يونس وعمر يكتب: إرحل يا جواد رجاءا.. حتى لا يرحلوا!

نعم جواد.. إياك أعني ولتسمع الجارة!

بكل تاريخك الذي يشهد به جهابذة الفن والثقافة..

بكل استراتيجياتك القادمة من بلاد العم سام..

بكامل استعدادك، وحيويتك، ونشاطك، وفريقك الأشبه بخلية نحل داخل مستنقع.. إرحل!

بكل المستثمرين من حولك؛ الذين بإمكانهم تحويل هكذا مدينة إلى قبلة للمثقفين من كل أنحاء العالم.. إرحل!

فهذه المدينة بالكاد تتسع لجحافل الكلاب الضالة.. أين تريدنا أن نضع كل زوارك من المثقفين!

إرحل رجاءا!

فقد أدمننا الفشل..

انظر فحسب إلى صورهم وسيلفياتهم؛ منذ سنين ..

أليست ممتعة بحق؟

أو لا ترى كم العبط في ثناياها الذي يجعلنا نضحك من اعماقنا..

لقد ألفناها يا جواد، وألفنا كل الفضائح التي أضحت جزءا من حاضرنا.. وحاضرهم!

أتريد منا أن نغير واقعنا بكل الوضاعة التي ألفناها.. منذ عقود!

لقد جربنا محاولة التغيير منذ أزيد من سنة..

وكانت نتيجته أن خذلنا الفشلة السابقون..

أولئك الذين جمعوا كل لوحات عبطهم تاركين إيانا.. في وحدة قاتمة!

تركونا كالمستفيق من سكره.. قبل أن يتذكر شظاياه!

أولئك الذين لم نحبهم، بقدر ما كرهنا وضع لاحقيهم..

تركونا يا جواد، في لحظات يتيمة عرضة للواقع وللملل!

عندما سرق السابقون خطبة الحجاج

ليتلوها على مسامعنا

أن رؤوسا قد أينعت..

صرخنا ملئ الفم واللسان.. ليسكتوا!

لكنهم رحلوا!

فرحلت برحيلهم متعة متابعة ترهاتهم!

رحلوا.. ثم جاء بعد رحيلهم من يسعى لسرقة الحجاج نفسه، بل والمنبر!

اتعلم يا جواد معنى ان نستيقظ في هكذا مدينة دون أن نشاهد لوحة عبثية جديدة؟

أن يمر أسبوع دون أن نرى أو نشاهد سيلفي او مسرحية هزلية اخرى بأبطال من ورق!

أتعلم معنى أن لا يتلقى جسدك جرعته اليومية من تصاريح غبية..

معنى ان لا يطل علينا “فاسد” بمحاضرة في التقوى والورع!

يتأبط اوراق استعداده لمحاكمة “فساد” صارخا أن المعقول شعار المرحلة..

معنى أن لا يطل علينا موظف شبح ليعلمنا معنى التفاني في العمل!

معنى أن لا نفرق بين السياسي المحنك حجما والمحنك تجربة وتكوينا!

أو تدرك يا رفيقي معنى أن لا يطل علينا تجار الألم وهم يتحدثون بحرقة زائدة عن المدينة ومصلحتها!

تتأملهم فتختلط المشاعر بداخلك.. دون أن تدري إن كان يفترض بك أن تضحك من هكذا تمثيل رديئ.. أو تغضب من هذا الفراغ الذي أوجد هكذا نماذج!

معناه أن صفرو تفقد عطر اجوائها.. الممزوج بنتانة مخططاتهم!

معناها أن يتوقف الشباب عن مشاهدة هكذا مسلسلات فضائحية.. ليتسائلوا أين الثروة!

معناه ان نعيش الألم ونحن نتذكر الشلال.. المورد الوحيد الذي بإمكانه صنع تنمية سياحية وهو يئن تحت براثن البلطجة والبشاعة!

معناه أن نعايش الألم ونحن نتذكر أن بيننا أناسا يعيشون وسط الازبال ..

وأن المكان تقاعد.. دون أدنى اكتراث لشبابه المقبل على الحياة!

معناه ان يتشكل وعي مجتمعي قد يتساءل-لا قدر الله- لماذا تصلح تلك الكاريانات التي تستنزف فرشتنا المائية…

معناه أن يعود الفبرايريون المتقاعدون، معاذ الله، متسائلين عن مآل الحرية والعدالة الاجتماعية..

تاريخك يا صديقي زاخر.. نعم!

مستقبلك يا رفيقي زاهر.. لا جدال.

لكننا نحب هذه المدينة بعبق فضائحها..

نعشقها ونعشق متابعة أبطال تخلفها القدامى وهم يمدون المشعل لفاشلين جدد!

لاعبون جدد لا يريدونك بينهم!

لا تاريخ لهم كتاريخك.. ربما!

لا أوراق لهم ولا دفتر.. محتمل !

لكن الأكيد أن لهم -وعلى خلافك-اجدادا خمسة.. يرقدون هناك حيث يرقد مسلمو هذه المدينة..

بجانب الأزبال!

لاعبون “كيوت ” تهتز قلوبهم الرقيقة كلما أصاب المدينة ريح خفيفة..

ارحل يا صديقي لتبني مشروعك في مكان اخر..

فكل منكر ههنا محبوب..

والمنكر في قاموس السياسة يا جواد..

ليس أن يرتدي اللص ثوب المقاتل

وليس أن يصبح القائد الموهوب كالمقاول

المنكر يا صديقي هو أن يكونوا هم هنا..

وأنت في مكان آخر!

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة