آية يحيى تكتب: أصوات من الهوامش في مواجهة أخنوش

استمعت في الأيام الأخيرة للكثير من القصص المؤلمة لمغاربة تخص غلاء المعيشة، وتدهور الأوضاع الاجتماعية. والحقيقة، أن الوضع لا يبشر بخير، إذا ما استمر أخنوش في هذه السياسة العرجاء والعوجاء التي ينهجها إلى جانب تحالفه الحكومي، منتشيا بأغلبيته في البرلمان والتي تصوت لصالح مشاريع وتضمن له تمرير تصوراته وتصفق له بين الفينة والأخرى، بل وتقدم له الوضع ربما على أنه يتعلق بضربات خصوم سياسيين، وربما توهمه بأن كل هذه الانتقادات من صنع العدالة والتنمية، الذي تؤكد كل معطيات الواقع بأنه أصبح عاجزا عن تحريك قط في الشارع.

استمعت للكثير من التأوهات والعبارات الغاضبة عبر تطبيق التراسل الفوري، وشاهدت الكثير من الفيديوهات التي تنتشر في مختلف منصات شبكات التواصل الاجتماعي، وكلها تحمل أنين فئات من المغرب العميق. المغرب المنسي. عالم القرى والجبال الذي ترك لحاله يواجه مصيره المجهول بسبب تداعيات الجائحة وما تلاها من الارتفاع الصاروخي للأسعار وتدهور الأوضاع، وغياب أي سياسات اجتماعية لحمايته من الانهيار التام. وكل هذه التظلمات تؤكد بأن السيل قد بلغ الزبى، وبأن الوضع يستوجب تدخلات استعجالية لوقف النزيف. ولا أعتقد أن الحكومة بالطريقة التي تسير بها الأمور، وخاصة بخلفياتها الإيديولوجية ومسارات أحزابها الغارقة في الليبرالية المتوحشة، وقادتها الذين يعتبرون من أثرياء إقطاع هذا البلد، لهم من الرصيد الاجتماعي ما يسمح لهم بالاستماع إلى هذه الأصوات القادمة من المغرب المنسي ومن هوامش المدن الكبرى والتي تتأوه، بسبب الأوضاع.

أنفة المغاربة بسبب هذه الأوضاع يتم تمريغها في الوحل. وكرامتهم والتي تتعلق بتلبية أساسيات المعيشة أصبحت تتعرض لإهانة شبه يومية. وهذا صعب جدا بالنسبة لبلد يراهن على الاستمرار في اختياراته الديمقراطية في ظل الاستقرار.
لقد استمعت لصوت سيدة من أعالي إميلشيلـ تشتكي بصوت حاد وبأمازيغية جريئة.

“لقد قتلنا أخنوش”، ويجب توقيف هذا المسار الذي يسير فيه منتشيا بتسجيل الأهداف على خصومه السياسيين وهم في وضعية ضعف كبيرة في البرلمان. هم في وضعية وهن، ولا أحد يتابع ما يجري في البرلمان سوى نخبة تعاني من العزلة، ووسائل إعلام تعاني من النخبوية.

الشارع يقول أشياء أخرى. ويتحدى كلاما آخر. وغضب الهوامش في المدن الكبرى وعوالم الجبال والمناطق النائية آخذ في التنامي. عندما يتحدث المواطن على أنه ذهب إلى السوق الأسبوعي مشيا على الأقدام لعدة كيلومترات أملا في أن يقتني بعض الخضر الأساسية لتقتات أسرته، فلم يعد سوى بكيلوغرام واحد من البصل لأن عاجز عن الأداء، فإن الأمر يستدعي مقاربات استعجالية.

تنزيل شعار الدولة الاجتماعية لا يمكن أن يتم فيه الرهان على حكومة لها خيارات ليبرالية ولا علاقة لها بما هو اجتماعي سوى عندما يتعلق الأمر بالدفاع في خطابات أحزابها وقادتها عن الشركات الكبرى وأهمية الرأسمال الخاص في تحريك عجلة الاقتصاد..

لقد زاد الجفاف من تأزيم الوضع. وكل التدابير التي تتغنى بها الحكومة لم يستفد منها بشكل مباشر بسطاء الفلاحين. بسطاء الساكنة القروية والذيم يبقون مشدوهين في بعض الأحيان التي يتابعون فيها أخبار التلفزة. إنهم يعتبرون بأن المسؤولين يكذبون. لأنهم لا يلسمون ما يقال على أرض الواقع. لقد ترسخ فقدان المصداقية في المؤسسات بشكل كبير في أوساط فئات واسعة من ساكنة الهوامش والمناطق القروية. وعندما يتغدى فقدان المصداقية بتدهور الأوضاع حد القتامة في بعض الأحيان، فإن تدخلات استعجالية ضرورية لوقف النزيف. والكثير من المتتبعين يرون بأن أخنوش لن يقوم بها.

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة