في رسالة.. الحياني إلى نزار بركة: “نار تلتهم قميص “الاستقلال” بفاس والحزب بحاجة إلى إنقاذ”
إلى السيد نزار بركة الأمين العام لحزب الإستقلال
أما بعد،
واعلم أن الله بما يسر لك من أمور تدبير هذا الحزب، وما حشد حولك من مناضليه، إنما أراد أن يبتليك بهم ويبتليهم بك ،وابتلاء المناضلين ببعضهم مقياس لدرجة تماسك التنظيم وقوته وشموخه وعصيانه على الضعف والتراجع ،هو ابتلاء مبادئ وقيم وصبر على الشدائد، و قد اجتمع فيك الحفيد و الوريث الشرعي لتاريخ التنظيم، ورأسه ومدبره وراعي أمانته، فالمسؤولية مزدوجة من جهتين:
– تدبير التركة التاريخية للحزب بكل رمزيتها وبصماتها في تاريخ البلد وذاكرة الحركة الوطنية ووجدان أجيال من المغاربة.
– تدبير المسار التنظيمي للحزب والحفاظ على قوته وتماسك بنيانه وقوة مؤسساته الموازية وقوة حضوره الجماهيري. ومساهمته الفاعلة في صنع مستقبل البلد.
أسباب النزول هي فاس، وما يحدث في فاس، والصمت إزاء نار باردة بدأت تلتهم أطراف القميص ببطئ يندر باتساع مداها إن ظل الإحتكام إلى الصمت هو خيار القيادة، فالصمت ليس بالحكمة دائما و فاس المعقل والتاريخ و الذاكرة و لا يمكن لذاكرة الحزب أن تتوزعها الطوائف، هناك اليوم بفاس العديد من مراكز الثقل، يوحدها الإنتماء لتاريخ هذا الحزب العتيد، وتتوزعها النوازع والتدافعات الخاصة والطموحات الفردية، والأهواء والولاءات المشبوهة، ومن حول هذه التجمعات المصلحية، ينتصب الصيادون في الماء العكر في انتظار العاصفة للٕانقضاض على ما تبقى من إرث حزب المغاربة، وليس هناك أسوء ما يمكن أن يذكر به المرء في التاريخ من اقتران إسمه بمرحلة انهيار أو تشتت لأي تجمع يديره، فكيف إذا تعلق الأمر بحزب الإستقلال.
فمنذ قرار حل الأجهزة المحلية والحزب يعيش على وقع التفكك والإنشطار وغياب الرؤية وضعف التنافسية والتأثير، وانحسار القاعدة الجماهيرية التي لم تجد أي ركن سديد لتأوي إليه،هناك ضبابية وتعدد في المتدخلين و القرارات لكن بدون روح حزبية أو أفق نضالي واضح للخروج من عنق الزجاجة.
وانطلاقا من مسؤوليتي كمواطن ارتبطت ذاكرة آبائه بتاريخ هذا الحزب وورث منهم هذه الغيرة والحرقة، أكتب إليكم، أخاطب فيكم الإنسان الوطني قبل السياسي عسى أن يجد هذا النداء صدى وتفاعلا في نفسكم الأبية، فتهبوا لإنقاذ الحزب وإخراجه من حالة الركود التنظيمي محليا، ففاس التي شهدت ميلاد الحزب ومسقط رأسه ومهد المقاومة والمنعطفات التاريخية الكبرى والقيادات التاريخية، لا يمكن أن تبقى على هامش الهامش، أو تتحمل أوزار وأعطاب مرحلة سابقة، كما لا يمكن أن يطول وضع صمتها والخوف كل الخوف أن ترتد الأمور إلى ما لا نريده جميعا كمناضلين وقيادة، لأن الرغبة التي تحدونا جميعا هي التوجه للمؤتمر القادم لحمة واحدة روحا وجسدا متآلفين على أرضية التاريخ المشترك والمبادئ الراسخة.
واجبكم السيد الأمين العام أن تتسلحوا بالشجاعة الأدبية و السياسية اللازمة لوقف هذا النزيف كي لا تتحملوا التبعات التاريخية لإقبار الحزب في مسقط رأسه، ولأجل هذا وفي إطار أنه لا خير فيمن لا ينصح ولا خير فيمن لا يقبل النصيحة أقترح عليكم بعض الخطوات العاجلة من أجل إنقاذ ضمير الأمة في مهده التاريخي وهو اجتهاد لي أجره وإن لم أصب.
أولا: تنظيم لقاء محلي عاجل تحت رئاستكم المباشرة والفعلية لتذويب كل الخلافات محليا وإعادة الثقة للمناضلين والإعلان عن انطلاق مرحلة انتقالية برؤى واضحة.
ثانيا: تعيين لجنة إقليمية موحدة تنتخب منسقا متوافق عليه لتدبير شؤون الحزب إلى حين انعقاد المؤتمر الوطني، لأن بقاء المفتش و تسمية منسق للحزب إلى جانبه، عقب حل الأجهزة، خلق حالة من الإرتباك في إصدار القرارات و تحمل المسؤوليات التنظيمية، وساهم في بداية التفكك والإنفلات التنظيمي، وعليه يمكن أن تملأ اللجنة المؤقتة الفراغ التنظيمي إلى حين انتخاب أجهزة ديمقراطية جديدة.
-ثالتا: قطع الطريق على التدخلات التي تريد نقل صراع النفوذ إلى المدينة بنية خلق استقطابات تتنافى مع مبادئ الحزب ورؤيته الديمقراطية.
رابعا: تنظيم العلاقة بين اللجنة الإنتقالية ومنتخبي الحزب على أساس وضوح المسؤوليات بالشكل الذي يحافظ على تحالفات الحزب محليا ويقوي مواقفه تجاه الفرقاء والشركاء.
أخيراً نتمنى صادقين أن يتسع صدركم لمضمون هذه الرسالة بما تحمله من نوازع صادقة، إذ أن ضعف حزب الاستقلال محليا فتح المجال فعليا أمام ارتهان الفعل السياسي بأيادي غير نظيفة وإنما هي غيرتنا على الحزب ومستقبل المدينة والبلد من تحركنا في اتجاه الصدح بما يحدث أملاً في إنقاذ السياسة من المستنقع ولا أمل لذلك غير عودة الأحزاب الوطنية لممارستها أدوارها التأطيرية والتوجيهية ومساهمتها في صناعة المستقبل والتاريخ.
أما من لا ذاكرة له فوجوده هش كتاريخه المزيف.
تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة