مقالع الرمال بصفرو.. فاعلون يدقون ناقوس الخطر و”لوبي” في قفص الاتهام

تزامنت الذكرى 13 لـ”انتفاضة الخبز”، التي عرفتها مدينة صفرو بتاريخ 23 شتنبر2007، مع “حراك بيئي” انخرطت فيه فعاليات محلية وجمعيات المجتمع المدني، بالتوقيع والدعوة إلى رفض إنشاء مقلع جديد للرمال والحصى بإقليم صفرو.

“حراك” أعاد إلى الواجهة النقاش حول “لوبي” المقالع، وخروقات بعض المستثمرين في المجال التي “تفتك” بالأرض والزرع وتدمر البيئة، في غياب مراقبة صارمة من المصالح المختصة.

جريدة “الديار” تقدم تفاصيل قضية تتداخل فيها “الغيرة” على البيئة و”محاربة الفساد” مع مصالح و”صراعات” أرباب مقالع الرمال بالمنطقة.

“الفايسبوك” للحفاظ على البيئة

انتهت أول أمس، الأربعاء 23 شتنبر، المهلة المحددة للبحث العمومي لفتح مقلع جديد للحصى والرمال في “عالية” صفرو والمحسوبة ترابيا على جماعة سيدي يوسف بن احمد.

وكشفت مصادر متطابقة لجريدة “الديار” أن عدد التوقيعات الرافضة لهذا المشروع تجاوز الـ40 إمضاء لمواطنين وجمعيات تهتم بالبيئة، في حدود زوال أول أمس الأربعاء، مشيرة إلى تخصيص سجلين لـ”التعرض” بكل من مقر جماعة سيدي يوسف ابن احمد ومقر القيادة بالجماعة نفسها.

هذا العدد المهم من التوقيعات جاء نتيجة لحملة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قادها مجموعة من الفاعلين المدنيين بمدينة صفرو، تُطالب بالمشاركة المكثفة في رفض هذا المشروع المُؤثر على البيئة، وفق تدوينات “فايسبوكية” وأشرطة مرئية لذات الفاعلين.

وفي هذا السياق، كشف حفيظ مهراز، فاعل مدني وحقوقي، في تصريح لجريدة “الديار” أن الانخراط في حملة “التعرض”، على مشروع مقلع الرمال نواحي صفرو، جاء لدق ناقوس الخطر ولفت الانتباه إلى “الكوارث” التي تخلفها بعض مقالع الرمال بالمنطقة، مشددا على عدم احترام “لوبي” المقالع لدفاتر التحملات مما يؤثر سلبا على البيئة ويهدد حياة “البشر والشجر”.

وأضاف مهراز أن الفرشة المائية بالمنطقة تأثرت كثيرا بـ”الحفر غير القانوني” الذي يقوم به بعض أصحاب مقالع الرمال مشيرا، كذلك، إلى الانتشار الكبير للغبار مما يؤثر على جودة الهواء داخل المدينة.

محدثنا أبرز في تصريحه للجريدة أن “التعرض” لم يقتصر فقط على الجمعيات والمواطنين، بل أكد على رفض مصالح المياه والغابات بالإقليم لهذا المشروع.

“لوبي” المقالع وتصفية الحسابات

حسب ورقة تقنية، نتوفر على نسخة منها، فإن هذا المشروع، المثير للجدل، يتواجد بمجمع مقالع سيدي علي بوسرغين على تراب جماعة سيدي يوسف بن احمد ويبعد بحوالي 2،4 كلم عن مدينة صفرو، وهي أرض في ملكية خاصة مكتراة لمدة 25 سنة.

ويمتد المقلع، وفق الوثيقة ذاتها، على أزيد من 29هكتارا، سيتم استغلال 10 هكتارات منها فقط، باستثمار مالي يبلغ 500 مليون سنتيم.

وقابل (ع.ج)، صاحب المشروع، طلب جريدة “الديار” التعليق على الجدل القائم بخصوص فتح المقلع الجديد للرمال بالرفض، واعدا بتقديم رأيه حول الموضوع بعد اجتماع مرتقب لجمعية أرباب المقالع.

وفي الوقت الذي كان فيه جواب عبد العزيز الفاقودي، رئيس جماعة سيدي يوسف بن احمد التي يدخل المشروع في دائرة نفوذها، على أسئلة “الديار”، (جوابا) غريبا وخارج السياق، متهما، بشكل فج ومُضحك، الجريدة بـ”استنطاقه” لتسجيل المكالمة الهاتفية! شدّد مصدر من جمعية أرباب المقالع بإقليم صفرو على أن الموضوع أخذ أبعادا غير عادية ومثيرة للشكوك.

عضو الجمعية استغرب، في حديث مع جريدة “الديار”، الإشاعات التي تتحدث عن تهديد غابة “تايدة”، موضحا أن المشروع، موضوع الجدل القائم، بعيد جدا عن الغابة والساكنة ولا يضم سوى بعض شجيرات الدوم وبعض النباتات الشوكية.

“في نظري، يضيف محدثنا، فإن تصفية حسابات، من طرف “لوبي” المقالع، تقف وراء هذه الضجة المفتعلة”، مشيرا إلى أن تسريب “المسح الطبوغرافي” للمشروع والتركيز على هذا المقلع فقط، دون الحديث عن مقالع أخرى تمت الموافقة عليها بقرار عاملي وتنتظر كذلك الترخيص بالإقليم، يعزز هذه الفرضية.

وفي هذا الصدد، أبرز عضو الجمعية المهنية أن هناك مشروعين إضافيين خضعا للبحث العمومي دون أن يكثرت لهما أحد، مشروع بجماعة سيدي لحسن، في منطقة خالية من المقالع وقريب من طريق المنزل، وآخر بمنطقة أيت السبع الجروف في منطقة تضم مقالع.

“أكثر من هذا، يقول المصدر نفسه، تم منح رخص جديدة مؤخرا في نفس المنطقة التي يوجد بها المشروع، موضوع الخلاف، أي في مجمع مقالع سيدي علي بوسرغين”، مبرزا أن أحد المشاريع الجديدة، والحاصلة على ترخيص قبل مدة قصيرة يقع بمحاذاة هذا المشروع، قبل أن يتابع متسائلا: “لا أشكك في نوايا المواطنين ولا أتهم أحدا بالتواطئ.. لكن أين كانت هذه الجمعيات عندما تم الترخيص لهذه المقالع؟ ولماذا هذا التمييز؟”.

وبخصوص ما يروج عن عدم احترام أرباب المقالع لدفاتر التحملات وآثار ذلك على المجال البيئي، أكد مصدرنا أن تشديد المراقبة من طرف السلطات الإقليمية كفيل بوضع حد لمثل هذه التصرفات التي يسقط فيها البعض، مستنكرا، في الوقت نفسه، “التعميم” الذي يضع جميع أرباب المقالع في سلة واحدة.

الاستثمار والقانون

سؤال عضو جمعية أرباب المقالع نقلته جريدة “الديار” إلى رئيس جمعية تهتم بالبيئة بصفرو، وقع هو الآخر على رفض فتح المقلع الجديد للحصى والرمال، حيث أشار أن “تعرضه” على هذا المشروع هو رسالة لمن يهمهم الأمر للعمل على تطبيق القانون.

وقال رئيس الجمعية، رفض الكشف عن اسمه، في معرض جوابه: “حذرنا أكثر من مرة من الخروقات التي يقوم بها بعض أرباب المقالع بمجمع سيدي علي بوسرغين، بل عقدنا اجتماعين مع الكاتب العام للعمالة حول الموضوع، الأول قبل تعيين العامل بنجلون والثاني بعده بأكثر من سنة تقريبا، بسطنا خلالهما المشاكل التي تهدد البيئة بسبب المقالع، قبل أن نطالب المسؤولين بالعمل على مراقبة احترام دفاتر التحملات”.

وعن رد السلطة، تابع الناشط الجمعوي مسترسلا: “في كلا الاجتماعين أخبرنا الكاتب العام أن أرباب المقالع ملتزمون بإصلاح الطريق وتوسيعها، كما سيعملون على إعادة تأهيل وتشجير المقالع التي تم الانتهاء من استغلالها، بالإضافة إلى إجراءات أخرى”، مضيفا أنه، ولحدود اليوم، لم نرى شيئا من هذه الوعود على أرض الواقع.

وختم رئيس جمعية البيئة حديثه مع جريدة “الديار” قائلا: “نحن مع الاستثمار وخلق فرص الشغل، لكن مع التطبيق الصارم للقانون والاحترام التام لدفاتر التحملات”.

فكرة يختلف حولها حفيظ مهراز، الفاعل المدني، برفضه التام لتناسل مقالع الرمال كالفطر في أطراف المدينة، مُرجعا الأمر إلى آثارها السلبية سواء على البيئة أو على الاقتصاد، موضحا أن بعض أرباب المقالع يتهربون من الضرائب ولا يؤدون المستحقات القانونية للجماعات ولمؤسسات الدولة وللعمال، قبل أن يختم تصريحه لجريدة “الديار” بـ”باااراكا من الكاريانات”.