عمي علي.. صحراوي يهابه الحجر وفي إنقاذ الطفل ريان “ما تأخر”
البطولة والريادة فيها ثمار رجولة ومواقف وتضحية وصبر وتفان بغض النظر عمن يتوخاهما، ثريا كان أو ذا نفوذ أو إنسان بسيط لا يملك غير الإرادة، طالما أن البطولات ليست حكرا على أحد أو فئة معينة ولا هي مرتبطة بالمال والجاه ولا النفوذ المالي أو السياسي.
في حادث سقوط الطفل ريان في بئر قرب منزل والديه بدوار إغران بشفشاون، والذي ما زال يقاوم متشبثا بخيط أمل رفيع للنجاة، درس عن حجم البطولات وأسيادها، وكم هم كثر أبطال هذه الملحمة الإنسانية بدء من فرق الإنقاذ وسائقي الآليات والقوات العمومية إلى تلك النساء اللائي كشفن عن كرم حاتمي وقد حولن منازلهن إلى خلية نحل تسابق الزمن لإعداد أطباق وغذاء المجندين في محاولات إنقاذ حياة الطفل.
عمي علي الصحراوي واحد من أبطال عملية الإنقاذ، غامر وصبر وكد لإنقاذ حياة كما كل الفريق ومن ساهم بالقليل أو الكثير في العملية، إلا من عرقلوها أكثر من سعيهم لتيسير العمل ولو بالابتعاد عن مكانه حفاظا على سلامتهم وسلامة من بالنفق وببابه وجوانبه.
لا أحد إلى حين كان يعرف عمي علي ذي 68 عاما، اللهم ممن جايلوه وخبروا بخبرته في مجال حفر الآبار ممن استنجدوا بتجربته. ورغم ظهوره منذ بداية الإنقاذ قبل 4 أيام، سيما بحانب فوهة ثقب البئر وحيث وجد طاقم الإنقاذ، فإن شهرته لم تكن بما هي عليه منذ قاد أمس عملية الحفر الأفقي للوصول لحيث يوجد الطفل ريان ذي الخمس سنوات.
22 ساعات متتالية بليلها ونهارها قضاها عمي علي ومساعديه في الحفر أملا في إنقاذ حياة “سي ريان”، يحب أن ينادى عليه وفق والده، الذي وحد العالم في تضامنهم وأكد أن سمو الإنسانية يتجاوز الحدود ويذيب الخلافات والحسابات السياسية بالخصوص، ليوحد الجميع في تضامنهم ودعواتهم له بالنجاة والعودة لأهله سالما بعد ترقب طال 4 أيام عاش فيها الجميع على أعصابه وفي ترقب متواصل.
عمي علي رجل يهابه الحجر فيطوعه ويروضه وينحني له خوفا كلما هم بفتح نفق أو طريق آمن لحيث الهدف محدد. وفي دوار إغران، كان الهدف إنقاذ طفل قضى 97 ساعة عالقا في قعر بئر طوع أبطال التدخل، جبلا لينحني إجلالا لصمودهم في عملية إنقاذ تواصلت ليل نهار وبعزيمة تقوت أكثر بمرور الساعات دون أن تنال منها الإحباطات.
حين يخرج عمي علي النفق بين الحين والآخر، تتطلع إليه الأعين متوسلة خبرا مفرحا، وكلما ابتسم ورسم ابتسامة عريضة على محياه، إلا وعلت ملامح الارتياح على وجوه الجميع، كما لو كان “تيرمومتر” الفرح والحزن على وجوه العائلة والمتجمهرين قريبا من النفق، ممن وفد المئات منهم على الدوار منذ سقط ريان في حادث عرضي في ثقب البئر المحفور قبل عقدين.
عمي علي إنسان بسيط يجهل الجميع الكثير عنه اللهم من أنه حفار آبار، وفي بساطته عنوان الشموخ والريادة بعدما تصدر اسمه وعلت صوره باسما كل الصفحات وألهبت مواقع التواصل الاجتماعي، ولسان حاله يقول: إن الإرادة والصبر تصنعان البطولات، وقد أصبح عمي علي أسد من أسود هذا الوطن، بطلا يستحق وقفة الجميع إجلالا واحتراما وتقديرا له.