دفاع المتهمين يصف الصحافة بـ”المأجورة” و”يهاجم” النيابة العامة!.. تفاصيل المرافعات في ملف “الشيكات الانتخابية” بصفرو والحكم في هذا التاريخ

حددت هيئة الحكم، أمس الاثنين، 12 ماي القادم تاريخا للنطق بالحكم في ملف الفساد الانتخابي بصفرو، المعروف بفضيحة “الشيكات الانتخابية”، بعد أزيد من سنة على تسجيله في المحكمة الابتدائية بصفرو.

ويتابع في هذا الملف، الذي هز الرأي العام المحلي والوطني، المتهم الرئيسي (ز.و)، عضو المجلس الجماعي، في حالة سراح بكفالة مالية قدرها 3 ملايين سنتيم، من أجل جنح: “قبول شيك على سبيل الضمان، والنصب، واستعمال وسائل تدليسية من أجل تحويل أصوات الناخبين، والحصول على أصوات الناخبين ومحاولة ذلك بالوعود بوظائف عامة أو منافع أخرى بقصد التأثير على تصويتهم، وحمل ناخب على التصويت باستعمال التهديد”.

فيما يتابع (ع.ب)، مقاول يٌقدم كشريك في الأعمال للمشتبه فيه الأول، في حالة سراح بكفالة مالية قدرها 3 ملايين سنتيم أيضا، من أجل تهم “النصب، وإهانة الضابطة القضائية بتقديم أدلة زائفة، والمشاركة في قبول تسلم شيك على سبيل الضمان”.

كما يحاكم 4 أعضاء أخرين بالمجلس الجماعي لصفرو، بينهم مستشارة، في حالة سراح بكفالة مالية تتراوح بين مليون سنتيم و5000 درهما، من أجل جنح “المشاركة في قبول شيك على سبيل الضمان، والنصب، واستعمال وسائل تدليسية من أجل تحويل أصوات الناخبين، والحصول على أصوات الناخبين ومحاولة ذلك بالوعود بوظائف عامة أو منافع أخرى بقصد التأثير على تصويتهم”.

“الديار” و”المنظمة”

وشهدت القاعة 2 بالمحكمة جلسة ماراطونية، للمرة الثانية على التوالي، من أجل الاستماع إلى المرافعات، بعد تصريح آخر “شاهد” في القضية، التي هزت الرأي العام المحلي والوطني، بعد تغيبه عن أطوار الجلسة السابقة.

وانطلقت جلسة محاكمة المتهمين في ملف “الشيكات الانتخابية”، المخصصة للمرافعات، بالاستماع إلى شريك المقاول المتهم بـ”إهانة الضابطة القضائية بتقديم أدلة زائفة”، حول ظروف حصوله على الشيك، الذي قدمه إلى البنك من أجل استخلاص مبلغ 40 مليون سنتيم.

محامي الطرف المدني (ع.ش)، ذكّر في بداية مرافعته بالسياق العام للملف، حيث أشار إلى أن “الديار” والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، شكلا الشرارة الأولى لانطلاق التحقيقات في ملف الفساد الانتخابي بصفرو، إثر اعتماد الجمعية على مقال للجريدة في شكاية موجهة إلى الوكيل العام بمحكمة النقض رئيس النيابة العامة، وإلى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بفاس، مستغربا، في نفس الوقت عدم استدعاء الجمعية، ذات المنفعة العامة، رغم كونها مشتكيا وطرفا مدنيا في القضية.

كما أشار إلى شكاية “المنوب عنه”، الذي أجبر على تسليم شيك على سبيل الضمان الانتخابي، وإلى الضغط الذي تعرض له من اجل التصويت لجهة على حساب جهة أخرى.

وأوضح محامي الضحية أنه رغم التصريحات التي تتحدث عن تصفية حسابات سياسية، وإنكار المتهمين للوقائع، فإن مجموعة من المعطيات والتصريحات تؤكد ما جاء في شكاية الضحية.

وأبرز أن المستشار (ر.ج) قدم مجموعة من المعطيات التي تبدو تصريحات صادقة والتي تتطابق مع ما جاء على لسان المنوب عنه ومجموعة من الشهود، متحدثا عن تفاصيل التهديد التي تعرض له في الشمال في حال مغادرته التحالف.

كما تطرق إلى التصريحات المفصلة للمستشارة (ج.ب) والمستشارة (م.ض)، اللتان اعترفتا انهما قدمتا شيكات من أجل الحفاظ على التكتل الانتخابي، وهي التفاصيل التي وصفها بـ”المملة” أمام قاضي التحقيق. كما أشار إلى تفاصيل اللقاء بفاس بين المستشارتين والمتهمين الرئيسيين في الملف، واللذان هددا بـ”تأديب” المطالب بالحق المدني.

واعتبر المحامي موكله بـ”الساذج”، والذي اعتقد لانعدام خبرته في السياسة والانتخابات، أن الأمور “هكا كتمشي”، خصوصا أنه متحالف مع اشخاص لهم سنوات من الخبرة والتجربة في التدبير المحلي.

وتابع المتحدث نفسه متحدثا عن الأضرار التي لحقت بالمنوب عنه واسرته الصغيرة، حيث كانت زوجته مهددة بالسجن بعد تقديم الشيك باسمها للسحب، مشيرا، كذلك، إلى الإنذار الذي توصلت به وتسلمه ابنها الصغير، الذي دخل في نوبة هيستيرية.

وختم دفاع المطالب بالحق المدني مرافعته بالتماس تعويض مدني من المتهمين باستثناء المستشار (ر.ج)، وإدانتهم بالمنسوب إليهم، مذكرا بضرورة اعتماد الخبرة التي تم إجراؤها بتعليمات من النيابة العامة.

حديث المحامي عن الخبرة، دفع عدد من محاميي المتهمين إلى المطالبة باستبعاد الخبرة التي لم يطلعوا عليها في أي مرحلة من مراحل التقاضي، قبل أن تحملهم رئيسة الجلسة مسؤولية عدم الاطلاع عليها، مقدمة مقتطفات من تصريح أحد المتهمين الذي يؤكد من خلالها اطلاعه على نتائج الخبرة التقنية حول تموقع الهواتف، والمنجزة بتاريخ 18 غشت 2013.

وهي المعطيات التي أكدها ممثل النيابة العامة الذي تطوع لتقديم نسخة من الخبرة للمحامين.

الدفاع و”التشيار”؟

وفي الوقت الذي اختار عدد من المحامين من هيئة دفاع المتهمين الترافع لفائدة موكليهم عبر توضيح التناقضات في تصريحات الشهود والمطالب بالحق المدني والتساؤل عن أسباب عدم متابعة المعترفين بتقديم شيك بدون رصيد، ومناقشة فصول المتابعة والتهم الموجهة إلى المتابعين في الملف، بالرجوع إلى فصول القانون الجنائي، والتي بلغت حد المطالبة باستبعاد تقرير قاضي التحقيق، اختار زميلا لهم أسلوب “التشيار”، وفق تعبير عدد من المتابعين لأطوار المحاكمة، عبر “الهجوم” على الصحافة والمجتمع المدني والنيابة العامة، التي لم يتردد في اتهامها بعدم الحياد والتأثير في الانتخابات.

وأردف المحامي: “واش تخلعونا بالصحافة والجمعيات” معيدا عبارة: “فجرت “الديار” والمنظمة المغربية لحقوق للإنسان القضية!”، قبل أن يتحدث عن التطفل على الاختصاصات وتصفية الحسابات، مبرزا، في السياق، أن الصحافة قد تكون “مأجورة”!

وشرع المتحدث نفسه في “مهاجمة” النيابة العامة عبر الحديث عن تحركها لصالح جهة على حساب أخرى، مشيرا إلى جهة المضيق وجهة السعيدية، وهي المدن التي سافر إليها التكتلان المتنافسان على رئاسة جماعة صفرو قبل انتخاب الرئيس الجديد، ليبلغ به “الحماس” حد اتهامها بالتأثير على الانتخابات المقبلة.

كما وضع النيابة العامة في صفرو في مقارنة مع النيابة بفاس، مشيرا إلى حالة جماعة بإقليم مولاي يعقوب، حيث تم اعتقال مستشار بتهمة “إصدار شيك بدون رصيد”، رغم تصريحه بأن الشيك قدمه في سياق “الضمان الانتخابي”، قبل أن يوضح ان الملف المعروض أمام المحكمة بصفرو خال من الإثبات، ليطالب بإرجاع الشيك إلى صاحبه ليقوم بسحبه او متابعة البنك لرفضه استخلاص قيمته بدعوى الاختلاف بين المبلغ المدون بالأرقام والمدون بالحروف.

وفي تعليقه على الخبرة، قال محامي المتهمين أنه أصيب بالخوف عند الحديث عن الخبرة، متوقعا أن يكون الأمر يتعلق بمكالمة تورط المتهمين، قبل أن يسحب هاتفه من جيبه ويخبر المحكمة أنه جلب هاتف زوجته بالخطأ، وبالتالي إذا أجريت الخبرة على هاتفه فستظهر أنه كان في مكان آخر (..)، في حين ستُظهر بأن زوجته في محكمة صفرو.

كما شرع في الطعن في الخبرات المنجزة من طرف النيابة العامة، معتبرا أنه إذا قام “جدارمي” بسب مواطن، فإن التسجيلات تظهر فجأة، في حين تختفي في حالة العكس.

وخلص المحامي، إلى أن الملف لا يعدو أن يكون مؤامرة وتواطئا بين الشهود والمطالب بالحق المدني، مقحما عدد من الشكايات وطلب إقالة أعضاء بسبب الغياب، وذلك بعد أن قامت رئيسة الجلسة بتنبيهه من إقحام الشكايات ضد رئيس المجلس الجماعي، وبكونها خارج الموضوع، ليرد بأنه “راه هو لي مور هادشي كامل”.

النيابة العامة تضع النقاط على الحروف؟

من جهته، أكد نائب وكيل الملك، أنه وجب الوقوف على بعض ما جاء في المرافعات، في إطار نقاش صحي، في رده على “الهجوم” التي تعرضت له “النيابة العامة”.

وقال إن النيابة العامة تقف على الحياد أمام جميع الأطراف، وتقوم بأدوارها الدستورية المرتبطة بالحفاظ على الأمن العام ومحاربة الفساد، مضيفا أن النيابة العامة لا تتلقى توجيها من أحد، وأن الحديث عن انتصارها لطرف سياسي على حساب طرف آخر هو كلام غير مقبول، معيدا التأكيد على أن النيابة العامة لا يحركها أحد.

وعن كلام المحامي عن التأثير على الانتخابات، أكد نائب وكيل الملك أن الفوز أو الخسارة بيد المواطن، والنيابة العامة في منأى عن هذه الصراعات ليس في صفرو فقط، وإنما في المغرب، قبل أن يشير إلى أن النيابة العامة تابعت واعتقلت عددا من الموظفين السامين والبرلمانيين وأصحاب مناصب سياسية، ليستفسر: “هل متابعة برلماني من حزب معين، يعني أنها ضده أو ضد حزبه؟”.

وفي السياق أكد ممثل النيابة العامة أن الملف تحرك إثر شكايات تم فتح أبحاث في شأنها، والاستماع إلى عدد من الشهود أثبت المنسوب إلى المتهمين.

وبخصوص الوثيقة البنكية (الشيك) موضوع النازلة، أكد أنها لدى كتابة الضبط، وتعتبر من المحجوزات وعنصر إثبات، والمحكمة الوحيدة المخول لها التقرير في مصيره سواء بالاحتفاظ به أو إرجاعه.

وفيما يتعلق بالمقارنة بين النيابة العامة بفاس وصفرو، في موضوع اعتقال مستشار بتهمة إصدار شيك بدون رصيد، أكد المصدر ذاته أنه في نازلة الحال “الفلوس كانت فالكونط”، وبالتالي لا علاقة للموضوع بإصدار شيك بدون رصيد.

أما في تعقيبه على ما جاء من ملاحظات حول خبرة تموقع الهواتف، أوضح أن المقاول (ع.ب) تأكد أنه لا علاقة له بالانتخابات، غير أنه صرح أنه اتصل هاتفيا برئيس المجلس الجماعي لصفرو، والتقاه ليتسلم منه الشيك، موضوع نازلة الحال، وهو ما استوجب إجراء خبرة للتأكد من هذا التصريح الذي تبين أنه “زائف”. “ولو كان الرئيس متواجدا في المنطقة التي حددها لتمت متابعته أيضا”، يصرح نائب وكيل الملك بابتدائية صفرو.

وعن عدم متابعة المعترفين بتسليم شيك على سبيل الضمان أكد ممثل النيابة العامة أن هناك سياسة لحماية الضحايا والمبلغين، وخصوصا في قضايا الفساد المالي، عبر عدم متابعتهم، كما علق على أسباب عدم لجوء من يعتبرون أنفسهم ضحايا للتبليغ عن الفساد الانتخابي في حينه، موردا “أننا لسنا في المدينة الفاضلة”.

وعاد نائب وكيل الملك إلى التأكيد على حياد النيابة العامة، موضحا انها في هذا الملف “ما عتقلات مطلقات!) رغم صلاحياتها القانونية، بل أحالت المشتبه فيهم على قاضي التحقيق، الذي قرر متابعتهم في حالة سراح، وتم تأكيد القرار من طرف غرفة المشورة، الحَكم بين النيابة العامة وقاضي التحقيق، وفق تعبيره، ليلتمس في ختام تدخله إدانة الماثلين أمام المحكمة.

جدل المادة 3

إلى ذلك، أثار حديث دفاع المتهمين عن “تطاولط المنظمة المغربية لحقوق الإنسان على الاختصاصات ورفض تقديمها لشكاية، استياء محامي الطرف المدني، حيث عبر عن أسفه من إشارة البعض إلى إلغاء المادة 3 من القانون الجنائي.

“يحز في نفسي أن يتم ترويج خطاب إلغاء المادة 3 ومنع الجمعيات من تقديم شكايات، وغل أيدي النيابة العامة”، يورد المتحدث نفسه، ليحتدم النقاش، قبل أن تتوالى التعقيبات، لتقوم رئيسة الجلسة بتأجيل النطق بالحكم أسبوعان للتأمل، وتحديدا إلى تاريخ 12 ماي المقبل.