هل يزحف “الجفاف” على واحة صفرو؟.. 100 هكتار مهددة بـ”العطش” ومكتب الكهرباء في “قفص الاتهام”

“3 ساعات ولم يصل ماء السقي بعد!”، بهذه الكلمات عبر محمد الحسناوي، مزارع بسيط بواحة صفرو، عن استيائه من ضعف صبيب مياه السقي انطلاقا من واد “أكاي”، الذي يخترق المدينة.

وقال الحسناوي، في تصريح لجريدة “الديار”، أنه من المفروض أن ينطلق في عملية سقي الحقل الذي يشرف عليه، على الساعة الواحدة زوالا، لكن الساعة الآن تشير إلى الرابعة والماء لم يصل بعد، علما أن دوره في السقي سينتهي على الساعة السابعة مساء، وفق التوقيت “القديم” الذي لا زال يتعامل به.

محمد الحسناوي يترقب وصول الماء إلى حقله بعد 3 ساعات من الانتظار

الفلاح استعرض أمام جريدة “الديار” الأضرار التي يخلفها عدم وصول مياه السقي إلى الحقل، حيث تمت معاينة آثار العطش على الأشجار المثمرة (البرقوق)، وجفاف بعض المزروعات، الممتدة على مساحة هكتار تقريبا، باستثناء قطعة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 200 متر مربع، وهي المساحة، فقط، التي يستطيع الحسناوي سقيها في مدة 8 ساعات، وفق تعبيره.

“تضيع أكثر من 3 ساعات، من دوري في عملية السقي، قبل أن يصل الماء، وعندما يصل، بصبيب ضعيف جدا، أتمكن فقط من سقي مساحة صغيرة، بينما باقي المزروعات والأشجار تعاني “العطش””، يواصل الحسناوي سرده للمعاناة التي يتخبط فيها مزارعو واحة صفرو.

آثار “الجفاف” بادية على اشجار البرقوق

محمد الروصافي، رئيس جمعية مستعملي المياه المخصصة للأغراض الزراعية بواحة صفرو، في تفسيره للأسباب التي تقف وراء معاناة الفلاحين بواحة صفرو، أكد أن الوضع الذي يؤرق فلاحي واحة صفرو ليس وليد اليوم، مشددا على أن المشكل يتكرر كل فصل صيف منذ سنوات عديدة.

وقال الروصافي لجريدة “الديار”، في هذا السياق، إن الجمعية قادت مفاوضات عسيرة منذ سنة 2008، حسب محاضر اجتماعات نتوفر على نسخة منها، دون جدوى، محملا المسؤولية إلى مسؤولي “المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب – مصلحة الإنتاج”، وتحديدا إلى المحطة الهيدروليكية المتواجدة على واد أكاي، بطريق الشلال صفرو.

علامة منع التصوير أمام مدخل المحطة الكهرمائية بطريق الشلال

وواصل رئيس الجمعية أن هذه المحطة تعمد إلى قطع الماء بشكل نهائي عن مساحات عريضة من الأراضي الزراعية المستفيدة من ساقية “بوفراك” وساقية “مسعودة” وساقية “تافروت” وساقية “الغار”.

“يتم قطع الماء بشكل نهائي إلى حين امتلاء السد المتواجد بحي للايزة انطلاقا من الساعة الواحدة زوالا إلى غاية فجر اليوم الموالي، وهي المدة الكافية لامتلاء السد والقناة التي تمد المعمل “الكهرمائي” بالماء الكافي لتشغيل “المحرك” (TURBINE)”، يزيد مصدر جريدة “الديار”.

هذا القطع النهائي للماء عاينته جريدة “الديار” عصر الأحد الماضي، حيث اختفى الماء بشكل نهائي عن القناة التي تصب الماء في وادي “أكاي” انطلاقا من المعمل، مما يؤثر حسب المتضررين على صبيب وادي أكاي الذي يمد السواقي المذكورة، والتي توزع مياه السقي على المزارع وواحة صفرو.

رئيس جمعية مستعملي مياه السقي يعاين غياب الماء في القناة الممتدة من المحطة في الفترة المسائية

ولتأكيد الاتهامات الموجهة إلى المحطة الكهرمائية، أكد المصدر نفسه أن الفلاحين الذين يتزامن دورهم في السقي مع الفترة الصباحية، الممتدة من الفجر إلى الظهر، غير معنيين بالمشكل بتاتا، “وهي الفترة التي تتزامن مع إطلاق المعمل للماء لتشغيل Turbine، مما يرفع من صبيب واد أكاي والسواقي المتفرعة منه، يشرح الروصافي، ليعود إلى الانخفاض مرة أخرى مباشرة بعد إغلاق القناة لملأ السد من جديد”.

“المعمل الكهرمائي لطريق الشلال، يمكن اعتباره معلمة تاريخية ومنشأة فنية وجب الحفاظ عليها”، يقول فؤاد بوشامة، قيدوم المستشارين بجماعة صفرو، وأحد المتضررين من “العطش” الذي تعانيه واحة صفرو، متحدثا عن تاريخها ودواعي إنشائها لتزويد “الحي الأوربي” لمدينة صفرو في فترات سابقة، قبل أن يستطرد متابعا: “لكن، خلال فترة الصيف، على مسؤولي المكتب الوطني للكهرباء أن يقوموا بإيقاف العمل بالمحطة الكهرمائية لوادي “أكاي”، على غرار ما قام به المسؤولون سنة 2009.

وواصل المتحدث نفسه في تصريحه لجريدة “الديار” قائلا: “خلال تلك السنة، وأمام استفحال المشكل القائم بين مستعملي مياه السقي والمكتب الوطني للكهرباء، تقرر في اجتماع رسمي توقيف المحطة الكهرمائية ابتداء من تاريخ 30 أبريل 2009 إلى غاية نهاية شهر شتنبر من السنة نفسها، مع التزام المكتب بتنقية القناة المغذية لسد لالايزة، الذي يمد المعمل بالماء انطلاقا.

عملية ملأ سد لالايزة تستمر من بعد الظهر إلى غاية فجر اليوم الموالي

بوشامة ذكر، في السياق ذاته، أن مسؤولي المكتب الوطني للكهرباء، سمحوا لأنفسهم بقطع الماء على أزيد من 800 فلاح بسيط، يعتمد أغلبهم زراعة معيشية، ومساحة مزروعة تقدر بأكثر من 100 هكتار، رغم أن الجريدة الرسمية، عدد 2225 بتاريخ 17 نونبر 1955 لم تشر، لا من قريب ولا من بعيد، إلى استفادة المحطة الكهرمائية من مياه وادي أكاي في تنصيصها على تقسيم المياه بين سقي الأراضي وتزويد المنازل والمساجد، نتوفر على نسخة منها، وكذلك من قرار وزاري حول الموضوع بتاريخ 27 يوليوز سنة 1955.

المستشار الجماعي دعا، في هذا الصدد إلى تظافر الجهود، من أجل الحفاظ على واحة صفرو، معتبرا أنها تشكل مستقبل المدينة، مبرزا، في نفس الوقت دورها الهام سواء على المستوى البيئي أو السياحي.

واحتج، عدد من أصحاب المزارع بواحة صفرو، قبل أيام، بسبب عدم وصول المياه إلى حقولهم من واد أكاي. وعبر الغاضبون عن سخطهم من تراجع صبيب مياه السقي أمام مقر باشوية المدينة، قبل أن ينتقلوا إلى مقر عمالة إقليم صفرو، مستنكرين غياب مخاطب من المسؤولين، قبل أن تتدخل السلطة، ممثلة في قائد المدينة القديمة، لفتح باب الحوار مع ممثلي المحتجين.

مستوى المياه في السواقي انخفض بشكل كبير