من مشروع سيشغل 360 شخصا إلى “السجن”!.. قصة مستثمرة وقعت ضحية لـ”السياسة” و”الضرب تحت الحزام” وتازة على صفيح ساخن
تعيش مدينة تازة على صفيح ساخن، بسبب تهديد أزيد من 200 شخصا بتنظيم وقفات احتجاجية واعتصامات أمام عمالة الإقليم بعد الإعلان عن إقبار مشروع معمل للنسيج كان سيشغل 360 شخصا على دفعتين.
وعلمت جريدة “الديار” أن المدينة تعيش حالة استنفار قصوى بعد عزم بعض المستثمرين الاحتجاج، كذلك، ضد السلطات بعد استفادة بعض “المحظوظين” من بقع بالمنطقة الصناعية بأثمنة وصفتها مصادر بـ”البئيسة”، ودخول بعض الأجهزة الأمنية على الخط للبحث في أسباب “إقبار” هذا المشروع، الذي تداخلت فيه “السياسة” و”المصالح الخاصة” و”الضرب تحت الحزام”.
وفي هذا السياق، كشف جلال بوطوال، مدير المعمل والمتحدث الرسمي، عن تفاصيل مثيرة حول قصة “قتل” المشروع وعن حجم الخسائر التي تكدبتها المستثمرة، مؤكدا على أن فكرة خلق هذا الاستثمار بمدينة تازة، جاء لأسباب اجتماعية واقتصادية في الدرجة الأولى، ذلك أن صاحبة المشروع تنحدر من المنطقة، وقررت خلق فرص عمل لأبناء بلدتها التي تعاني من الركود الاقتصادي والاجتماعي وغياب فرص الشغل.
وأشار بوطوال، خلال سرده قصة المشروع “الموؤود” لجريدة “الديار”، إلى أن أول مفاجأة اعترضت المستثمرة هي عدم إمكانية تسجيل عنوان المعمل في أوراق الشركة، لأن عقد الكراء يتحدث عن كراء الأصل التجاري وليس المحل، نتوفر على نسخة منه، مضيفا إلى أن هذا المشكل تم تجاوزه بتحديد عنوان آخر للشركة وتسجيل المعمل كوحدة إنتاجية، مشددا على أن صاحب الملك قدم وعدا بعدم استخلاص واجبات الكراء، والمحددة في 4 ملايين سنتيم، إلى حين بداية عملية الإنتاج وحصول المستثمرة على قرض “انطلاقة” من البنك.
“عند اتفاقنا مع صاحب المحل على تفاصيل الكراء، يقول مدير المعمل، تم الاتفاق على كراء بعض الآلات والتجهيزات الموجودة بالمعمل، والتي قال عنها صاحبها أنها صالحة وتحتاج فقط بعض الإصلاحات الطفيفة”، قبل أن يضيف أنهم قرروا شراءها، حتى يتمكنوا من التصرف فيها كما يشاؤون، بـ16 مليون سنتيم بعقد بيع خاص بالآلات، نتوفر على نسخة منه، قبل أن يصدموا بعدم صلاحيتها نهائيا لطلبات زبائن المعمل بعد معاينتها من طرف مسؤول تقني، ليتم بيعها عبارة عن “خردة” بـ3,5 مليون سنتيم فقط، “تلك أولى الخسارات”، يتابع بوطوال.
وتابع مصدرنا أن هذا المبلغ المتحصل من بيع الآلات تم استغلاله في تجهيز وإصلاح المحل، بعد إضافة 12 مليون سنتيم عليه، قبل التوجه إلى مدينة فاس لاقتناء آليات جديدة ومناسبة لتحقيق الجودة المطلوبة من زبناء المشروع، موضحا أنه تم الاتفاق مع الموردين على تسليم الآليات مع الحصول على آجال معقولة للتسديد، منوها، في نفس الوقت، بتعامل الشركة وتفهمها وثقتها في المشروع.
“مباشرة بعد إدخال الآليات الجديدة، ستنطلق “الحرب” على المشروع، حيث تلقت السيدة اتصالا من المالك يطالبها بثمن الكراء رغم أنه أعطى “الكلمة” أنه لن يستخلص واجبات 6 أشهر من الكراء إلا بعد الحصول على القرض”، يسترسل محدثنا، قبل أن يوضح أنه تم عقد جلسة تم الاتفاق خلالها على منح صاحب الملك “شيكات” مع الإلحاح على عدم صرفها إلا بعد الحصول على القرض، في إطار من الثقة المتبادلة بين الأطراف.
وذكر بوطوال أنه 3 أيام بعد حصول صاحب المحل على الشيك الثالث، تلقى اتصالا من البنك، وهو في طريقه لجلب الدفعة الثانية من الآليات، يخبره بضرورة توفير مؤونة 3 شيكات (12 مليون سنيتم) باسم شركة صاحب المحل، مضيفا أنه، والمستثمرة، عادا على عجل للقاء الكاري، الذي أخبرهم بضرورة حصوله على أمواله مهددا بالقيام بـ”شغلو”.
“بعد محاولات للاجتماع مع صاحب المحل قوبلت بالرفض، يفيد المتحدث الرسمي، تم عقد لقاء مع محاميه الذي تدخل لمنحنا 3 أسابيع لتوفير السيولة وتسديد 12 مليون واسترجاع شيكاتنا”، ليتفاجأ الجميع، مرة أخرى، بالتوصل، يومين بعد لقاء المحامي، بإشعار لتسديد واجبات الكراء قبل أن يتم إخبارنا أن الشيكات تم وضعها بين يدي وكيل الملك بمحكمة تازة.
مصدر جريدة “الديار” أكد على أن كل هذه “العقبات” لم تثنيهم على الإيمان بالمشروع، بل شدد على أن المستثمرة كانت مستعدة أن تسجن بسبب الشيكات ولا يتوقف المشروع، خصوصا أنه تم إخبار 180 شخصا بموعد انطلاق العمل رسميا، والذي تم تحديده في يوم الاثنين 22 مارس المقبل.
“لنتلقى الضربة القاضية، ونحن نستعد لمباشرة العمل، بحلول شاحنات شركة فاس لاسترجاع آلياتها كاملة”، يقول بوطوال بأسف، وعن سؤال جريدة “الديار”، لماذا؟ أجاب المتحدث نفسه: “لأن أحد “أعيان” المدينة و”سياسييها” اتصل بالشركة وأخبرهم بأننا سنعلن عن إفلاسنا وسنبيع آلياتها!..”.
وتابع المصدر ذاته: “بكل بساطة تم “تدمير” مشروع، تم العمل عليه لأزيد من 4 أشهر مع ما رافق ذلك من خسائر ومصاريف، ولكن المؤسف والمبكي، هو “ضياع” هذا الاستثمار الذي كان سيشغل 180 شخصا في الدفعة الأولى و180 شخصا في الدفعة الثانية، مع ضمان رواتب محترمة وجميع الحقوق الاجتماعية للمستخدمين”.
وعن مآل طلب قرض “انطلاقة”، كشف محدثنا أن الجميع اتحد لإسقاط هذا المشروع حيث تحدث عن “تماطل” و”كذب” مستخدمة بإحدى الوكالات البنكية بالمدينة، والتي أخبرتهم في أكثر من مناسبة بأن الملف قد تم قبوله، متعللة، في كل مرة بضرورة جلب وثيقة ما أو انتظار توقيع ما، قبل أن يتضح أنه لم يتم قبول قبول الملف لأسباب وصفها بالغامضة، مشددا على أن المسؤولة رفضت منحهم وثيقة الرفض، قبل أن يوضح أن مستجد الرفض تم اكتشافه صدفة أثناء إجازة الموظفة المذكورة.
وحمل جلال بوطوال مسؤولية “تخريب” هذا المشروع إلى “لوبي” الفساد بتازة، الذي لا تهمه سوى مصالحه الضيقة ضدا على مصلحة المدينة والمواطنين، مستنكرا صمت والي الجهة وعامل الإقليم إضافة إلى المركز الجهوي للاستثمار على ما لحق مشروع كان سيخلق فرص عمل لأبناء المنطقة، في ضرب صارخ لشعارات دعم المقاولات وحماية المستثمرين.
وختم مدير المعمل والمتحدث الرسمي باسم المشروع “المتوقف” حديثه لجريدة “الديار” أن المستثمرة، ابنة تازة، مهددة في أي لحظة بالسجن، “فقط.. لأنها عادت لبلدتها التي تفتخر بها لإنقاذ شابات وشباب المنطقة من الضياع ومنحهم فرص للعيش الكريم”، يستطرد بغضب.
هذا واتصلت جريدة “الديار” بمحامي صاحب العقار، الذي رفض التعليق على الموضوع أو مدنا برقم الكاري، بدعوى السر المهني.