عبد الواحد السبتي يكتب: دفاعا عن الجرعة الثالتة وردا على المشككين في لقاح كورونا

بعد تسجيل دول كثيرة لما يسمى بموجة رابعة أو خامسة عنيفة في عدد الإصابات بفيروس كورونا خاصة بدول أوروبية كألمانيا التي بلغت سقف خمسة وسبعون ألف حالة يوميا بكورونا وفرنسا التي بلغت خمسين ألف حالة الأمس بعد استقرار للحالة الوبائية لأسابيع وبعد ان بلغت عدد الاصابات مستويات قياسية في هولندا والنمسا التي لقحت نسبة حوالي خمسة وسبعون من مواطنيها بجرعتين.

وبعد أن وصلت دول لقحت بتلك الجرعتين كبريطانيا إلى مناعة جماعية ومستوى ضئيل من الإصابات باغتثها موجة عنيفة بداية من شهر غشت الماضي بعد إن تجاوزت فترة التلقيح ستة أشهر علما ان بريطانيا لقحت نصف مواطنيها بجرعتين بفبراير ومارس الماضي وهنا التساؤل الذي يطرح نفسه هل نحن بحاجة لجرعة ثالتة؟

لقد بينت معطيات الإصابات لجل دول العالم أن الإصابات تكثر بعد خمسة إلى ستة أشهر من تلقي مواطنيها الجرعة الثانية لسببين:

أولا، لأن الاجسام المضادة لا تدوم طويلا بسبب الاستعجال في إنتاج اللقاح لضيق الوقت ولسبب ثاني ان الفيروس طور نفسه إلى المتحور “دلتا” الذي قاوم بعض اللقاحات ثم الى المتحور “دلتا بلاص” الذي هاجم اوروبا وقاوم بشكل أكبر اللقاحات، فعندما ترى أن ألمانيا مثلا صارت تسجل تقريبا 400 وفاة باليوم تقريبا وهي لقحت ثلاثة ارباع سكانها بجرعتين لكنها لقحت فقط عشرة بالمئة مواطنيها بالجرعة الثالثة فهنا شكوك تطرح حول احتمال اندثار مناعة الجرعة الثانية مع مرور الوقت….

وبنفس الوقت تم تسجيل قبل شهرين موجة رابعة قوية بإسرائيل لكنها استطاعت احتواء الموجة وتقويضها عندما لقحت تقريبا نصف مواطنيها بالجرعة الثالثة كأول دولة بالعالم تلقح مواطنيها بأعلى نسبة في الجرعة الثالثة وصارت عدد الوفيات اليومية بها بين وفاة واحدة وثلاثة وفيات بعد أن سجلت قبل أسابيع كمعدل خمسين وفاة أو أكثر يوميا.

والشاهد في الأمر ان الجرعة الثالثة ليست تذكيرا فقط بل تم تطويرها من شركات اللقاح لتقاوم السلالات الجديدة المتفرعة من “دلتا” علما انه باستثناء شركة موديرنا التي شككت بفعالية اللقاحات ضد المتحور الحديث “اوميكرون” بسبب قلة المعلومات عنه لكن شركات اللقاح الاخرى لم تشكك بفعالية اللقاح ضد هذا المتحور لحد الان

اذن ما الحل للتصدي للموجة الرابعة بالمغرب؟

إن الذي يرى كيف ان الدول الاوروبية وامريكا تسابق الزمن لإعطاء مواطنيها الجرعة الثالثة بعد أن اخطؤوا بالبداية بإعطائها للكبار سنا فقط يجب ان يشكر الله تعالى كيف أن بلادنا بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله كانت اول دولة افريقية وفرت للجميع الجرعة الثالثة أي لمن تجاوزوا ستة اشهر بعد الجرعة الثانية، فبفضل مجهودات جلالته جعلت دولا اخرى تتمنى ملكا مثله، لكن للأسف الإقبال على الجرعة الثالثة صار ضعيفا بسبب تخوفات مشروعة وطبيعية لأن التخوف والشك سنة ربانية، فكيف نرد على وجهات النظر المشككة التي لمح أصحابها ان الجرعة الثالثة تقييد للحرية وبها مخاطر على الصحة وانه سنضطر لجرعات لا تنتهي؟؟؟

أول من منحتهم بلادنا الجرعة الثالثة كانوا اصحاب الصفوف الامامية من ممرضين واطباء ورجال جيش وشرطة ودرك وقوات مساعدة أي حماة البلاد، فهل يتخيل عاقل ان المغرب ودول عالمية اخرى تغامر بصفوفها الامامية عبر إعطائهم الجرعة الثالثة وتغامر بآباء وأمهات واخوة مسؤوليها؟؟ ومن يشكك ويقول انه لقاح وهمي هل طرح اولئك الاشخاص السؤال لشخص يعرفونه تلقاها وقال لهم انه لم يشعر بشيء؟ علما ان اصحاب الصفوف الامامية الذين تلقوا تلك الجرعة كثير منهم شعروا بأعراض التعب يوم التلقيح او بحرارة طفيفة مما يؤكد أنه لقاح حقيقي وليس وهمي.

فببلادنا وبدول العالم تشهد كثرة التنقلات بأعياد نهاية السنة ومعها يصبح نقل الفيروس أمرا سهلا علما أنه من يتعرضون لكورونا أكثر من مرة يكون بسبب تغير السلالة فالمناعة تكتسبها من سلالة معينة بعد التعافي منها، لذلك افضل زاد لنا هو ان نمنح اجسامنا ما يشبه بعسكر الداخل لمقاومة الفايروس بحالة الاصابة لتفادي الوصول للحالة الخطيرة.

اما بعض وجهات النظر التي تقول ان الإلحاح على الجرعة الثالثة تحد من حرية الشخص فأي حرية ستبقى لنا اذا قدر الله وجاءت موجة رابعة ستمنعنا دون ان نشعر من زيارة كبار السن بالعائلة مخافة نقل العدوى وفقدانهم واي حرية ستبقى لنا باقامة الحفلات والدخول والخروج لقضاء الحاجات بالساعة التي نريد بحالة الاضطرار للاغلاق والذي لا نريده كما اضطرت له دول باوروبا مجددا رغم تلقي الاغلبية الكبيرة جرعتين بها؟

ثم ماذا تقول الشريعة الاسلامية بالامر؟

القرآن بصريح العبارة يأمرنا بطاعة الله ورسوله واولي الامر منا وبما ان ولي أمرنا نصحنا بتلقي الجرعة الثالثة ففيها خير ولكم بالصين نمودج في احتواء الوباء بطاعة ولي الامر رغم ان جل سكانها غير مسلمين حيث انهم يلتزمون بتعاليم السلطات حرفيا فمثلا التزم سكان ووهان بالكشف الجماعي عن الفايروس والبقاء بالبيت بسبب حالات معدودة على رؤوس الاصابع لمتحور “دلتا” ورأيتم كيف عادوا لصفر حالة محلية مجددا وقضوا على الوباء بشكل عظيم. لكننا نرى النموذج الروسي عندما تباطؤوا كثيرا بالتلقيح بقيت الوفيات بارتفاع أكثر من فترة قبل التلقيح حتى اضطرت الحكومة لاخذ اجراءات ضد المتقدمين بالسن غير الملقحين.

فهنا تتضح عظمة الاسلام ونبي الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام الذي أمرنا بالتداوي لان لكل داء دواء وامرنا بطاعة ولي الامر وعدم مغادرة البلدان( الا للضرورة القصوى) بزمن الاوبئة الفتاكة كالطاعون

فالإسلام يأمرنا بالاعتراف بالجميل والجميل الذي سنقدمه هو حسن الظن والتسابق نحو الجرعة الثالثة واستخارة الله تعالى والتوكل عليه اما الوقت لم يعد مناسبا للتشكيك علما ان نسبة الوفيات بسبب اللقاح قد تكون واحدة بالمليون ويعتبر عند الله شهيد الوطن وقد تم ايقاف لقاحات تسببت بوفاة كجونسون لكن الوفاة بكورونا قد يكون واحد بالمئة او بالمئتان وتكون جلها لغير الملقحين وهنا الفرق

و هذه المقالة لا اقصد بها رمي الورود فصحيح انه كانت هناك قرارات خاطئة أثرت سلبا على الاقتصاد وعلى الفئات الهشة وصحيح انه هناك قطاعات صحية تعاني التهميش ويجب على وزارة الصحة اعطاؤها اهمية اكثر، كإعطاء بعض المرضى موعدا بعيدا للعلاج وهم بحالة مستعجلة وكوجود نساء يلدن بقاعات الانتظار بسبب تأخير العناية واخريات يلدن بظروف صعبة بسبب غياب المستوصفات بالقرى النائية وقطاعات صحية اخرى تعاني قلة الاهتمام.

لكن بحالة موجة رابعة إذا قدر الله سيزيد الاقتصاد تأزما واذا كثر الضغط على المستشفيات اذا قدر المولى عز وجل بسبب الحالات الخطيرة لكوفيد سينقص اهتمام الاطباء بالامراض الاخرى لضيق الوقت.

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة