لماذا استقال الرئيس؟.. “الديار” تكشف تفاصيل “بلوكاج” مشروع ملكي وتنمية ميسور والسلطة في قفص الاتهام
قدم محمد دريسي، رئيس المجلس الجماعي لميسور عن حزب العدالة والتنمية، استقالته إلى عامل إقليم بولمان لأسباب تتعلق باستمرار توقف عدد من الأوراش التنموية بالمدينة، حسب وثيقة الاستقالة.
وعن خلفيات هذه الخطوة، كشف مستشار، من الأغلبية المسيرة لجماعة ميسور، أن هذا الإجراء الذي أقدم عليه الرئيس لم يكن هو الأول، حيث سبق أن قدم استقالته قبل سنتين لنفس الأسباب، ليتراجع عنها لمنح المسؤولين فرصة ثانية إثر تلقيه وعودا برفع “البلوكاج” الذي تعرفه جل المشاريع التنموية.
وأوضح المستشار الجماعي، رفض الكشف عن هويته، في تصريح لجريدة “الديار”، أن الرئيس ضاق ذرعا بسياسة “العرقلة” التي تنهجها السلطات بميسور، مستنكرا تطاولها على مشروع ملكي ما زال يراوح مكانه منذ 2008.
“12 سنة، يضيف المتحدث نفسه، ولم يتم تنفيذ اتفاقية مدن بدون صفيح، الموقعة أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال زيارته التاريخية للمنطقة”، قبل أن يستطرد بغضب: “فما بالك بمشاريع أخرى.. إنها مهزلة وفضيحة بكل المقاييس!”.
وأفاد المستشار، بخصوص هذا الملف، أن جميع المساطر والترتيبات تم الاتفاق بشأنها، سواء مع عامل الإقليم أو مع شركة العمران، مستشهدا بمحاضر الاجتماعات حول هذا الموضوع حيث تم الاتفاق على تاريخ 22 أكتوبر الماضي لانطلاق العملية، قبل أن يعبر عن استغرابه لعدم تحرك السلطة المحلية لتنفيذ التزاماتها بترحيل المستفيدين إلى تجزئتي النجاح والرياض 2، إلى حدود اللحظة، مستنكرا حرمان عدد مهم من المواطنين من سكن لائق وعيش كريم.
وأبرز عضو المجلس الجماعي لميسور أن مشاريع أخرى تعرف نفس المصير، مشيرا إلى برنامج تأهيل المدينة الذي يعرف بدوره “بلوكاج” غير مفهوم.
وفي التفاصيل، أكد مصدرنا المطلع على أن هذا الملف عرف حادثا غريبا، بعد انطلاق العمل به سنة 2016، عبر إعداد اتفاقيات مع وزارة السكنى وسياسة المدينة بشراكة مع 14 قطاعا حكوميا، لـ”يختفي” ملف المشروع عند وصوله إلى الوزارة المنتدبة المكلفة بالماء، في عهد شرفات أفيلال، عن حزب التقدم والاشتراكية!
وتابع المستشار أن المجلس الجماعي دخل في سباق مع الزمن لإعداد ملف جديد، بتنسيق مع وزارة الداخلية، حيث تمت تعبئة 67 مليون درهم لإعطاء انطلاقة برنامج تأهيل المدينة.
“ليُصدم الجميع، يقول المصدر نفسه، بتعثر هذا البرنامج رغم الإعلان عن صفقة الشطر الأول قبل مدة طويلة”، مسجلا، في السياق ذاته، عدم دعوة شركة العمران لممثلي المجلس الجماعي أثناء زيارة مديرها العام للمنطقة.
وعن تجزئة النهضة، التي جاء ذكرها في رسالة الاستقالة، أشار المستشار الجماعي أن هذا الملف يعود لسنة 2004، حيث تم اقتناء بعض أراضي الجموع بشراكة مع “شركاء” إماراتيين لإنجاز تجزئة.
وأضاف أن هذا المشروع عرف توقفا منذ تلك الفترة حتى 2016، حيث تم تحريك الملف، مع تسجيل توافق من طرف جميع المتدخلين في العملية، قبل أن يتم “الحجز” على 4 ملايير سنتيم، عبارة عن مداخيل تخص الجماعة، فيما سماه بـ”حساب وديعة” لدى الخزينة العامة.
وأكد محدثنا دخول وزير الداخلية على خط هذا “الحجز”، معطيا أوامره في مراسلة، نتوفر على نسخة منها، بتمكين الجماعة من مداخيلها لاستغلالها في إنجاز برنامج عملها، “وهو الأمر الذي لم ينفذ منذ 2019 إلى الآن، في دليل آخر على غياب إرادة لتنمية هذه المدينة وتطويرها من طرف البعض”، يشرح المصدر ذاته.
“حتى ملف تحرير الملك العمومي، يضيف العضو الجماعي، لم يسلم من “تخاذل” السلطة المحلية و”استهتارها”، وفي هذا الإطار، ذكر مصدرنا بسوق القرب الذي تم إنجازه بتمويل من المبادرة الملكية للتنمية البشرية ومساهمة من الجماعة بقيمة بلغت 81 مليون سنتيم، حصة التجار، دون أن يكلف المسؤولون أنفسهم عناء “توجيه” المستفيدين للانتقال إليه، رغم جاهزيته التامة لاستقبالهم، مفضلين استمرار الفوضى في أزقة وشوارع ميسور.
وعن سؤال “من يقف وراء هذا البلوكاج؟”، استبعد المصدر نفسه تورط عامل الإقليم، مشيرا إلى أن هذه التصرفات انطلقت في عهد المسؤول السابق، الذي تم إعفاؤه وعاملا ميدلت وتنغير بسبب “توقف التنمية”، مرجحا وقوف السلطة المحلية في شخص باشا المدينة وبعض القياد وراء هذه العراقيل.
وشكك المستشار الجماعي في خلفيات هذا “البلوكاج” وعدم حياد السلطة المحلية، ملمحا إلى تواطؤها، ربما، مع تيارين سياسيين بالمدينة، لـ”إفشال” تجرية محمد دريسي وحزب العدالة والتنمية المُسير للمجلس الجماعي، واعدا بتقديم تفاصيل ما وصفه بـ”المؤامرة” على المدينة في القادم من الأيام، قبل أن يسخر، في نفس الوقت، من عملية تسريب وثيقة الاستقالة بغرض إحراج الرئيس أمام الرأي العام وثنيه عن التراجع عنها.
“نقبل انتقاد المجلس الجماعي بمناسبة أو بدونها، كما نتفهم تسخير “بلطجية” لتبخيس عملنا من طرف البعض.. لكن من غير المقبول رهن مستقبل المدينة وتنميتها لحسابات سياسية وانتخابية”، يقول مصدرنا في ختام حديثه للجريدة.