أعضاء استنكروا غياب ممثل “الجمعية” وطالبوا بالحكامة في صرف أموال “دافعي الضرائب”.. دعم معرض الفلاحة بـ550 مليون يثير الجدل في مجلس الجهة

أثارت دراسة مشروع اتفاقية شراكة بين مجلس جهة فاس مكناس وجمعية “الملتقى الدولي الفلاحي بالمغرب”، من أجل المساهمة في التنظيم السنوي للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، الاثنين الماضي بمناسبة اشغال دورة مارس العادية للمجلس، (أثارت) جدلا كبيرا بين الرئيس عبد الواحد الأنصاري وبين أعضاء المجلس.

وتنص الاتفاقية بين الطرفين على رصد مجلس الجهة لغلاف مالي سنوي قدره 1,1 مليون درهم (110 مليون سنتيم) يحول إلى الحساب البنكي للجمعية، على مدى الدورات الخمس القادمة (2023 -2027)، بينما تلتزم الأخيرة بصرف المبلغ في “تهييء وتنظيم الملتقى الدولي الفلاحي بالمغرب ووضع رهن إشارة الجهة رواقا معدا للعرض”، حسب مشروع الاتفاقية، تتوفر “الديار” على نسخة منه.

وفي هذا السياق، احتج محمد رؤوف الإسماعيلي، عن حزب الاتحاد الدستوري، على غياب ممثل للجمعية قبل أن يتساءل عن الأسباب التي دعت إلى الرفع من قيمة الدعم السنوي الموجه إلى الجمعية المكلفة بتنظيم الملتقى إلى 110 مليون.

محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، شدد في مداخلته حول الموضوع على ضرورة احترام مجلس الجهة، حيث استنكر الاستخفاف بمؤسسة دستورية، مشيرا إلى أن المصادقة على اتفاقية مع أناس غير متواجدين يخلق لديه ولدى باقي الأعضاء نوعا من الامتعاض.

ادريس أبلهاض، عن حزب الاستقلال، سار في نفس الاتجاه، حيث أبرز على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نخاطب طرفا غير موجود، في إشارة إلى غياب “الجمعية” المستفيدة من الدعم، قبل أن يؤكد على ما اعتبره مهما، وهو غياب التزامات الأطراف.

وقال رئيس لجنة الفلاحة والتنمية القروية بالجهة: “دائما ما نتحدث عن اتفاقية، دعم أو شراكة.. ما هي التزامات الأطراف الأخرى؟”، قبل أن يتابع مسترسلا: “الجمعية ستستفيد من دعم، ما هي التزاماتها اتجاه جهة فاس مكناس؟ علما أن أغلبية أعضاء المجلس لا علم لهم بالأمر!”.

“تعلمون بأن إقامة المعرض الدولي للفلاحة جاء بتوجيه ملكي، كما وضعت له جميع الخطوط العريضة من أجل إقامته بمكناس منذ أول دورة، إلى الآن”.. بهذه الكلمات افتتح عبد الواحد الأنصاري رده على انتقادات أعضاء مجلسه.

وزاد رئيس مجلس الجهة قائلا: “ومن ضمن هذه الخطوط العريضة، التمويل بمساهمة من الجهات، مشددا على أنه ومنذ الدورة الأولى حدد في مليون و100 ألف درهم بالنسبة لجميع الجهات”، قبل أن يوجه خطابه إلى رؤوف الإسماعيلي: “يعني مكاينش زيادة”.

وأضاف الأنصاري: “المعرض ينظم بجهتنا وهو امتداد لعملنا وجزء من مهامنا”، قبل ان يعيد توجيه كلامه إلى رؤوف الإسماعيلي مذكرا إياه بأن الملتقى ينعقد بالجماعة التي يرأسها، جماعة المشور بمكناس.

“المندوب العام، هو زميل لنا، السي الشامي” يورد المتحدث نفسه، مضيفا ان الجهة حضرت لاجتماع تقني وتنسيقي بمكان انعقاد المعرض قبل حتى عرض الاتفاقية للمناقشة، ما يعني أن الجهة مساهمة حتى في الأمور التقنية.

واختتم الأنصاري رده بالتأكيد على أن المبالغ المالية هي مساهمة في تمويل مشروع وطني وملكي تحظى به الجهة.

وفي تعقيب على ما جاء في رد رئيس الجهة، قال محمد أوزين: “طبعا نحن معتزين باحتضان الجهة لهذه التظاهرة وفق توجهات سيدنا الله ينصروا”.

“ولكن سيدنا أيضا يتحدث عن الحكامة”، يستطرد رئيس لجنة العلاقات الدولية والتعاون بالجهة، مبرزا أن الجمعية تستفيد من مساهمات لا تخرج من جيوبنا وإنما هي أموال “دافعي الضرائب”.

وتابع أوزين أن هذه الجمعية مثلها مثل باقي الجمعيات يجب تتبعها ومحاسبتها، رغم ما وصفه بـ”الاستخفاف” الذي تعاملت به مع مؤسسة دستورية كالجهة، مضيفا أنه من الطبيعي أن يتوفر المجلس على رؤية واضحة لأوجه صرف الاعتمادات المخولة لها، قبل أن يقدم مخطط “المغرب الأخضر”، الذي افتقد للتتبع الذي كان سيجنب المغرب مجموعة من الانزلاقات، حسبه، كمثال.

وفي تعقيبه أيضا، أثار ادريس أبلهاض انتباه رئيس المجلس إلى عدم توضيحه التزامات الجمعية المنظمة للملتقى الفلاحي، قبل أن يتساءل عن أسباب عدم  استدعاء جواد الشامي، بصفته مندوبا عاما للمعرض، ليجيب عن استفسارات أعضاء مجلس الجهة و”يشرح لينا”.

الأنصاري، وقبل الدعوة إلى التصويت على هذه النقطة، أكد على أن النقاش جيد ومهم، قبل أن يعبر عن استغرابه من تصويت أعضاء اللجنة بالإجماع على مشروع الاتفاقية، دون أي ملاحظة أو تحفظ في رد، ربما، على انتقادات رئيسها أبلهاض، والذي شكره على تقديم تقرير اللجنة. وجاء هذا التعليق من الرئيس بعد أن توصل بورقة من مدير المصالح بالجهة الذي كان يجلس خلفه.

واختتم الأنصاري مناقشة هذه النقطة المثيرة للجدل، من جدول أعمال دورة مارس العادية، بالتأكيد على أن الاتفاقية تنص على تقديم تقرير سنوي حول أوجه صرف المبلغ الذي استفادت منه الجمعية (بند غير موجود في نسخة مشروع الاتفاقية التي حصلت عليها “الديار”).

وصوت مجلس جهة فاس مكناس بالإجماع على مشروع اتفاقية الشراكة من أجل المساهمة في التنظيم السنوي للملتقى الدولي الفلاحي بالمغرب.