مستشار يهاجم المسؤولين عن “الشأن الثقافي” ويستنكر “الهدر البشع” للمال العام.. لقصب: “قمة العبث أن تتحول قاعة جماعة فاس إلى قاعة لـ”الغيطة والطبل”

مجددا.. يثير تدبير الشأن الثقافي بجماعة فاس إشكالات عدة، تتعلق أساسا بتحويل الجماعة إلى فضاء يستقطب ويستقبل بين أسواره مهرجاناتٍ المواطن الفاسي في غنى تام عنها، في ظل ما يتخبط فيه من مشاكل وإرهاصات وتحديات تقض مضجعه، لتأتي “أنشطة” الجماعة” فتضيف على مأساته مأساة أشد.. فهو الذي يشاهد من بعيد حياة الترف تعاش بفضل مال عام، كان مفترضا أن يوجه نحو سد حاجياته، والتخفيف من معاناته.

علي لقصب، عضو جماعة فاس، أثار غير ما مرة الموضوع، قبل أن يخرج مجددا اليوم، من خلال صفحته على فيسبوك، بمقطع فيديو، تطرق فيه للإشكال المطروح، موجها أصبع الاتهام بالدرجة الأولى لمسيري الشأن الثقافي بالجماعة، مشركا العمدة في المسؤولية، حيث وصف ما وصلت إليه حالة فاس بـ”الحضيض”، خاصة فيما يرتبط بالشق الثقافي.

الشق الثقافي، يقول لقصب، كان محط تنبيهات متعددة من طرفه ومن طرف مجموعة من الأعضاء من داخل الجماعة ومن طرف المتتبعين للشأن المحلي، حول كيف يعقل أن يتم تحويل قاعة جماعة فاس إلى قاعة للحفلات والأفراح، فمن غير المعقول بتاتا، يصرح، أن تتحول حرمة هذا الفضاء المؤسساتي الدستوري الذي يجب أن ينكب فيه النقاش حول السبل الكفيلة بتجويد العرض التنموي بفاس إلى قاعة لتنظيم الحفلات وقاعة لـ”الغيطة” و”المزمار” والطبل”.

بعد تلك التنبيهات، يؤكد أنه تفاجأ كإجابة من طرف المسؤولين بجماعة فاس، يردون عليها، أي التنبيهات، من خلال تنظيم نشاط أقل ما يقال عنه أنه “هدر بشع وفظيع للمال العام”، حسب تعبيره.

“تصوروا معي أن جماعة فاس تساهم في تنظيم مهرجان اختيار ملكة جمال المغرب، بعد أن مبرمجا أن يشارك أعضاء وعضوات الجماعة في مهرجان “مليحة العرب” في مصر، وبعد الضجة التي أحدِثت وجدوا هاته “التخريجة”.. وقد تم هذا في الوقت الذي يحتاج فيه المواطن الفاسي إلى تنظيم مسابقات في أحسن فكرة تنموية، أحسن تصور تنموي، أحسن مشروع يجيب عن احتياجات المواطنين والمواطنات، أحسن مبادرة لتدوير عجلة التنمية.. (في هذا الوقت) مسؤولو جماعة فاس يتعاونون وينكبون على تنظيم مهرجان اختيار ملكة جمال المغرب في طقوس احتفالية، كأن المدينة بلغت مستوى جد متقدم على مستوى المؤشرات التنموية، وحققت الاكتفاء على مستوى البنيات التحتية، وكأنها أجابت عن كل الخصاص فيما يرتبط بالخدمات الأساسية والخدمات الجماعية، كأن مجلس جماعة فاس استطاع أن يحل ويفك كل العقد التي تشكل اليوم هاجسا بشكل يومي بالنسبة للمواطنين والمواطنات، وعلى رأسها ملف النقل الحضري وملفات أخرى !”، يتابع.

كما صرح في المقطع نفسه: “أعتقد أن هذا هو قمة “العبث”.. أن ندخل “العمارية” إلى “قلب” جماعة فاس، في إطار أنشطة ليس المراد منها أن تخدم المدينة وصورتها، بقدر ما أن المراد منها خدمة صورة أشخاص. فللأسف، في الوقت الذي يتم فيه حرمان عشرات إن لم أقل المئات من الجمعيات اجتماعية، ثقافية، رياضية، تنموية، عاملة في مجالات متعددة… من حقها في الدعم، من حقها في الاستفادة من موارد الجماعة، نجد انخراط الجماعة بشكل متواتر وغير مفهوم في أنشطة لا قيمة لها ولا مغزى لها ولا جدوى منها، وهي هدر بشكل بشع للمال العام”.

كما وجه لقصب، المستشار عن حزب التقدم والاشتراكية، رسالة إلى عمدة فاس يقول له من خلالها أنه إن لم يكن واقفا بنفسه على هذا الملف، فإنهم يقومون بتوريطه ليس في الفن وإنما في العفن، وهو ما يجب أن يتوقف، فإذا كانت الغاية إرجاع فاس لتوهجها الحضاري والإشعاعي والثقافي فليس بهذا الشكل وليس بـ”التخبعية” و”الدعوات الـVIP”، وليس بهدر المال العام وموارد الجماعة على أنشطة لن تسمن ولن تغني من جوع.

فهذا الدعم، يسترسل المتحدث ذاته، وجب توجيهه نحو الجمعيات الرياضية والثقافية التي كانت تنظم مهرجانات متميزة، كما يجب توجيهه من أجل حلحلة ملف مركب الحرية من أجل أن يسترجع أنشطته وجدولته، ويكون بذلك إضافة ودفعة حقيقية للنشاط الثقافي بمدينة فاس.. وهذا الدعم، حسبه، يجب أن يعطى للجمعيات العاملة من أجل الأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين، والجمعيات الرياضية التي لا تتوفر حتى على موارد للتنقل، والجمعيات التي تسد ثغرات يخلفها غياب فعل رئيس المجلس، وفق تعبير لقصب.

وتابع: “من منطلق المسؤولية الملقاة على عاتقي كعضو منتخب بهذه الجماعة، أقول اللهم إني بريء من هذا العبث، وأناشد الضمائر الحي من داخل جماعة فاس أن تتحرك من أجل إيقاف هاته المهزلة، فلا يعقل ألا نتفاعل مع كل هاته النقاشات التي تدور في الساحة اليوم من طرف المواطنات والمواطنين حول إشكالات متعددة وعرضانية تمس مختلف المجالات، ونواجه هذا الوضع حيث يصبح الدور المحوري والأساسي للجماعة هو أن توجه دعوات للناس للحضور بـ”القفاطن” و”التكاشط” وتحضر “الطبلة” و”كعب غزال” وتنظم الأنشطة في الجماعة من أجل تزيين صورة أشخاص لا أقل ولا أكثر.

لا تنسوا، يضيف، أن الجماعة هي ملك للمواطن الفاسي.. لا تنسوا تعاقداتكم مع المواطنين والمواطنات.. لا تنسوا ما كنتم تقولونه إبان الحملة الانتخابية.. لا تنسوا أنكم مقلدون ومقلدات بأصوات المواطنين والمواطنات.. ! ولكن، يستدرك لقصب، ها نحن اليوم بعد عام وربع نرى الوضعية كيف هي، ولكن نزيد المأساة والجراح والأسى لهذه المدينة من خلال هاته الأنشطة النخبوية التي لا تمس المواطن، يا ليت هاته الأنشطة توجه للمواطنات والمواطنين، ولكن أن تحول الجماعة ومواردها لخدمة أشخاص ولوبيات ومجموعات مصغرة “ديال آلو آجي راكي معروضة راك معروض فأعتقد أن هذا شيء مؤسف وشيء يحز في النفس… ونحن نبهنا ونبهنا واليوم لازلنا ننبه ..

نناشد فيكم روح المسؤولية وروح النخوة وروح المبادرة من أجل أن توقفوا هذا العبث وأن تركزوا جهودكم من أجل بناء سياسة ثقافية بمفهومها الإيجابي الجميل الذي سيحقق العدالة المجالية والثقافية .. والذي سيضمن ولوج المواطنين والمواطنات لمختلف الأنشطة الثقافية والفنية .. وباراكا من النخبوية.. وباراكا من هدر المال العام”، يختم علي لقصب تصريحاته.

يشار إلى أن حكيمة الحطري، نائبة عمدة فاس والمسؤولة عن الشأن الثقافي بجماعة فاس، قد هاجمت الصحافة والصحافيين واصفة إياهم بـ”المرتزقة”، مباشرة بعد مقال لجريدة “الديار” تحت عنوان: هل تحول مقر جماعة فاس إلى قاعة “حفلات”؟.. “القاعة الكبرى” تحتضن مهرجانا للحلاقة والتجميل ونائبة مجددا في الواجهة”، في ندوة صحفية سابقة، سنعود للتطرق إليه (الهجوم) لاحقا.