“طرد” طالبة “دكتوراه” من الجامعة “الأورومتوسطية” بفاس.. جيهان سعيد تكشف لـ”الديار” القصة الكاملة لـ”سلبها” مستقبلها

أن تكد وتجد وتجتهد لسنوات طوال في سبيل الظفر بمقعد في سلك الدكتوراه، ثم بين عشية وضحاها يسلب مقعدك منك بجرة قلم أو “إيميل” لم يأخذ من صاحبه سوى دقائق معدودات فهذا أمر قد يقود صاحبه في أحسن الحالات إلى الاكتئاب، وفي أسوئها إلى الجنون أو وضع حد للحياة.

 فبينما يتم ترويج الخطابات التي تتغنى بحقوق الإنسان وبدولة الحق والقانون والعيش الكريم والحريات، يتعرض عدد من “العائشين” على هذه الأرض لمختلف مظاهر سلب الحقوق والمكتسبات، وسلب الجهود التي خيضت، وإطفاء الشموع التي اشتعلت بعد سنين من العذاب.

جيهان سعيد، طالبة في سلك الدكتوراه، ذات 26 ربيعا، غادرت دفء أسرتها مودعة منزلها ببرشيد ملتحقة بمدينة فاس لمعانقة حلم متابعة البحث والتحصيل الأكاديمي في سلك الدكتوراه، الذي لا يحظى بمعانقته إلا القلائل، وفعلا نجحت في ذلك، وولجت الجامعة الأورومتوسطية سنة 2019، تخصص Fabrication additive وكان بحثها سائرا في طريقه إلى الاكتمال، بل وتمكنت من نشر مقالين علميين، على أساس أن تنشر مقالا ثالثا كان متبقيا لها، لكن الجامعة كان لها رأي آخر!

قرار الطرد التعسفي كما وصفته لنا جيهان سعيد في اتصال ربطناه بها، جاء هادما لكل ما قد بنته وخططت له سلفا.

القرار جاء عقب عطلتين مكنها منها مؤطرها المدعو Dr. Vaudreuil، ابتداء من تاريخ 19 يوليوز من السنة الجارية وإلى غاية 28 منه، وعطلة ثانية بتاريخ 2 غشت الماضي إلى حدود 31 منه.

وبحسرة، تروي محدثتنا أنها صدمت ببريد إلكتروني في اليوم الأول من عطلتها من طرف مؤطرها، يؤكد لها فيه أن اسمها لم يعد مدرجا ضمن الباحثين في سلك الدكتوراه، وهو ما ينم عن تعرضها لطرد تعسفي، غير خاضع لأي إجراءات إدارية قانونية، تصرح.

وحال عودتها إلى الجامعة، توضح، ظلت تشتغل على بحثها دون مؤطر طيلة شهر وتستفيد من كل الامتيازات بما في ذلك المنحة، قبل أن يأتي رد من طرف الإدارة تطالبها من خلاله بلمّ أمتعتها والذهاب بشكل نهائيا من الجامعة بناء على قرار مؤطرها.

“مزالة دايخة، ومعارفاش شنو خصني ندير، أنا كنت كنتسنى الاتصال ديالهم دابا وخا يقولولي غي آجي ولا رجعي مزال موصلني والو من عندهم، ومزال معارفاش اشنو خاصني ندير، أنا فقط بغيت نرجع نكمل خدمتي ونسوتني فشهر 9″، تضيف محدثتنا.

وذكرت أيضا في تصريحات خصت بها جريدة “الديار” أنها توصلت بوثيقة يوم الثلاثاء ولم ترغب في تسلمها لأن ما تحويه مغلوط بشكل كامل، الوثيقة موقعة من طرف مدير مركز الدكتوراه والكاتب العام. وقد اتصلت إدارة الجامعة بها بعد يوم، أي الأربعاء، وعندما ذهبت إليهم سلموها وثيقة موقعة من طرف الكاتب العام الذي شغر منصب مدير ال”CEDOC” (مركز الدكتوراه)، حيث تغير منصبه في ظرف 24 ساعة.

“وهو ما أقول أنه غير معقول بتاتا، ثم إنني عندما اطلعت على الوثيقة رفضت إمضاءها فأحضروا لي رجال الدرك الملكي “كانوا بغاو يديرو ليا إهانة موظف”، بعد أن حاصروني بواسطة رجلي أمن خاص وقفا أمام الباب لمنعي من الخروج، ثم حررنا محضرا في النازلة، وخرجت متعرضة في الموقف ذاته للطرد من طرف موظفة في مكتب غير تابع لها”.

كما أكدت سعيد أنها تعرضت لمحاولة طرد قبل هذه المرة، لكن لم تنجح المحاولة.

وأوضحت أيضا أنها في شتنبر الماضي توجهت إلى الجامعة بعدما بعثت رسائل عديدة إلى الإدارة دون رد، فحاولت تزويد الأخيرة بطلب تغيير المشرف، لكنها لم تشأ تسلم الطلب، فاضطرت إلى إرساله إلى مكتب التسجيل، مشددة على أن الطرد الذي تعرضت له غير قانوني، بحيث أنه لم يخضع للمساطر المتبعة في هذه الحالة، ولم تخضع لمجلس تأديبي.

ومن شهر يوليوز وإلى غاية بداية أكتوبر تراسل محدثتنا الإدارة دون أن تتلقى أي رد، إلى حدود بداية الشهر الجاري، حيث تم الاتصال بها يوم 4 أكتوبر الجاري من أجل حضور اجتماع (بدل الحضور إلى مجلس تأديبي)، وشرعت الإدارة من خلاله في مواجهتها بحجج واهية تتعلق بتخصصها في الأقسام التحضيرية لسنة 2014.

“إذن بروفايلك غير ملائم لتخصص الدكتوراه، وقبولك تم بشكل خاطئ.. بعد سنتين من البحث”، هذا ما قالته لي الإدارة.. وهي أسباب غير موجودة على أرض الواقع، علما أن بروفايلي ملائم جدا مع تخصص الدكتوراه، وأسير بخطى ثابتة نحو التخرج، بل وأتوفر على “إيميلات” تؤكد تفوقي وتوفقي في بحثي، فلماذا هذا القرار الجائر؟ تتساءل”.

جيهان سعيد، تعيش اليوم وضعا نفسيا متأزما جدا، نبرة صوتها يكسوها الحزن، وكلماتها تغزوها الحسرة.. بيد أنها اختارت التمسك ببعض الأمل في أن تعود من جديد إلى تكوينها، مناشدة من بيدهم الأمر إلى إعادة النظر في هذا القرار غير القانوني حسب تصريحاتها.