حضر للبحث عن هاتفه المسروق بـ”سوق الشفارة”.. “الديار” تنشر قصة سقوط “تيكتوكر” إسباني في “عشق” فاس

رغم إصرار بعض مسؤوليها على “تمريغ” وجهها في الوحل، يعمل سكانها على الحفاظ على صورتها الجميلة التي عرفت بها منذ القدم. فاس كانت ومازالت حبلى بأناس طيبين يتصفون بالجود والكرم، همهم الكبير أن يذكر اسم مدينتهم مرفوقا بصفات ونعوت مشرفة، ويؤلمهم استمرار ذكرها مقرونا بـ”عاصمة الإجرام”..

العاصمة العلمية للمملكة في الأيام الأخيرة صارت حديث رواد “تيكتوك”، بسبب قصة “المؤثر” الإسباني “Alex” الغريبة والمثيرة عن زيارته للمدينة، التي انطلقت بهدف البحث عن هاتفه “المسروق” في “سوق الشّفارة”.

لكن، ليس هذا مربط الفرس، فالجزء الأكثر إثارة للدهشة من قصته ليس فقط حضوره إلى المغرب لمحاولة استعادة هاتفه، ولكن أيضا الدروس التي تعلمها في مغامرته، والتي شاركها في مقطع فيديو سريع الانتشار على “TikTok” والذي أثر في آلاف الأشخاص، قبل أن يؤكد: “لا أستبعد العودة”.

سرقة الهاتف بإسبانيا

بدأ كل شيء عندما سُرق جهاز “أليكس”، وهو “تيكتوكر” شهير بإسبانيا، والذي يعمل بهاتفه الخلوي. وإدراكا منه للمشكلة، قام بتنشيط تتبع الهاتف لمحاولة تحديد تحركاته. وبعد دقائق قليلة من التحقيق، اكتشف أن هاتفه الخلوي موجود في مدينة فاس بالمغرب.

وفي مواجهة هذا الاكتشاف، ربما كان معظم الناس قد اتصلوا بالشرطة أو لم يكترثوا للموضوع، ولكن ليس “أليكس”، الذي يقول في مقطع الفيديو الخاص به: “لم أفكر في الأمر مرتين”، “رأيت مكانه وقررت ملاحقته”. وهكذا، وبإصرار مثير للإعجاب، ركب الطائرة وتوجه إلى فاس، مستعدا لاستلام هاتفه الخلوي، وعلى الرغم من أن هذه الخطوة قد تبدو متهورة، إلا أنها كانت في الواقع بداية مغامرة أعمق بكثير مما كان يتخيل.

مغامرة “سوق الشّفارة” بفاس

عند وصوله إلى فاس، لم يغامر Alex بالخروج بمفرده للبحث عن هاتفه، فبعد أن أدرك أن الوضع لن يكون سهلا، استأجر سيارة أجرة ومرشدا محليا لإرشاده،وهو ما أوضحه في فيديو: “أول شيء فعلته هو استئجار مرشد محلي ليأخذني مباشرة إلى المكان الذي اعتقدت أنه يمكنني العثور فيه على الهاتف الخلوي. أخذني المرشد إلى مكان سريالي تماما”.

وذكر صاحب الفيديو أنه اتجه إلى ما أسماه بـ”سوق اللصوص”، وهو مكان يتم فيه تبادل الأشياء المسروقة، من الإلكترونيات إلى الملابس والمجوهرات. وعلى الرغم من إدراكه لخطورة هذا المكان، دخل “أليكس” السوق على أمل العثور على هاتفه.

وليصف المكان، قال ضاحكا: “أقسم أنه المكان الأكثر عشوائية الذي زرته في حياتي كلها”. فقد كان المكان مليئا بالباعة الجائلين الذين يبيعون جميع أنواع البضائع، بما في ذلك الهواتف المحمولة، بعضها جديد وبعضها مستعمل بشكل واضح. ولعدة ساعات، تجول في السوق بحثا عن هاتفه بين المسروقات. ومع ذلك، وعلى الرغم من كثرة الهواتف المحمولة التي وجدها، إلا أنه لم يتمكن من العثور على هاتفه الخاص. ومع أن مهمته الرئيسية كانت استعادة هاتفه، إلا أن ما عاشه “أليكس” في فاس كان أبعد من مجرد رحلة إنقاذ بسيطة.

أليكس: “لا أستبعد العودة”

طوال بحثه، لم يواجه واقع السوق السوداء فحسب، بل شهد أيضا حياة سكان المدينة، حيث يقول “أليكس” في شهادته: “في هذا السوق، رأيت الكثير من الأشياء والتقيت بأشخاص رائعين”.. “في النهاية، لم أجد هاتفي، لكنني وجدت شيئا أكثر قيمة: نافذة على نمط حياة مختلف تماما عن ذلك الذي اعتدنا عليه. فاس مدينة جميلة، مليئة بالتاريخ والثقافة والترحيب”.

وسلط Alex الضوء على كيف أن هذه التجربة سمحت له بفهم واقع مختلف، حيث تختلف حياة الناس وقيمهم كثيرا عن تلك الموجودة في بيئتهم الخاصة. حيث يقول في هذا السياق: “على الرغم من أن بحثي لم ينجح، فقد أخذني إلى مكان رائع وتجارب لم أكن لأحصل عليها أبدا لو لم أتخذ هذا القرار”.

وفي النهاية، حتى لو لم يتمكن من استعادة هاتفه، فإن أليكس لا يعتبر مغامرته فاشلة. ويقول مبتسما: “لا أستبعد العودة”. فالرحلة لم تترك له ذكريات ودروسا فحسب، بل سمحت له أيضا بتقدير مدينة فاس وشعبها، وهي تجربة لم يكن يخطط لخوضها ولكن تبين أنها أكثر إثراء بكثير مما كان متوقعا.