شفيقة غزوي تكتب: “عثمان.. قصة صراع مع مرض السل”

أطلقت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أمس الأربعاء، حملة هي الأولى من نوعها، يراد منها تكثيف التوعية والتحسيس حول داء لطالما ارتبط اسمه بالمعاناة والوصم للمريض ومحيطه العائلي على حد سواء.

وهنا لابد من الإشارة أن كل طبيب أو ممرض في المراكز الصحية أو في مراكز التشخيص بمجرد ذكر هذا الداء يستحضر حالة، بل حالات وحكايات لأشخاص تم تشخيصهم بمرض السل، فهناك المستهتر بالعلاج وهناك الملتزم والمتذمر مما آلت اليه وضعيته. ومنهم عثمان ذو 40 سنة عامل في مصنع اسمنت، عائل لأسرة من ستة أطفال، ذو سحنة شاحبة وبنية ضعيفة أحس بسعال وضيق في التنفس وحمى لازمته أياما عدة دون أن يعير الأمر اهتماما.

ولأنه متخوف من اللجوء الى الطبيب، الذي لربما قد يطلب منه أشعة وتحاليل مكلفة، بل ولربما طلب منه الطبيب المكوث في منزله لفترة علاج قد تطول، لذا فضل أخذ بعض الادوية الموجودة هنا وهناك. وكان لا بد أن يستفحل الأمر وتزداد الحالة سوءا، فالهزال بدا أشد والسعال مزمن بل صاحبته قطرات دم، ولا رغبة له في الاكل بل لم يعد يقوى على أي شيء.

حاول الذهاب للعمل، حيث وصل على مضض إلى مقر عمله لكنه أحس بدوار وغثيان كاد أن يفقد معهما وعيه، فما كان من مديره إلا أن صاحبه للمركز الصحي قصد العلاج.

لم يكن صعبا على الطبيب المعالج أن يشخص حالته باحتمال كبير أنه مصاب بداء السل، وبعد اجراء الفحوصات اللازمة اتضح أن توقع الطبيب بات حقيقة مؤكدة وعثمان مصاب بداء السل.

كان وقع الصدمة عليه كبيرا فلم يتصور للحظة انه سيصاب بداء كهذا، وأن عليه تناول ادوية معينة لمدة أشهر بطريقة صارمة، إذ لا مجال للاستهتار او التهاون. لتنطلق رحلة العلاج، وأمام إصرار عائلته على ضرورة استكمال الادوية والالتزام بالمراقبة الدورية، بدأ اليأس يتسلل الى نفسه بل واجتاحته نوبات غضب وانفعال كاد أن ينصاع لها لولا أن اخذته زوجته الى مركز تشخيص داء السل ليرى بنفسه حالات متدهورة سببها إهمال أصحابها لنصائح الطبيب وعدم الانضباط في تناول مضادات هذا مرض رغم توفيرها من طرف الدولة بالمجان، فهدأ قليلا واستمع الى حصة من حصص التوعية والتحسيس أشرفت عليها احدى ممرضات المركز بمهارة واتقان ليقتنع أخيرا بضرورة الالتزام.

استمرت رحلة العلاج لأشهر بدأ عثمان يسترد معها حيويته ونشاطه وانتصر جسمه على الهزال وبدأ شحوب وجهه يخبو يوما بعد يوم ليعلن الطبيب شفاءه ويعلن عثمان انتصاره على داءه بقوة ارادته وعزيمته.

 

* دة.شفيقة غزوي

مسؤولة وحدة التواصل والاعلام

المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية

جهة فاس مكناس

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة