قرارات بنموسى تخلق “الفتنة” في المغرب.. شهادات صادمة وهذا ماقاله شفيق والبوقرعي حول “تسقيف” سن الأساتذة
قرار صادم وغير مسبوق اتخذته وزارة التعليم الجديدة، يقضي بتحديد السن المخول لصاحبه التباري في مباراة التعليم، ضمن قرارات أخرى صادمة، قالت إنها ترمي لتجويد المنظومة، وتندرج في إطار سلسلة من الإجراءات التي تعتبر بأنها ترمي إلى الرقي بالتعليم في المغرب!
وزير التعليم الجديدة، صاحب النموذج التنموي الجديد، التي استبشر أبناء الشعب المغربي أن يضمد جراحهم الغائرة، وأن يصلح ما أفسده رجال السياسة الذين سبقوا، أصدر قرارا يقضي بأن يحدد السن المخول لصاحبه التباري في مباراة التعليم و”تسقيفه” في 30 سنة، وكأن الذي تجاوز الـ30 بيوم “فاته القطار”، أو لربما “ضربو تران”.
“م.س”، سيدة في 34 من العمر، وهي تجابه دموعها، صرحت لـ”الديار” ردا على القرار: “تصدمت من هاد القرار العشوائي، أنا فعمري 34 سنة وهاد العام قررت ندفع للتعليم.. حبطونا الله يأخذ فيهم الحق..الانتقاء معمرو ما كان معيار للكفاءة وفين هو تكافؤ الفرص اللي كيصدعونا بيه ولا دابا اللي فات 30 سنة يمشي يموت؟”
خالد البوقرعي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية والكاتب الجهوي للحزب بجهة فاس ـ مكناس، في اتصال هاتفي ربطته به جريدة “الديار”، سألته عن موقفه من القرار، علق: “وهل هذا يحتاج إلى موقف؟”، قبل أن يسترسل: “تتبعت هذا الأمر باستغراب واستهجان كبيرين، فمن المفترض أن الحكومة الجديدة التي زعمت أنها ستلبي طموحات وآمال فئات عريضة من الشعب، وهي في أولى امتحاناتها تفعل العكس، بإقصاء عدد كبير جدا من فئات المجتمع، وهذا بحد ذاته دليل على أن هذه الحكومة لا نية لها في الوفاء بالتزاماتها”.
البوقرعي زاد في القول: “أتمنى صادقا، بعيدا عن أي مواقف سياسية متحيزة أن تتراجع الحكومة عن هذا القرار، وإذا تراجعت فسنسجلها في سجلها وسيكون هذا التراجع من حسناتها”.
القيادي الجهوي أشار إلى أنه ليس شعبويا كي يميل إلى اتجاه المجتمع، وإنما هو بالفعل يرى كمتابع أن هذا القرار ليس في محله، “هذه شروط الخزيرات كما يقول بعض الناس”.
ومن منظوره كفاعل في المنظومة التربوية، قال البوقريعي إن بنموسى كوزير للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إذا أراد أن يصلح التعليم فهناك مداخل عديدة ليقوم بذلك، ولن يكون هذا المدخل الذي نحا نحوه هو مدخل إصلاح التعليم، ذلك أن ما قرره لن يكون أثره الآن وإنما بعد عشرات السنين، توجد أمور أخرى يتوجب عليه الاستماع في صددها إلى الفاعلين الحقيقيين في الميدان و”يتوكل على الله”، وإذا كانت نيته الإصلاح فلن يجد من مختلف فئات المجتمع سوى الدعم والمساندة.
“م.ع”، شاب آخر ممن تجاوزوا سن الثلاثين ويعانون من البطالة قال لـ”الديار”: “أقسم بالله اخوتي ايلا صدمونا هاد الصباح، خمسة أشهر من الإعداد المتواصل، وضبط التخصص، وسنوات العذاب للحصول على الإجازة، وبمجرد أنني متجاوز لسن 30 أقصيت، لا أخفيكم اخوتي أنني أحترق، أقسم أنني مزقت الإجازة شعبة الفرنسية، وباك آداب وباك علوم… والدتي تحترق”.
“الديار” سألت جواد شفيق، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي وكاتبه الإقليمي بفاس، حول الملف، فعبر عن رفضه هذا القرار، لا من الناحية السياسية ولا الدستورية ولا من الناحية القانونية، لأنه لم ينبن على قانون الوظيفة العمومية الذي يحدد السن في 45 سنة، ولا على القوانين المنظمة لما يسمى بالتعاقد التي تحدده في 40 سنة، حسبه.
“واليوم نحن نعلم أنه أمام انحصار سوق الشغل وأمام التأخر الدراسي الذي يقع فيه الشعب، فعشرات آلاف الشباب المغربي المعطلين هم في سن فوق 30، ونعلم كذلك أنه في الموجة الأولى الخاصة بالمتعاقدين سمح لأناس فوق 45 سنة باجتياز المباراة”.
“نحن بطبيعة الحال مع جودة التعليم، لكن الأخيرة لا تتم فقط بإجراء السماح لما دون 30 بالتدريس وحرمان الآلاف. وهذه مقدمة سيئة لبداية تفعيل النموذج التنموي الجديد، الذي منح الأولوية للشباب وتأهيلهم، ومعالجة المعضلات والعطالة والهشاشة .. وهذا هو القطاع الذي يتوفر على عدد أكبر من المناصب المتبارى عليها..
و”ناس بنت حياتها ومستقبلها على هذه المباراة، وتجي بين عشية وضحاها وتخرج بهذا القرار؟” مع من تم التشاور؟ هل هذا قرار حكومة؟ أم قرار الوزير؟” يتساءل جواد شفيق، قبل أن يعرج على ذكر واحدة من القضايا التي تضمنها الإعلان عن المباراة والتي تقصي ذوي الاحتياجات الخاصة من الأخيرة، بحيث جاء في البلاغ ضرورة التوفر على بنية صحية جيدة، “فهل سيتم جلب أناس سيلعبون الأولمبيات أم يقومون بمهمة التدريس؟ فهذا الذي يصنف في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لكنه سليم العقل ولديه تكوين وديبلوم لما لا يسمح له باجتياز المباراة؟ هذا نوع من التمييز السلبي”، يقول شفيق.
“مقدمة سيئة من طرف الرجل الذي كان يترأس لجنة النموذج التنموي، وبالتالي فكل هذه المعطيات لا أخلاقيا ولا قانونيا ولا دستوريا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا مرفوضة، وتثير الفتنة “الفتنة نائمة لعن الله موقظها”، التظاهرات انطلقت ودعوات الاحتجاج تفجرت ودعوات إلى الذهاب أمام الأكاديميات وتمزيق الشواهد، كل هذا يؤكد أن القرار كان متسرعا .. نحن مع جودة التعليم ومع إصلاحه لكن ليس بهذه الطريقة، وبالتالي فالقرار قرار مرفوض شكلا ومضمونا والمعول على المؤسسات الوطنية وعلى العقلاء في هذا البلد كي يصححوا هذه الوضعية”، يورد هذا القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي.
“يمكن من بعد ما نقصو ظاهرة البطالة ونعالجو بزاف ديال المشاكل الاجتماعية آنذاك يمكننا تقنين السن حتى ل25 أو غير ذلك.. حينها لا مشكل ولكن في الظرف الحالي وأمام الانتظارات الكبيرة للشعب فلا”، يردف جواد شفيق.
كما أوضح أن جزء كبيرا من أعضاء هذه الحكومة بنى برنامجه الانتخابي على مغازلة المتعاقدين بتحقيق الإدماج في الوظيفة العمومية وما إلى ذلك، واليوم يوجه هذه الصفعة في تخل غير أخلاقي عن التزاماته الانتخابية، الشيء الذي يفقد الناس الثقة في العملية السياسية والانتخابية.
واقترح شفيق احترام القوانين المنظمة للتعاقد واحترام الدستور الذي يدعم المساواة وتكافؤ الفرص، فالقرار يحمل نوعا من التمييز “اللي مخصوش يدار”، كما أكد على أنه يجب النظر إلى الأمر من زاوية اجتماعية لا انتخابية، ذلك أن آلاف الشبان كانوا في انتظار هذه المباراة، فهل من وصل إلى 30 سنة ويوم ليس من حقه اجتياز المباراة؟!
ثم إنه كان لزاما على الوزارة إشعار الناس بالقرار، يردف، كأن تقول هذه السنة سنحتفظ بالوضع القائم على أن يتم التغيير السنة المقبلة، كي يستعد الناس لتلك القرارات، لا أن تعلن بشكل فجائي كأن قنبلة انفجرت وبشروط جد صارمة.
كما شدد على ضروري وقاية البلاد من الهزات الاجتماعية، مشيرا إلى الهزة التي طرأت بسبب جواز التلقيح وبسبب الساعة الإضافية قبل سنتين وغيرها من الأمور التي تسبب في هزات اجتماعية البلاد في غنى عنها، لذا وجب على عقلاء الوطن، يورد، التدخل لتجنيبها هذه الهزات وللتراجع عن هذا القرار.
“حكومة جات باش تقول للناس تستاهلو ما حسن كيبان أنهم كيتعاملو معنا بمنطق ديال الانتقام ديال نستاهلو أسوأ”، يعلق القيادي الاتحادي باستهزاء.
الإحباط الممزوج بالغضب، يكاد يكون الإحساس العارم في أوساط فئات واسعة من “ضحايا” شروط رئيس لجنة النموذج التنموي ووزير التربية الوطنية في حكومة أخنوش.
فقد خرجت الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب ببيان وطني عُمم على 50 فرعا للخروج إلى الشارع وإعلان الرفض التام للقرارات الصادرة عن الوزارة المعنية، معتبرين هذه القرارات إقصائية عشوائية تهدف إلى إقصاء أكبر شريحة من حاملي الشهادات والمجازين وأصحاب الماستر والدكتوراه الراغبين في اجتياز المباراة.
وانطلقت الخطوات الاحتجاجية بفاس، اليوم السبت، باعتصام من العاشرة صباحا إلى الثانية عشرة زوالا، ثم بمسيرة إلى وسط المدينة جابت مختلف الأحياء في مدينة فاس، وصولا إلى ساحة فلورونس حيث فتح النقاش هناك، ثم اتجهت المسيرة نحو الأكاديمية في طريق صفرو، قبل أن يختتم البرنامج النضالي لليوم السبت بتوجيه ليوم غد يقضي بانطلاق المسيرة الاحتجاجية على الساعة الثالثة من بعد زوال الأحد في اتجاه الأكاديمية.
وقال محمد غلوط، الكاتب العام للجمعية، في اتصال لـ”الديار” معه:”مطلبنا هو فتح المباراة في وجه جميع حاملي الشهادات انطلاقا من الإجازة فما فوق، دون معيار السن ولا الانتقاء، يضيف القيادي في جمعية المعطلين والناشط الطلابي السابق.
جريدة “الديار” اتصلت لأكثر من مرة بمحمد شوكي، الكاتب الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار وممثل إقليم بولمان في البرلمان، دون أن تتلقى ردا بدعوى انشغاله، فيما ظل هاتف عبد المجيد الفاسي الفهري، برلماني حزب الاستقلال عن دائرة فاس الشمالية، يرن دون رد.