نبيل الريفي يكتب: شموع كيكو وكأس العالم 2030!
اختار بعض شباب بلدة كيكو المنتمية إلى نفوذ إقليم بولمان، في ليلٍ داكن، أن يشاركوا العالم هذا المشهد المعبر عن معاناتهم بطريقة فريدة ومؤثرة.
وسط ظلمة الليل، تتألق أضواء الشموع الهادئة بعناية حول بركة من المياه العادمة (أعزنا وأعزهم الله)، في مشهد لتجسيد مرور سنوات على هذا الواقع الأليم، حيث تتراقص ألسنة اللهب الصغيرة على سطح المياه الراكدة، محاطة بمحلات تجارية مضاءة تضفي طابعاً متناقضاً يعكس تبايناً صارخاً بين صخب الحياة اليومية وسكون المأساة المستمرة. تجمعت الوجوه حول البركة، مضاءة بوهج الشموع، تحمل ملامحهم خليطاً من السخرية والتحدي، في رسالة صامتة ولكنها صارخة، تعبر عن عمق المعاناة وحسرة من تجاهلها المستمر والطويل.
لمن لم يفهم هذا الحدث، فإن معظم أحياء كيكو تعيش منذ سنوات دون قنوات للصرف الصحي، حيث اضطرت الساكنة إلى الاستعانة بسواقي مكشوفة تنبعث منها أزكى الروائح وأحسن الحشرات خصوصاً أيام الحر الشديد، وتتجمع كل تلك المياه النتنة نحو بركة كبيرة سوداء تجاور مؤسسة تعليمية، وما يزيد الامر سخرية هو لوحة على جدار المؤسسة تحسس التلاميذ بأهمية الحفاظ على البيئة ، ولأجل ذلك اختار هؤلاء الشباب الاحتفال بهذا الواقع المؤلم والمتناقض بشكل رومانسي وعاطفي بعدما فشلت كل الطرق الأخرى المنطقية والعقلية لإيصال الرسالة
يحدث هذا في جهة فاس مكناس ، بعد أقل من شهر على إجتماع جهوي رفيع المستوى بين مسؤولي الداخلية والجامعية الملكية لكرة القدم ورد فيه مصطلح التنمية المستدامة وبإلحاح عدة مرات، استعدادا لتنظيم تظاهرات دولية كبرى اهمها مونديال 2030 المشترك مع الاوروبيين ، وليس هناك داعيا للخجل أو البلادة إن ربطنا نجاج البنية التحتية للتظاهرات الكروية بـ”بوخرارب ” البلدات المنتمية لنفس الجهة وكيكو هنا نموذجا.
ولا خجل أيضا إن ذكرنا من يهمهم الامر أن الاوروبيين استعملوا شبكة الواد الحار قبل قرنين، بينما هي الآن لا زالت مطلبا رئيسيا لساكنة يفوق عددها 25 ألفا، تصدر حقولها البصل داخليا وقاريا، وحتى يشعر البعض بقمة الاشمئزاز و”الألم” ندعوه إلى زيارة خفيفة لهذه البلدة المنسية على بعد كيلومترات فقط جنوب مدينة إفران التي يضرب بها المثل عالميا في النظافة .
نكتب رأينا المتواضع هذا ونتمنى أن تلتقطه بلطف المؤسسات المعنية بعيدا عن ما كشرت عنه انياب السياسة منذ عقود في المنطقة عموما، ولبساطة المطلب وعفوية رسالة الشباب نتمنى أن يخرج للوجود في اقرب وقت.
تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة