قسال يكتب: “من وأد الجسد إلى وأد الأحلام.. متى تتخلص المجتمعات المتخلفة من ثقافة الوأد للفتاة؟”
عندما تتألق طالبات العلم والمعرفة في المباريات تخرج كائنات تنهال بالتنمر والوصم وإبداع تهم ومفاهيم زنقاوية لتشويه صورة المرأة المغربية، فخلال المبارة التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والتي عرفت تفوق الجندر بنسبة تفوق 85%على العنصر الذكوري، طلت علينا مجموعة من الوجوه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواع الشتم والتنمر على أمهاتنا واخواتنا …
بهذا الوطن المنكوب ثقافيا والذي لم يتخلص إلى في مراحل متأخرة من ثقافة الوأد للجنس اللطيف ليظهر وأد بطريقة أخرى وبتفكير لا يختلف عن تفكير الثقافة الهندية القديمة في عصور الظلمات. والغريب أن أصحاب هذه التحليلات والنقاشات حول توظيف الفتاة أو الإمتناع عن الزواج بها هم نفس الأشخاص الذين يظهرون في كل المواضيع عبر المواقع، هم من ناقشو وحللو فيروس كرونا، وناقشو في مواضيع الرياضة… يناقشون السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي …يتحدثون بمفاهيم اكبر منهم، يتهمون الجندر والدولة بأن عملية توظيف هذه ترجع أساسا الى مخطط ماسوني ، يتهمون الرياضي بالتحالف مع الشواذ ويتهمون المرأة بالقصور الفكري …
هذه الأصناف البشرية تفهم في كل شيء وتحلل كل المواضيع. لم يتحدثو عن المرأة التي تشتغل في الحقول والضيعات الفلاحية وتتعرض لأبشع أشكال الاستغلال والاستلاب، ولم يناقشو موضوع المرأة التي كانت ولا زالت تشتغل حمالة للبضائع في معابير الحدود ويطلقون عليها (المرأة البغلة) لم يناقشو أيضا مواضيع الفتيات والنساء العاملات في اكبر شركات النسيج بمبالغ مالية لا تكفي للقوت اليومي مع ابشع استغلال. لم يناقشو عاملات النظافة في المؤسسات التعليمية والشركات والمنازل وهم من يطالب هذه الشريحة بأن تنظف له مكتبه ان كان موظف ومقر عمله ويمارس عليها كل اشكال القهر ويتحرش بها بكل حواسه ..
إن عمل المرأة في هذه المجالات والميادين حسب أصحاب العقول المتحجرة لا تشكل تهديدا لهم. بل ما يشكل لهم تهديدا هو حصول المرأة على مناصب محترمة وعمل يليق بها لأن في ذلك تهديدا لعقليتهم الأصولية، لأن مثل هؤلاء ينظرون الى أنفسهم أنهم ذكور أقوياء يجب أن يظلو كذلك وتظل المرأة عبدا لهم تقبل بهم وبعقليتهم الذكورية في المنزل والعمل لأنها مجرد مرأة وجب أن تطيع الذكر في المنزل والعمل لأنها تظل دائما وابدا ناقصة تفكير ودين حسب تحليهم الطوباوي القائم أساسا على فهم لتيارات دينية تحريفية اجتهدت كثيرا في تلخيص الدين في الجنس والإنفجار والدين بريء من ذلك كل هذا لأنه ذكر ولا شيء يعلو على ذكوريته المتعجرفة.
تحليل هذه الكائنات للظواهر الاجتماعية والمشاكل اليومية والأوضاع السياسية والثقافية لا يأخذ مقاربات علمية ولكن دائما هناك استحضار لفكرة المآمرة والسحر والمكر لأن في ذلك تربيتهم.إن الوضع الحالي الذي وصلت اليه المرأة المغربية هو نتاج ظاهرة اجتماعية لها منطق حتمي واقعي، فتفوق المرأة في كل المجالات يعود أساسا الى القهر الممارس عليها والتهديد الدائم من الأسرة بأنها ان لم تدرس ستقوم بالمكوث في المنزل وفي أحسن الظروف الزواج بذلك الراقي الشرعي الذي فشل في الدراسة ففكر في المكر والخداع لأصحاب هذه المواضيع الذين يخلقون البوز عبر الوسائط الاجتماعية.
كما أن تميز المرأة في كل المجالات رهين بصبر الفتاة ومثابرتها في المسار الدراسي على عكس الذكور الذين مجرد ما يصلون الى سن المراهقة يفكرون اما في الهجرة أو التعطي للمخدرات أما الفتاة حتى وان فكرت في ذلك الكل يقمعها ويتحالف عليها لأن مجتمعنا الذكوري لا يسمح بذلك فتعمل على تصريف طاقتها كلها في الجد والاشتغال والصبر الى حين تحقيق المبتغى. المرأة تميزت لأن جل حافلات النقل وكل وسائل النقل في الصباح الباكر سواء في الاتجاه الى الجامعات او الى مقرات العمل تجدهم مملوءة فقط بالجندر اما الذكور الكل نائم ولا يستيقظ الى بعد منتصف النهار لإثارة الضجة والبحث عن الجاهز من مأكل وملبس ومشرب …وادمان وبعدها يقول شعاره الخالد (هاد لبلاد معطاتنا والو ).
هذه الحملة المسعورة على المرأة المغربية تقودها أساسا اصناف بشرية في فئاة اجتماعية محددة تنحصر الفئة الاولى في الفاشلين الذين ربط فكرة النجاح بالتمني بدون مجهود والخلاص من كل اشكال الفقر والقهر بالدعاء والطلب بدون جد واجتهاد .الفئة الثانية تيارات دينية متطرفة فهمها للشريعة والدين فهم من منطلق التيارات الدينية المتطرفة التي تنظر إلى المرأة مجرد وعاء جنسي لإفراغ مكبوتاتهم الهمجية . الفئة الثالثة ضعاف العقول الذين لا يقدرون على الحجة والحجة المضادة لإقناع المثقفة والتواصل الفعال من اجل مجتمع حداثي متطور.
تحرر المرأة بالمجتمعات عامة والمتخلفة خاصة رهين بتحرر الشعوب من كل أشكال التخلف والجهل والقهر وان كانت هناك ممارسات شادة للجنس اللطيف فهي امتداد لطبيعة المجتمع ولا أحد بريء من ذلك .
تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة