يونس وعمر يكتب: صفرو.. هل أعلنت السياسة إفلاسها؟

وأنت تتابع اليوم -في فضول وشغف كبيرين-حروب الكر والفر بين طرفي المجلس البلدي ..وفي خضم حماسك الزائد لهذا الطرف أو ذاك..هل جربت ، يا صديقي ، أن تنفلت من قوة الانسياق لتتسائل ،ولو للحظات يتيمة ، عن معنى هذا الذي يحدث اليوم ؟

هل جربت أن تحدد موقعك على رقعة الشطرنج تلك ..وعن مآل مصالحك ما بعد سماع كلمة “كش “؟

في مدينة متقاعدين حيث يعم الهدوء وتطغى السكينة..
حيث لا مشاريع عملاقة تتحرك ولا ضجيج آلات يسمع ..

يحدث أن يصبح الصراع على كرسي الرئاسة حفلة نزاربة للزار..

حيث طبول الحرب تفرقنا وتجمعنا..
تسطلنا وتكسرنا..
وتعطينا حبوب النوم في فمنا ..

في هكذا مدينة، يحدث أن تصنع الحروب الهيتشكوكية الفرجة..معوضة منصات مهرجان حب الملوك !

لكن ..ماذا بعد رفع الستار ؟ ماذا بعد تقديم مجلس جديد بوجوه قديمة ..

أليست النتيجة الحتمية ، مرة أخرى ، ظهور أغلبية نسبية “اخرى”، ومعارضة ، أخرى” لها من الأعضاء ما يجعلها أغلبية معارضة في أية لحظة ؟

خصوصا ووجود مستشارين أوفياء لمبدا نقض العهود .

أو نعود “مرة أخرى ” بشغف ..لمتابعة فصل جديد من فصول “الصراع على السلطة “، في واحدة أخرى من حالات العبث المسماة “فعلا ديموقراطيا ” ؟

دعنا يا صديقي نخرج عن المألوف ، نترك موقع المتفرج لنتسائل عن موقعي وموقعك داخل هذه المعادلات النتنة ؛

عندما منعوا المجلس الاقليمي الاسبق من شراء جهاز سكانير لمستشفى محمد الخامس من اجل محاصرة رئيسه الاسبق ..لم يتألم هذا الأخير الذي عاد إلى مشاريعه بعيد انتهاء اللعبة .. ولا تألم غريمه الذي لن يكون يوما بحاجة إلى خدمات مجانية بمستشفى عمومي ..بقدر ما تألم كل المرضى الوافدين من كل بقاع الاقليم !
بقدر ما تألمت أنت أو أحد أقربائك !

عندما اصطدم جناحا المجلس قبل بضعة أسابيع ، لم ينهزم الرئيس المستقيل الذي ترك خروجه انطباعا ايجابيا لدى العامة..لرفضه الخضوع لمنطق شركات التدبير المفوض (بغض النظر عن الحيثيات الحقيقية للاستقالة)..لكن انتصرت شركة التدبير المفوض الحالية المتوجهة بخطى حثيثة نحو الفوز بالصفقة من جديد ، رغم كل السخط الذي انتاب الساكنة طيلة سنوات خلت ..وربما السخط نفسه الذي انتابك انت ايضا !

البلوكاج الذي عطل مجلسا اقليميا وولايتين متتاليتين من عمر مجلس بلدي.. يا صديقي.. ليس اكثر من لعبة بائسة ، بمصالحك وبمستقبل ابنائك ..مقامرة على النفوذ ..على الكرسي وامتيازاته . لعبة قمار أنت من يخسر فيها كائنا من كان الفائز من طرفي النزاع .

أنت يا صديقي المتحمس تسمى “كبش فداء”، في منطق الصراع !

وفي منطق البلطجة والسطو ، أنت تسمى رهينة..يحتجزك احد الأطراف حتى يرضخ الطرف الاخر !

ماذا إن لم يرضخ الطرف الاخر !؟ لا يهم ما دمت انت الرهينة !

سيستمر الصناديد في المقاومة حتى ..اخر أمل لديك !

لو نظرنا إليه من منظور الحروب العقيمة ، انت تسمى ضررا جانبيا..حيث كل مصالحك المعطلة ما هي إلا نتيجة غير مباشرة للحرب المعلنة بينهم ..

ما يجري يا صديقي ..ليس بلعبة عض اصابع او تكسير عظام!

بكل بساطة لان هكذا لعبة لا يلعبها الا الشجعان. الذين لا يخافون من الألم في سعيهم الحثيث نحو الفوز .. اما لعبة البلوكاج، فهي لعبة جبناء لا يلعبون بأصابعهم..بل بأصابعك انت!

هؤلاء يا رفيقي في الجغرافيا يسعون للفوز على بعضهم ..عبر تحطيمك انت ، لا تحطيم بعضهم البعض !

البلوكاج الذي عشناه والذي نتوجه اليه بخطى ثابتة ليس نتيجة مباشرة للقاسم الانتخابي الذي بلقن المشهد السياسي..ومكن مرشحين من دخول المشهد السياسي بعدد أصوات لا يتجاوز زنقة في حي ..

فقبلهم جميعا عاشه المجلس الاقليمي…

وقبلهم عرفه مجلس الفيلالي…

بقدر ما هو نتيجة مباشرة لانعدام القيم وموت الضمير ..بقدر ما هو حضور الغياب وغياب الحضور عندما نتحدث عن مفهوم الحكامة ..

البلوكاج لعبة اوضع من ان توصف بالصراع ..لعبة بشاعة وفظاعة وانحدار مهول ..رجاءا لا تكن جزءًا منها وانت تشجع بحماس زائد هذا الطرف او ذاك..

من يتحمل المسؤولية اذن ؟

يتحملها الرؤساء من رئيس المجلس الاقليمي السابق إلى رئيسي المجلس السابقين إلى مشروع الرئيس الحالي !

مبدئيا ،لأن مهمة الرئيس هي تجميع الفريق وحل الخلافات بشكل موضوعي..وهو ما غاب عن الرئيس المستقيل الذي حقق الرقم القياسي في أسرع تخريب لأغلبية مجلس جماعي منذ الاستقلال ..

يتحملها مسامير”جحا” الذين دأبوا على تكرار نفس الأسطوانة المشروخة “..” لتبرير دعواتهم لبلوكاج جديد ..الحرس القديم الذين ارتبطت أسماؤهم بكل حالات العبث التي عاشتها المجالس المنتخبة طيلة سنين !

تتحملها الدولة والمشرعون والمصوتون..

يتحملها المجتمع المدني الصامت!

نتحملها جميعا ..

اليوم، وفي خضم الحرب المكشوفة بين طرفي المجلس..نتساءل: أليس من المنطقي أن نشكل مجلسا جديدا من الجناحين ؟ مجلسا بشباب طموح وشيوخ “أنقياء ” لتوجيه الدفة بعيدا عن المتابعين في قضايا فساد ؟

لماذا تغيب الحكمة عن قواد المرحلة ؟ لماذا كل هذا الانقياد ؟ الانصياع ؟ الانخراط الاعمى في صراعات غبية ليس فيها رابح ؟

أليس حل ا”لاغلبية النسبية ” ممزوجة بوقاحة ترميمها بوجوه ارتبطت بالخروقات ، انخراطا أعمى في عملية قتل السياسة في هذه البقعة الحزينة ؟

أليس ابعاد كل الديناصورات السياسية عن المشهد ، وتقديم فريق شاب قادر على تجميع كل الخبرات من ابناء الاقليم في مشروع تنمية طموح ..أليست وصفة قادرة على مصالحة الشباب مع صناديق الاقتراع ؟

أليست سبيلا لخلق مؤسسة قوية قادرة على خلق قطيعة مع التجارب السابقة ؟

لماذا نمعن في السقوط كلما تعلق الامر بموعد مع التاريخ لتغيير واقع مخز ؟

لماذا “يجبن ” مهندسو الصراع الحالي عن السير في هكذا طريق..وعر نعم ..لكن أشرف من الانحدار حد القاع في برامج سماسرة الانتخابات ؟

نعم ، التوزيع الغير العادل للثروة ، يجعل نصيب مدينة كصفرو بمثابة “البقايا” ..وهي معركة طويلة الأمد تبغي العدالة الاجتماعية..

معركة غد يعدها التاريخ لشباب قادم ..

لكن العبث الحالي المسمى “بلوكاجا ” يمنع عنك الاستفادة حتى من هذه “البقايا ” ..وهو ما يجعل من مقاومته فرض عين على كل مواطن غيور يرفض ان تلبس المدينة طربوشا كبيرا !

المعركة الحالية يا صديقي معركة مجتمع مدني قوي يسعى للتغيير انطلاقا من قناعاته وممارساته المشروعة, المعترف بها في دستور ما بعد 2011..

معركة شباب صاعد لم تصدأ صورته في المواعيد التي أخلفت مع التاريخ ..شباب يواجه منطق “توظيف المال “تماما كما واجه شباب اخر قبله منطق “توظيف الدين ” .. حتى يلعب المجتمع المدني الدور الذي جبن المنتخبون الحاليون عن لعبه..

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة