هل تُخلي شركة النظافة بالتزامها مع جماعة صفرو؟.. نقابي لـ”الديار”: عقود “SOS NDD” فضيحة ومصير العمال على “كف عفريت!”
لماذا لجأت شركة “SOS NDD”، الشركة الجديدة التي فازت بصفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة وجمع النفايات المنزلية بمدينة صفرو إلى عقود عمل مثيرة للجدل، سواء فيما يتعلق بمدته أو بنوده “العجيبة”؟
مسؤول نقابي اعتبر، في رده على السؤال أعلاه، وبعد اطلاعه على نسخة من العقد المقدم للعمال، أن عقد عمل محدد في شهر وبضع أيام هو فضيحة بكل المقاييس، مضيفا بأنه لم يسبق له أن اطلع على عقد عمل مماثل طيلة مساره النقابي.
وذكر القيادي النقابي، في تصريح لجريدة “الديار، بأن العقود المؤقتة المعتمدة عادة ما تتراوح مدتها ما بين 3 أشهر و6 أشهر، إلا إذا كان الأمر يتعلق بعقد محدد بورش، “أي أن العقد ينتهي بانتهاء الأشغال في الورش”، يشرح المتحدث نفسه.
وسخر المصدر نفسه من التبريرات التي قدمتها الشركة للعمال، الذين رفضوا، في وقت سابق، التوقيع على هذه العقود “المثيرة”، عندما تحدث مسؤولوها بصفرو عن كون هذه العقود “مؤقتة” وتم تفعيلها للحفاظ على المكتسبات الاجتماعية للعمال، واصفا هذا التعليل بـ”الكلام الفارغ” الذي يستعمل “للضحك على الذقون”.
“دفاتر التحملات المتعلقة بالتدبير المفوض واضحة، وتنص على أن عمال الشركة القديمة ينتقلون بصفة تلقائية إلى الشركة الجديدة، مع الحفاظ على جميع امتيازاتهم المالية والاجتماعية، ويعتبرون في وضعية “ترسيم” مع الشركة الجديدة”، يورد المسؤول النقابي الذي فضل عدم الكشف عن هويته.
وفي هذا السياق، اطلعت جريدة “الديار” على نسخة من الاتفاقية، التي صادق عليها المجلس الجماعي لمدينة صفرو، الجمعة الماضي، بين “المُفوِّض” (الجماعة) و”المُفوَّض له” (شركة SOS NDD)، والتي تؤكد ما جاء على لسان مصدرنا النقابي.
وتشدد المادة 29 من الاتفاقية (الوثيقة 1) على التزام ” المُفوَّض له” الجديد بتشغيل عمال ” المُفوَّض له” السابق، مع الحفاظ على جميع الشروط التعاقدية والامتيازات المكتسبة.
وتشير المادة 29، في نفس الوقت، إلى أن الشركة الجديدة ملزمة بتشغيل 117 عاملا وفق اللائحة المفصلة في الملحق رقم 5 المتعلق بالإمكانيات البشرية (الوثيقة 2).
لكن، كيف يصبح عمال الشركة السابقة (Ozone) رسميا تابعين للشركة الجديدة (SOS NDD)؟
المادة 29، دائما، من اتفاقية التدبير المفوض، تؤكد على أن توظيف العمال يتم عبر محضر (procès-verbal de passation de consignes) يُوقع بين الشركة القديمة والجديدة وتصادق عليه الجماعة.
ما الفائدة إذن من العقد الذي “فرضته” الشركة الجديدة على العمال؟
“من وجهة نظر قانونية، لا أرى فائدة من هذا العقد”، يوضح القيادي النقابي، قبل أن يستطرد متابعا: “إلا إذا كانت لدى الشركة، ربما، نية في عدم الالتزام بما جاء في المادة 29 والالتفاف حولها اعتمادا على العقود الجديدة”.
وزاد مصدرنا أن ما يقوي هذه “الشكوك” هو تضمن العقد على بند، وصفه بـ”الخطير”، يتحدث عن مغادرة الأجير لعمله فور انتهاء العقد، ما يضع مصير العمال على “كف عفريت”، وفق تعبيره، مبرزا، في نفس الوقت، أن “الاتفاقية” التي أعدها الوافد الجديد على قطاع النظافة بصفرو تضمنت أيضا بنودا لا تقل “غرابة”.
فالأجير عليه أن يلتزم بعدم التواصل مع أي جهة كانت أو تقديم تصريحات أو نشر تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي حالة قيامه بذلك، فإن الشركة أدرجت الأمر ضمن الأخطاء الجسيمة. والخطأ الجسيم في القانون يوجب الطرد.
وليس هذا فحسب، الشركة تؤكد في العقد على أن لها الحق في المتابعة القضائية للمطالبة بجبر الأضرار اللاحقة بها.
ويفيد هذا التوجه، حسب المصدر ذاته، بأن العامل إذا ما أراد الاحتجاج على انتهاك أو تقصير في حقه، أو التعبير عن مطالب تخصه، في إطار القوانين المعمول بها، فإن ذلك قد يعتبر في نظر الشركة خطأ جسيما، سيعرض الأجير للطرد، وقد تقف الشركة في مواجهته أمام القضاء لأنه أضر بمصالحها، رغم أن الحق في حرية التعبير وحرية الانتماء النقابي مبادئ تعتبر من مرتكزات الاختيار الديمقراطي الثابت للمملكة، وفقا للدستور.
“يلتزم الأجير بالسرية المهنية ويمنع عليه التواصل مع أي جهة كانت أو تقديم تصريحات أو وثائق تهم أنشطة الشركة للغير أو نشر تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي تسيء إليها أو لأحد مسؤوليها”، كما جاء في بنود العقد اعتبره المسؤول النقابي لا يخرق مدونة الشغل فقط، وإنما يضرب بمرتكزات حقوق الإنسان عرض الحائط.
وجاء في العقدة بأنه يمكن للشركة أن تسرح الأجير بسبب تأويل بند “ضعف المردودية أو انعدام الكفاءة أو التهاون في العمل.
وخلص مصدر جريدة “الديار” إلى أن اللافت في هذا العقد (الوثيقة 3) هو عدم تضمينه أي بنود من شأنها أن تقر حقوق هؤلاء العمال، مشددا على أن “كل البنود التي تضمنها العقد تدافع عن مصالح الشركة فقط”، قبل ان يختم تصريحه بتوجيه الدعوة إلى جميع المسؤولين بمدينة صفرو للدفاع عن العمال البسطاء بعد انتهاء مدة العقد المثير للجدل، الذي وصفه مسؤولو الشركة بـ”المؤقت”.
يشار إلى أن عمال النظافة نظموا وقفة احتجاجية صباح الثلاثاء الماضي، بعدما رفضوا التوقيع على عقود الشركة الجديدة (SOS NDD)، قبل أن يتراجعوا بعد الوعود والتطمينات التي قدمت لهم من طرف رئيس المجلس الجماعي لصفرو والسلطة المحلية، بضمان حقوقهم كاملة.