من صفرو إلى مكناس.. “الديار” تكشف عن تفاصيل صادمة لمعاناة “عاملات النظافة” بمديرية التعليم وهذا رد مسير الشركة

في قضية “مشابهة” لما تعانيه “عاملات النظافة” بالمؤسسات التعليمية التابعة لمديرية صفرو، وكرجع صدى أفرزه مقال في الموضوع خصصته “الديار” لقضيتهن توصلت الجريدة بتفاصيل معاناة “عاملات النظافة” بمكناس تتشابك خيوطها في كثير من السمات مع قضية “عاملات” صفرو.

وتتعرض “عاملات النظافة” بالمؤسسات التعليمية التابعة لمديرية مكناس، أيضا، لأبشع مظاهر الاستغلال والاحتقار، حسب شهادات توصلت بها جريدة “الديار، “في استفحال صارخ لتجليات “الديكتاتورية” في وجه عمال الطبقة الكادحة، الذين يقتاتون على أملهم في غد أفضل، ويتمسكون بذلك البصيص المنبعث من عمق ذواتهم التي تجابه مرارة الواقع، وتحاول الوقوف سدا منيعا أمام تملص ذوي المسؤوليات من مسؤولياتهم”، وفق تعبير المصادر ذاتها.

“قضية مديرية مكناس”، أثارتها عاملات تعرضن للطرد بسبب انتمائهن النقابي، وحرقتهن على حقوقهن وحقوق زميلاتهن المستغلات، ففي اتصال هاتفي أجرته عاملتان من هؤلاء مع الجريدة، أكدتا أن المستخدمات تجري معاملتهن بمنطق “اخضع لما أفرضه عليك من شروط، وإن كانت منافية للقوانين المعمول بها، وسالبة لأبسط الحقوق.. وإلا فالباب أعرض من كتافك”، تصرح إحداهن.

وتضيف المتحدثة نفسها: “مسلسل المعاناة انطلق مع الشركة التي سبقت شركة “ونزار” الحالية، حيث فوض التدبير لها قبيل انتشار الوباء، بتماطلها لمدد تصل إلى شهرين وأحيانا إلى ثلاثة، ولا تصرح إلا بتسعة أيام عمل في الأسبوع لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وغيرها من المشاكل التي أججت غضب العاملات، وأدت إلى تنظيم وقفات احتجاجية مما اضطر المديرية إلى فسخ العقد الذي يجمعها بالشركة”.

واستمر العمل، بشكل عشوائي، وهناك من العاملات من تقاضين أجورهن من جمعية الآباء ومنهن من لم تتقاض أجرها، رغم بعث المديرية بيانا إلى مدراء المؤسسات، ووصل عدد العاملات، اللائي لم يتقاضين أجورهن لأشهر بلغت الستة، إلى 85 عاملة، توضح المتحدثة ذاتها. “كل ذلك استمر إلى غاية مطلع شهر يونيو من السنة الجارية، التاريخ الذي شهد التعاقد مع الشركة الجديدة “ونزار”، التي وعدت بتنفيذ مطالب الشغيلة حسب ما هو معقول”، تقول السيدة.

“لكن، عندما بحثنا في صندوق الضمان الاجتماعي، وجدنا أن مشغلنا الجديد يصرح بـ9 أيام فقط، هو الآخر، ولا نستفيد من أي شيء، النساء لا يعوضن عن أطفالهن، ووضعوا بندا في دفتر التحملات يقضي بأن تتقاعد العاملات في سن 55، وهو ما يخالف نظام التعاقد الذي يتم الاشتغال وفقه في كل البلاد، فمثلا سيدة تريد مواصلة الاشتغال لديها القدرة على ذلك، لماذا تحرم من حقها في ذلك؟” تتساءل محدثتنا.

كما أوردت أنه بموجب هذا القرار شرعت الشركة في إيقاف النساء ذوات الـ55 سنة. “بل وتمادى المشغل إلى حد إيقاف نساء أخريات بدعوى أن هذه أوامر المديرية”، تتابع المصرحة نفسها في شهادتها، قبل أن تسترسل موضحة أنه تم إيقاف 5 سيدات، اكتشفت العاملات لاحقا أنهن نقابيات انشغلت كل واحدة منهن بهمومها وهموم زميلاتها في العمل، وبذلت جهدا وافرا في الدفاع عن الحقوق المهضومة لهذه الفئة.

كما أكدت أن “المطرودات” اتجهن صباح اليوم الاثنين 04 أكتوبر الجاري إلى مفتشية الشغل من أجل تتبع فصول القضية، فطُلب منهن تحرير محضر في الموضوع وإيداعه لدى مفتش الشغل قصد عقد لقاء مع الشركة المذكورة.

“لقد تعبنا، تقول السيدة الثانية، من هذه المحاضر واللقاءات والاحتجاجات والوقفات التي طالت لما يزيد عن سنة، نريد حلا نهائيا، فنحن لا نطالب بأي شيء سوى بأجورنا، فنحن نشتغل 15 ساعة في الأسبوع.

وأضافت: “ملي ضربنالها الحساب جات 17 ألف و800 ريال وهوما دايرين لينا 15 ألف ريال”، يعني أن اقتطاعات تطال رواتبنا بدون أي مبرر، الضمان الاجتماعي يصرح بـ9 أيام فقط، نحن الخمس مطرودات عندما بحثنا اكتشفنا أنه غير مصرح بنا رغم تعليمات صاحب الجلالة التي تقضي بضرورة توفر الجميع على ضمان اجتماعي من عمال وحرفيين وما إلى ذلك…”

“خلاصة الأمر لا وجود لمراقبة، والصفقات توقع دون أن نحضر فيها وكأننا لا نوجد على وجه الأرض، إلى أن فوجئنا بأن تلك البنود تطبق علينا رغم تضمنها لكل ما فيه ضرر للعاملات، وعندما تتحدث عن حقوقك يتم توقيفك من العمل، نحن نطالب بإدراجنا في دفتر التحملات “ماشي وحدة ضاربة 15 عام ويجي واحد يقولها سيري في حالاتك هكا غي قالهالو راسو””، تكشف المتحدثة الثانية بحرقة.

كما أفادت أن ممثل الشركة بمكناس يعامل النساء كأنهن “إماء” لديه، بطريقة خالية من “الأدب”، كأن يقول للعاملة “سمعيني ومتجاوبينيش”، بل ويتصل بسيدات متزوجات عند منتصف الليل بشكل ينم عن سوء احترامه لهن، وفق تعبيرها.

وفي اتصال هاتفي لجريدة “الديار” بممثلة النقابة المدافعة عن حقوق “عاملات النظافة” بمديرية مكناس، أفادت الأخيرة أن العقد المبرم بين الشركة والعاملات يضم 3 ساعات من العمل، في حين يتم إلزام الأخيرات بالاشتغال لأكثر من ذلك، ولو توجب عليهن العمل ليوم بأكمله.

كما أكدت أن الشركة انطلق عقدها في شهر يونيو، و”مشا شهر غشت بلا خلاص”، والآن انطلق العمل منذ شتنبر بدون عقدة بدون بدلات عمل ولا معقمات، موردة أن العمل كان يتم بشكل عشوائي، إلى أن أجرين اتصالا بالكاتب العام للعمالة، الذي تدخل في الموضوع، وعقب ذلك بدأ توزيع العقود، على أساس أن من لم توقعها تعد مطرودة، وهذا العقد يضم شروطا لا محل لها من الإعراب، لدرجة أنه يأمر بإرجاع المواد التي تقدم للعاملات حال خروجهن من المؤسسة.

“وحين اكتشف صاحب الشركة أنني أدافع عن العاملات، قام بطردي، بدعوى أنني أفتعل المشاكل، وأكد لي أن سماحه بعودتي إلى العمل مقرون بأن “أدخل سوق راسي”… ونحن خمس موقوفات طردنا بسبب انتمائنا إلى المكتب النقابي”، تصرح ممثلة النقابة.

كما ذكرت أنها طالبت بأداء الأجور في وقتها المحدد، ليرد عليها مدير الشركة بأنه “أصلا” لن يؤدي رواتب ولا واحدة من العاملات لشهر شتنبر، لأن المديرية أخبرته بأنه “مغيتخلصش”، وبالتالي “مغيخلص حتى وحدة”، قبل أن تشير إلى أنها احتجت على هذا القرار، ليرد ببرودة دم “ماشي شغلي فيهم، يتعاونوا معنا في سبيل الله”.

وشددت المتحدثة ذاتها على أنها مصرة على الدفاع عن حقوق العاملات، حتى وإن لم تحظ هي الأخرى بحقوقها.

من جهته، نفى زكرياء ونزار مدير الشركة المعنية، كل ما صرحت به العاملات، مؤكدا أن الكل يتقاضى أجره بقوانينه، وأنه يصرح بـ9 أيام من العمل لأن العاملات يشتغلن هذا “القدر فقط”، أي 3 ساعات في اليوم تعطي مجموع 9 أيام في الأسبوع.

“داكشي محسوب”، ووثائق كل شيء تسلم للإدارة كي يتأكدوا أن كل شيء وفق القانون، و”مسائلهم” كلها “كتخلص” في وقتها، على حد تعبير مدير الشركة، مقرها الاجتماعي بمدينة العيون.

وأضاف ونزار: “أما بالنسبة للطرد فنحن بدأنا حديثا أي لحوالي شهر، “آش غنطردو.. خدّمنا بعدا ما نطردو”، لقد انطلقنا مع انطلاقة الدخول المدرسي، ونوقع عقدا مع من يشتغلون جيدا ومن لا يشتغلون جيدا لا نربطهم معنا بعقد، “كلشي كيتخلص فالوقت ديالو وبالقانون ديالو”، وكل الوثائق تسلم للإدارة “اللي مكتخلصك حتى كيكون كلشي طبقا للقانون”، يصرح ونزار.