نبيل الريفي يكتب: في تـازة وزيـر!
قام وزير الصحة مؤخرا بتدشين بنايات مزينة خارجيا وفيها أحدث الديكورات بمدينة تازة، وهي عبارة عن ثلاث مراكز صحية حضرية من المستوى ” الأول” كانت موجودة أصلا فتم إعادة تأهيلها في إطار استراتيجية وطنية شاملة وفي إطار مصطلحات رنانة أخرى ألفناها منذ عقود..
سيدي الوزير.. لا مشكلة للمواطن المغربي عموما، والتازي بالخصوص، مع مثل هذه البنايات وشكلها ولا مشكل جذري مع تجهيزاتها.. وحدائقها الخضراء.. وأضوائها الصفراء.. وهي في الأصل تقدم خدمات صحية اولية فقط.. المشكل، مشكل عسير وقديم ومعقد وعميق مع مكونها “البشري” ومع المركز الذي يقدم خدمات الاستشفاء على مستوى الإقليم!
سيدي الوزير.. معاناة مأساوية تلك التي يعيشها المواطن يوميا، حين ترميه الظروف والأقدار في ليلة ما، ليجد نفسه تائها في بهو المستعجلات مثلا، باحثا عن الطبيب او باحثا عن بصيص امل انساني ينظر ولو بعين الشفقة إلى قريبه الذي يحتضر.. وقد ينفجر غضبا في وجه الاطر الصحية التي تحمل هي الاخرى في قلبها هموما وقصصا اخرى عن معاناتها منذ التكوين الى التدريب، الى التخرج..
هذه الاخيرة انزوت في مكاتبها بعدما ألفت مناظر الاحتضار والموت كل ليلة، وتعي أن زائرهم الجديد هذا، عليه تقبل هذه المفاهيم الصعبة الصادمة الآن وعليه ان يدرك واقع الصحة الذي يعيشه المغرب، والمراتب المتدنية التي يتبوؤها عالميا.. بعيدا عن صحافة التهلال والتطبيل.. وبعيدا عن ما تنحته اقلام الخوف والتهريج.. من كذب وبهتان.. أما التسيير الإداري للمستشفى ومرافقها، فهو يهتم بكل شيء يهم سير المستشفى إلا حياة المرضى وتحسين خدمتهم واستشفائهم، فهي شيء ثانوي والمريض رقم غير هام في المعادلة أصلا..
وهناك حروب نقابية وحروب التعيينات وحروب الصفقات الغالية الباهضة أهم من ما يهم المريض، ذلك الوافد الضعيف على مؤسستنا القوية..
ولك أن تسأل كم إطار طبي وتمريضي هرول إلى المصحات الخاصة حين يصيبه أو اهله مكروها؟
سيظل الحال كما هو عليه ولو قمتم ببناء ابراج للصحة في الأحياء واستقدمت لها أحدث التجهيزات الطبية، ما دام المسير ومكونها البشري يمتلك عقل مادي محض، ومحت الأيام ولا زالت تمحي الأخلاق من قلبه..
تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة