مليكة الفاسي.. المرأة الوحيدة الموقعة على عريضة المطالبة بالاستقلال

يحتفل المغرب، اليوم الثلاثاء 11 يناير، بالذكرى 78 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال المحررة والموقعة في منزل المرحوم أحمد مكوار بحي البطحاء بمدينة فاس، من طرف مقاومين للاستعمار الفرنسي الغاشم، لم يكن بينهم إلا امرأة وحيدة شاركت الرجال في هذا الحدث التاريخي الهام الذي يشكل منعرجا هاما في تاريخ الحركة الوطنية وجيش التحرير.
مليكة الفاسي هي المرأة الوحيدة التي وقعت العريضة في زمن كانت فيه المرأة محاصرة وحضورها محتشم مجتمعيا أو على الأقل لم تكن حريتها بالمنسوب الحالي الذي تبوأت فيه مسؤوليات وأكدت جدارتها وتفوقها فيها وكل المهن. كتبت اسمها بمداد الفخر، بهذه الخطوة، متوجة مسارها النضالي ووجودها إلى جانب الرجل في مقاومته لمستعمر استعبد العباد، كما نساء أخريات كن نموذجا للتضحية والنضال والمقاومة.
مليكة كاتبة وصحفية من بين أشهر النساء المغربيات في فترة الاستعمار، ناضلت بقلمها الحر لتحرير المرأة، ولم تكتفي بتوقيع العريضة، بل كان لها دور بارز في الحركة الوطنية، حتى أنها كانت آخر من التقى بالملك المرحوم محمد الخامس قبيل نفيه إلى مدغشقر. ولم يقف إشعاع اسمها عند هذا الحد، بل زاد بعد نيل المغرب استقلاله، لتكون من أشد المدافعات عن حقوق المرأة وهي التي طالما ناضلت للتنصيص عليها قانونيا وواقعيا.
ويكفي التذكير بكونها كانت سببا مباشرا لتخصيص فرع للطالبات بجامعة القرويين بفاس، ومطالبتها باستمرار بحق المرأة في التصويت في الانتخابات، دون نسيان دورها في التنصيص على مبدأ المساواة في أول دستور للمملكة المغربية. وما كان لها أن تكون كذلك لولا نشأتها في جو تسوده الثقافة ومنخرط في الدفاع عن قضايا الوطن، ووسط عائلة فاسية عريقة وهي ابنة القاضي المهدي الفاسي ومن أم اسمها طهور بن الشيخ.
حرص الأب على تعليم ابنته مليكة المزدادة بفاس في 19 يناير 1919، كما فعل مع أبنائه وعيا منه بضرورة المساواة بين الذكر والأنثى. ومنذ كان عمرها 8 سنوات، سجلها في كتاب خاص بالفتيات بالمدينة العتيقة، قضت فيه سنتين، قبل أن يخصص لها أساتذة أشرفوا على تدريسها في منزله قبل أن تشب وتنخرط في كتلة العمل الوطني لتصبح المرأة الوحيدة الموقعة على وثيقة 11 ينايـر للمطالبة باستقلال المغرب.
هذا الاستقلال بعد نيل المغرب له، لم يمنعها من مواصلة النضال السياسي على واجهات مختلفة، خاصة بعدما أسست جمعية يمتها “مساواة” في إطار اشتغالها على محاربة الأمية ودعم الأيتام والنساء الفقيرات المحتاجات. ورغم مسارها السياسي الهام، رفضت أن تكون في واجهة المسؤولة، سبما بعدما رفضت حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية في أول حكومة للمغرب المستقل، مواصلة عملها الإحساني الموازي قبل أن توافيها المنية في 11 ماي 2007 بالرباط عن عمر يناهز 88 سنة، لتكون من ٱخر الموقعين على عريضة المطالبة بالاستقلال، المتوفين.