إنزال للقوات لـ”وقف” زحف مسيرة فلاحي لواتة وسط مطالب بقرارات ضد “لصوص الماء”.. “الديار” تنقل تفاصيل يوم استثنائي

لم ينجح قرار المنع الذي أصدرته السلطات في وقف “زحف” مسيرة فلاحي زاوية سيدي بنعيسى بلواتة في اتجاه مدينة صفرو، حيث قرروا الاحتجاج لإثارة الانتباه إلى ملفهم من جديد، وسط انتقادات للمسؤولين الإداريين الذين اتهموهم بـ”التواطؤ” مع كبار أصحاب الضيعات الفلاحية التي تقف وراء “تدمير” الثروة المائية، والتسبب في “تعطيشهم” و”تفقيرهم”، وفق تعبيرهم.

وقرر المحتجون، صباح اليوم، الانتقال عبر “صطافيطات” في اتجاه صفرو، وذلك بغرض تنظيم مسيرة احتجاجية من ساحة حبونة، وسط المدينة، إلى مقر عمالة الإقليم، لكنهم تفاجؤوا بـ”سد” في ملتقى الطرق المؤدية إلى لواتة وأغبالو أقورار، حيث جرى “توقيفهم” لمدة طويلة بغرض “التفاوض” وإلغاء الشكل الاحتجاجي، لكن دون جدوى.

وأصر الفلاحون على الاحتجاج، ليتم منعهم من مواصلة استعمال وسائل النقل، ليقرروا، في مواجهة “القرار”، استكمال المشوار مشيا على الأقدام، قبل أن يسمح لهم من جديد باستعمال “الصطافيطات”.

هذا “التساهل” كان مؤقتا، وفق ما عاينته جريدة “الديار”، حيث تم إنزالهم مرة ثانية من “الصطافيطات”، وتحديدا بمنطقة “مِصْرة”، في ارتباك واضح من السلطة.

في هذه الأثناء، أعلنت حالة استنفار في ساحة حبونة، حيث تم تخصيص سيارات الأمن والقوات المساعدة. قبل أن يتم نقلها إلى سوق الجملة في مدخل المدينة بطريق المنزل.

وعاينت جريدة “الديار” الاستعدادات المكثفة لرجال الأمن وأفراد القوات المساعدة، من أجل التدخل ضد المحتجين، في الوقت الذي عمد فيه بعض المسؤولين الأمنيين على تفتيش السيارات المتجهة إلى المدينة.

هذا الاستنفار خلق حالة من الذعر والاستغراب لدى المارة، حيث عمدت بعض النساء إلى تصوير هذه الاستعدادات الأمنية غير العادية من طرف مسؤولين أمنيين ليتم “حجز” هواتفن” وتهديدهن بالمتابعة قبل أن يتم “الإفراج” عنهن بعد أن أجهشت إحداهن بالبكاء.

المحتجون عندما وصلوا إلى محطة البنزين “زيز”، على بعد أمتار قليلة من سوق الجملة ومن “حاجز” القوات العمومية، التي كان يقودها كل من باشا صفرو ونائب رئيس المنطقة الإقليمية للأمن وكولونيل القوات المساعدة، قرروا التوقف لاستعادة الأنفاس وشرب الماء.

توقف استغله بعض الفلاحين للتذكير بمطالبهم، والتي حددوها في الإسراع بتفعيل تقسيم الماء وفق ما اتفق حوله قبل أزيد من شهر، بعد دراسة وخبرة مهندس متخصص، كما شددوا على ضرورة تنقية العين، واتخاذ إجراءات عملية وزجرية في حق من وصفوهم بالإقطاعيين و”لصوص الماء”، مشيرين، في نفس الوقت، إلى حسن أركابي، نائب المنسق المحلي لحزب التجمع الوطني للأحرار بصفرو، و”الجبلي” و”ولد عثمان” والترخيص بجلب الماء من واد سبو على غرار الرخص التي يتوفر عليها البعض في المنطقة، مبرزين أنهم على استعداد كامل للحوار.

في غضون ذلك، سيلج شخص بقميص أخضر وبنظارات شمسية، قال البعض، إنه ربما رئيس دائرة صفرو، وسط المحتجين داعيا إلى تحديد ممثلين عن الفلاحين من أجل اجتماع غدا الثلاثاء. لكن المحتجون أصروا على الحوار اليوم، وهو المقترح الذي رفضه رئيس الدائرة، لأن الأمر يستدعي حضور مسؤولي القطاعات المعنية وأنهم غير متوفرين اليوم، قبل أن يرد على تمسكهم بالاجتماع اليوم بـ”واش نجبدهم من جيبي؟!”.

وبالغ رئيس الدائرة في ردة فعله إلى درجة اتهام الناشط الحقوقي عز الدين باسيدي بأنه “يبحث عن شيء آخر” بتمسكه بالحوار اليوم أو بتوفير ضمانة لـ”حسن نية” السلطة في إيجاد حل لملف “الماء بلواتة، وهو ما دفع الفلاحة إلى الاحتجاج رافضين الاتهام، مؤكدين أنهم يدافعون عن حقوقهم المشروعة مستعرضين معاناتهم مع قلة الماء، حيث شددوا على “جفاف” محاصيلهم وأشجارهم، في وقت انسحب فيه المسؤول الإداري في اتجاه سيارة الخدمة. أما باسيدي، فقد أكد أنه مجرد فلاح فقط كباقي المحتجين وأن أرضه وأرض الفلاحين معه تتعرض للتعطيش، ونفى أن تكون لهذه الاحتجاجات أي علاقة بالسياسة أو النقابة أو أي أمر آخر. ودعا السلطات إلى عقد الحوار مع ممثلي المحتجين دون حضوره، إذا كان اسمه يسبب أي مشاكل.

وقرر المحتجون، بعد ذلك، مواصلة السير في اتجاه صفرو، رغم الاستنفار الأمني، مؤكدين على سلمية الاحتجاج، لكن القوات العمومية نزلت إلى الطريق، قبل أن يتقدم باشا صفرو لمطالبة المحتجين بالخروج إلى ساحة السوق، من أجل انسيابية حركة السير، وهو ما تمت الاستجابة له ليدخل الطرفان في نقاش استمر لمدة طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة حول عقد اجتماع يوم غد الثلاثاء، بحضور القطاعات المعنية، واعدا بإيصال رسالتهم إلى أعلى سلطة في الإقليم والتي أكد أنها تتابع عن كثب احتجاجات اليوم.

وفي رده على استفسارات الفلاحين، الذي شكلوا “حلقية” طوقتها عناصر الأمن، حول “التماطل” في تفعيل المحاضر التي تم إنجازها سابقا والقرارات التي تم الاتفاق حولها أورد الباشا بأن عدم تفعيل الاتفاقات السابقة يعود إلى أن الفترة هي فترة عطلة والحركة الانتقالية لرجال السلطة، وأن اجتماع الغد سيكون حاسما، حسب تعبيره.

وتداول فلاحو لواتة في الأمر حيث اصر البعض على الاعتصام إلى غاية موعد الاجتماع، ليجمعوا، في نهاية المطاف، على فض الاحتجاج، مع التأكيد على التصعيد في حالة لم يسفر لقاء الغد عن أي نتائج أو قرارات تنهي معاناتهم مع “لصوص الماء”، وطمر الآبار العشوائية وتحرير المخالفات في حق أصحابها.