نبيل الريفي يكتب: الطفل مضطرب.. والدولة متضامنة!

في المغرب، لم تعد رعاية الأطفال ذوي الاضطرابات النفسية والإعاقات تحتل جزءًا هامًا من السياسة الصحية العمومية كما ينبغي، بل تم تفويضها ضمنيًا إلى وزارة التضامن، والتي بدورها أحالتها ضمنيًا على الجمعيات المدنية. هذا التحوّل الضمني في المسؤولية جعل صحة هذه الفئة الحساسة خارج الإشراف الطبي المنتظم والمسؤول، وجعل حاجياتهم النفسية في مهبّ مبادرات اجتماعية محدودة الوسائل.

هناك فعلاً جمعيات صادقة تبذل جهدًا كبيرًا في هذا المجال، وبعضها يحمل مشاريع حقيقية نابعة من الالتزام والنية الطيبة، لكنها تظل مرهونة بالدعم الموسمي، وتعاني من غياب الإطار الطبي المؤطر والاستقرار المالي. وبهذا، تحوّلت الرعاية النفسية للأطفال من مسؤولية طبية واضحة إلى نشاط خيري مؤقت، قابل للانقطاع، بل وقد يُستغل أحيانًا في سياقات غير مهنية أو تُركب عليه أهداف غير صحية.

رعاية الأطفال في وضعية إعاقة نفسية أو ذهنية لا يجب أن تُترك لمبادرات ظرفية، بل تُعتبر حقًا دستوريًا، وواجبًا دوليًا التزمت به الدولة المغربية من خلال الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل وذوي الإعاقة. هذا الحق يجب أن تضمنه الدولة عبر قطاع الصحة، وبمنهجية متكاملة، تُوفر للأخصائيين النفسيين إطارًا قانونيًا ومؤسساتيًا للعمل، وتجعل هذه الخدمة جزءًا من العرض الصحي العمومي، لا مجرد خدمة اجتماعية تكميلية.

صحة الأطفال النفسية ليست ملفًا تقنيًا ثانويًا، بل قضية مجتمعية تمس جوهر العدالة والكرامة، وتتعلق بصورة الدولة في احترام التزاماتها تجاه الفئات الهشة. وإذا لم يتم تدارك هذا الخلل، فإن أجيالًا بأكملها قد تُترك على الهامش، ويستمر التعامل مع المعاناة النفسية كمسألة خيرية أو موسمية، بدل أن تكون سياسة عمومية واضحة، ومسؤولية طبية ثابتة.

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة