفرقة المسرح البلدي والإذاعة المغربية ( آخر عرض اسمتعت به في ذات السينما مسرحية القمح المبشور للفقيد أمين النقراشي بمشاركة عبد الله ديدان، كنزة فريدو وآخرون ) وفيها غنينا حتى بحت أصواتنا مع ناس الغيوان وفرقة الرائد ،خشبة تناوب على التمثيل عليها الجندى وعبد الرؤوف وشدا عليها عبد الوهاب الدكالي، وشهدت تجمعات خطابية عديدة من رموز العمل السياسي …فضاء من هذا العيار لا حق له بالبقاء في مدينة تتحول يوما على صدر يوم إلى ما لا يشبهها تماما ،وكما اندثرت حقول واحة صفرو، حدائق حديقة المغرب، فنادق المدينة… لا ضير إعدام منابع الجمال وملتقيات أهل صفرو : مقهى باب المقام، المسبح البلدي، ملعب الكرة الحديدية، ملعب الغولف الصغير، أبواب المدينة وأبراجها… القائمة طويلة مما فقدتة صفرو التي كانت، لا بأس من طمس معالم المدينةواجثتات ذاكرتها، فالمدينة “تبدونت” ولا ضير إم مسحت ذاكرتها..

2 اقتناء السينما هدر لميزانية المدينة بحاجة إليها خاصة مع البدائل الواردة
هذا ما يردده المتحمسون للتراجع عن المقرر الجماعي القاضي بإقتناء السينما، وهو رأي يحترم بالنظر للميزانية الإستثنائية المعتمدة تحت ظروف كورونا بالرغم من احتمال مجانبته للصواب على أكثر من مستوى، وبغض النظر عن القيمة المادية للوعاء العقاري أوقيمته الرمزية، أجدني ميالا لإعتبار موقف الرافضين للإقتناء ومنهم من استماتوا من أجل شراء السينما مجانبا للصواب، فالبدائل المتاحة ما زالت في علم الغيب ومن هم من وراء حجاب.

فالقاعة المتعددة الوسائط والتي انطلقت الأشغال فيها على عهد الملك الراحل لم تصل إلى مرحلة التسليم النهائي la réception définitive، وهي بهذا المعنى لم تنته الأشغال بها قانونيا، أما تجهيزها فيبدو مستحيلا بالنظر للميزانية الإستثنائية بشكل عام وبحكم برمجة تجهيزها في باب واحد يشمل تجهيزها وتجهيز قاعة الندوات لبلدية صفرو وتجهيز سينما المغرب العربي، أما مشروع بناء المركب الثقافي فهو الآخر ما يزال في الغيب بالرغم من رسو صفقة إنشائه على مقاولة، وحصولها على رخصة البناء فإن عمليات البناء والتشييد لم تر النور بعد في وقت تكاد أشغال بناء مراكز ثقافية بالجهة تكاد أن تنتهي أو قطعت مراحل كبيرة في الإنجاز، المركز الثقافي لتاونات مثلا.

الراغبون في إلغاء مقرر اقتناء سينما المغرب العربي يروجون لأطروحة أن القاعة المتعددة الوسائط ومشروع المركز الثقافي كافيان لتلبية الحاجة لمؤسسات موجهة للشباب وهو ما يتناقض مع تصريحات شابات وشباب مدينة صفرو المعبر عنه في “كبسولات” ومواقف كثيرة تم تداولها في مواقع التواصل الإجتماعي واليوتوب، فالعرض من الفضاءات الموجهة للشباب جد متواضع بالنظر لمساحة المدينة وعدد السكان، فالفضاءات التي من الممكن أن تستقبل تداريب فنون العرض والفرجة مثلا بمدينة صفرو لا تتعدى بنيتين هما دار الشباب طارق بن زياد والمركز الإجتماعي لدعم قدرات الشباب، وهي فضاءات أقل من النصف في مدينة تقارب صفرو من حيث المساحة وتقل عنها بأكثر من النصف بالنسبة لعدد الجمعيات مثل مدينة العرائش.

3 “المقرر ماعاجبنيش يالاه”
راكمت مدينة صفرو تدبيرا إداريا وتشريعيا عصريا، لنقل مؤسساتيا، منذ اعتمادها بلدية في أبريل 1917وهو ما يكشفه التراكم النوعي في مقرراتها الجماعية وقراراتها البلدية المستمرة، وإذا كانت صفرو حققت سبق اعتمادها بلدية في مطلع القرن الماضي، فهي تحقق سبقا تاريخيا لم يسبقه إليها “إنس ولا جان”، فهي في في نفس الولاية الإنتدابية تتخذ مقررا في دورة، مقرر استنفذ كل مراحله ” التشريعية ” من تداول في اللجنة المعنية بالموضوع وتداول في دورة صادق عليه وصادقت عليه سلطة الوصاية وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها قانونا ثم تتراجع عنه بطلب من المعارضة التي طالبت السيد العامل بالتدخل من أجل إلغاء مقرر حاز حجيته القانونية وتأسست عليه تعاقدات وربطت عليه آمال لدى كثيرات وكثيرين.

الآن والمقرر اتخذ منذ ما يقرب الأربع سنوات وعقد الإقتناء مبروم، أود أن أتقاسم مع ساكنة المدينة ومنتخبيها وغيرهم تخوفين يخامران فكري ويشوشان على معرفتي القانونية والإدارية المتواضعتين:

– ألا يمكن أن نعتبر التراجع عن مقرر جماعي بمقرر مناقض ضمن نفس المدة الإنتدابية وحتي بعدها ممارسة مجانبة لمبادئ التدبير الإداري والديمقراطي؟ لا أعتقد في أهلية الدورة لنقض قرار سبق لها أن اتخذته وفق القانون.

صحيح أن المجلس سيد نفسه وهو مارس سيادته خلال دورة مارس 2017 وأشرت سلطات الوصاية على المقرر المتخذ، وبالتالي لا حق له في تقديري الشخصي في نقضه وما على رافضين وضمنهم من صوتوا لصالحه سابقا اللجوء سوى للقضاء الإداري للطعن فيه.

– سنفترض أن جلسة دورة اليوم أقرت إلغاء مقرر الإقتناء، هل سيكتسي المقرر قوة إلزامية تجبر المالكين السابقين لسينما المغرب العربي بالتراجع عن البيع وإجبارهم على فسخ عقد البيع الموقع برضاهم والموثق بمكتب توثيق؟ ألن يكون من حقهم اللجوء للقضاء الإداري لتعويضهم عن الأضرار المادية الناتجة عن حرمانهم من التصرف في عقارهم والإلتزامات التي انخرطوا فيها من أجل البيع والتي تأسست عليه؟

أملي أن تسود مصلحة المدينة في جلسة يومه. مدينة صفرو تستحق الكثير من الحب، الكثير من الفضاءات الموجهة للساكنة ولزوار المدينة.. مدينة صفرو تستحق أغلبية ومعارضة حكيمة محبة للمدينة.

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة