آبار سرية وثقوب مائية تستنزف الفرشة!.. فلاحو لواتة يفضحون جشع أصحاب الضيعات ويعلنون عن مطالبهم
وجه فلاحو زاوية سيدي بنعيسى بلواتة، جماعة عزابة بإقليم صفرو، انتقادات لاذعة إلى أصحاب الضيعات الفلاحية التي تسببت في محنتهم، ودفعتهم إلى الخروج إلى الشارع للاحتجاج بعدما خابت كل مطالب فتح التحقيق التي رفعوها إلى السلطات المحلية.
وأسفرت الوقفات الاحتجاجية للساكنة عن اعتقال الحقوقي عز الدين باسيدي، وإدانته لاحقا بشهرين حبسا نافذة، بتهم يقول المتضررون إنه لا علاقة له بها، ويطالبون بالإفراج عنه وإسقاط المتابعات عنه.
ودعا فلاحو الزاوية، ضمن المطالب الملحة التي رفعوها، في ملف مطلبي، إلى تقسيم ماء العين، بموجب كل ذي حق حقه، وبناء مجرى مائي (ساقية) خاص بدوار زاوية سيدي بنعيسى، كحل جذري، وتنقية العين والمجرى الممتد على طول 1700 متر، وإلغاء السقي بالأذرع المحورية، المستعملة في إحدى الضيعات المجاورة للعين، لاستهلاكها لكميات كبيرة من الماء، وإلغاء كل الثقب المائية التي تستنزف الفرشة المائية الحاضنة لماء العين، وإلغاء منح الرخص لحفر ثقب جديدة، وزجر كل من تجاوز وتطاول على ذلك مهما كان نفوذه.
وفي سردهم للتفاصيل المرتبطة بمعركتهم من أجل الحق في مياه السقي، أكدوا على أنهم مجبرين على الانخراط في احتجاجات تهدف استرجاع حقهم المسلوب، وذلك تحت شعار “الحق في الماء، الحق في الحياة”. وقالوا إنه “بدون الماء ستنتفي كل إمكانيات وجودنا على أرضنا وأرض أسلافنا. كما انتفت من قبل الكثير من الزراعات (نتيجة قلة صبيب العين) التي كانت تنتجها أرضنا الطيّبة وأيادينا الخشنة. زراعتنا المعيشية (القطاني، والخضراوات، والفواكه) والتي كانت تشكل موردا أساسيًا لرزقنا الحلال المخضّب بعرق الجبين ورائحة التراب”.
وتحدث المتضررون على أن ندرة المياه لم تكن ناجمة فقط على قلة صبيب العين كنتيجة ضرورية لقلة التساقطات في هذه المواسم الأخيرة، لكن “وبالأخص نتيجة الاستنزاف البشع والمهول الذي يتعرض له خزان مياه عين الواثة (راس العين) الجوفية”.
“هذا الإستنزاف حاصل حتمي للإعتباطة في منح تراخيص حفر الآبار بدون حسيب ولا رقيب، لأصحاب الضيعات الممتدة على طول سطح الفرشة المائية (ثروتنا الطبيعية)”، يورد فلاحو سيدي بنعيسى، قبل أن يسجلوا بأنه رغم كون التراخيص من الناحية الشكلية، قانونية، فإنها في مضمونها تراعي معطى شح المياه.
“وما يزيد الطين بلّة، هو الجشع المهول، التي هي خصلة كل أصحاب الضيعات ذوي الجاه والسلطة والنفوذ، والذين يتمنّون اقتلاع أصحاب الأرض من أرضهم وضخ كل مائهم ونهب كل أرضهم”. والدليل الذين أشهرته ساكنة المنطقة أنهم “لا يلتزمون بهذه التراخيص “القانونية” بل يتجاوزونها بشكل سافر إلى حفر المزيد من الآبار “غير القانونية” وذلك بكل خسّة وصفاقة ، إذ وصل العدد في إحدى الضيعات إلى خمس آبار سرية!! “. واللافت أن المتضررين يتحدثون أيضا عن تعرضهم للسرقة الممنهجة لما تبقّى من نصيبهم من الماء، من لدُن الدواوير المجاورة، باعتبارهم آخر نقطة في تسلسل التوزيع.
هذا الحيف استمر لسنوات، يشير أبناء المنطقة، لكن في ظل تجاهل السلطات للتظلمات، فقد قرروا الانخراط في معركة اعتبروا بأنها تهدف إلى إيصال صوتهم إلى المسؤولين، و”الذين أغرقونا بالإلتزامات التسوفية والمتماطلة والوعود الكاذبة، التي للأسف لم تُجد نفعا لقضيتنا، ولم تعمل إلا على تأكيد تشبثنا بمعركتنا كخيار وحيد وأوحد لسقي حقولنا ورَيّ قلوبنا.”
لكن لائحة المطالب شملت أيضا ما هو اجتماعي وصحي وتعليمي. فقد دعت الساكنة إلى توسيع المستوصف وتوفير كل المستلزمات الأولية للعلاج من دواء وآليات، والمطالبة بالتواجد اليومي للطبيب والممرض، وتوفير سيارة اسعاف مجهزة خاصة بالمستوصف، للحالات المستعجلة، بناء الثلاث حجرات المبرمجة والناقصة في المدرسة توفير شاحنة كل أسبوع، تطوف على المنازل لجمع النفايات والأزبال المنزلية، وتجميعها في مطرح خاص بشكل سليم يحافظ على نظافة البلدة/ البيئة من الثلوث.
وتطالب الساكنة، في السياق ذاته، بتعبيد المسالك الطرقية داخل الدوار، وتوفير الإنارة العمومية ، وخلق برامج تنموية جادّة تنمي الحالة الاقتصادية والإجتماعية للدوّار، وتخرجه من التهميش، وإنشاء مرافق ثقافية ورياضية وتكوينية تخرج الشباب من العزلة، وتعويض الفلاحين على أرضهم التي تم نزعها منهم من أجل إنشاء سد علاّل الفاسي.
يشار إلى أن نائب وكيل الملك قد قال، خلال محاكمة عز الدين باسيدي، إن أبواب النيابة العامة بابتدائية صفرو مفتوحة ولن تتخاذل في الأمر بالبحث والمتابعة، في حال ثبوت أي استغلال للفرشة المائية بمنطقة لواتة، بشكل يضر بمصالح السكان، أيا كان المتسبب في ذلك، ناصحا دفاع الحقوقي، الذي اعتقل على خلفية الاحتجاجات ضد “العطش”، بتقديم شكاية في موضوع اتهامهم لـ”سياسي” بالوقوف وراء استنزاف مياه السقي.
وأوضح المتحدث نفسه أن القضاء مستقل ولا يحكم تحت أي ضغط أو توجيه، في تعليق على حديث هيئة الدفاع عن محاولة أطراف توجيه القضاء للضغط على السكان، وحديث محام عن أن سياسيا بالمنطقة حفر 3 آبار، أو أكثر، بطريقة غير قانونية، استنزفت مياه عين لواتة، مشيرا إلى أن كل الأشخاص سواسية أمام القانون ولا أحد فوقه أو يمكن أن يفلت من العقاب.
وجاء حديث المحامي عن اتهام “سياسي” باستنزاف الفرشة المائية بمنطقة لواتة، مما يؤثر بشكل كبير على صبيب عين لواتة، الذي عرف تراجعا مهولا مؤخرا، ربما، بعد أن عاينت لجنة تفتيش مختلطة في ضيعة المدعو حسن أركابي، نائب المنسق المحلي لحزب التجمع الوطني للأحرار، 3 آبار لم تتمكن من معاينة تراخيصها، حسب محضر تتوفر جريدة “الديار” على نسخة منه، مع تسجيلها “شكوكا” حول تواجد ثقبين مائيين إضافيين.