“الناهبون” الكبار

حصلت حكومة عزيز أخنوش على ثقة مجلس النواب، إثر حصولها على موافقة 213 برلمانيا، مقابل رفض 64 برلمانيا وامتناع برلماني واحد، أمس الأربعاء.

وبهذا الإجراء الدستوري يكون “المسلسل الانتخابي” في المملكة قد استكمل جميع مراحله، مع تدشين مرحلة جديدة في المغرب، عرفت تراجع “الإسلاميين” و”إبعادهم”، وبروز نجم “جديد/قديم” في الساحة السياسية، نتمنى، في جريدة “الديار”، أن يوفق في إنجاز، ولو نسبة “ضئيلة” مما بشر به المغاربة.

لكن، كيف مرت هذه الانتخابات؟ وهل أثر استعمال “المال الانتخابي” في نتائج الاستحقاقات الخاصة بالناخبين “الصغار” أو تلك الخاصة بـ”الكبار”؟

فعاليات سياسية وحقوقية، لم تخف استياءها من الاستعمال “المفرط” للمال، حسب بلاغاتها، سواء خلال الحملة الانتخابية الخاصة باقتراع 8 شتنبر، قبل أن يزداد تذمرها مما عرفته انتخابات مجالس العمالات والمجالس الإقليمية ومجلس المستشارين.

بلاغات وتصريحات تتناقض، بشكل كبير، مع ما جاء في تصريحات لمسؤولين في وزارة الداخلية، الذين أكدوا، في كل المحطات، على أن الانتخابات مرت في أجواء ديموقراطية نزيهة ولم يتم تسجيل أية “خروقات”.

وهو النهج الذي سار عليه سعيد ازنيبر، عامل عمالة فاس ووالي جهة فاس مكناس، حيث صرح خلال تقديم النتائج النهائية لانتخاب ممثلي الجهة بمجلس المستشارين “أن العملية مرت في جو رفيع من المسؤولية، كما أن الهيئة الناخبة قد عبرت عن إرادتها بكل “شفافية ونزاهة وانضباط” وذلك بشهادة كل المتتبعين للشأن السياسي المحلي”.

تصريح الوالي اعتبره البعض، ربما، “ضحكا على الذقون” و”طنز”، فيما أرجعه البعض الآخر، ربما، إلى عدم “علمه” بما يجري ويدور بالجهة، وتحديدا “بجنابو”.

لماذا؟

“لأن انتخابات مجلس المستشارين سجلت استعمالا كبيرا لـ”المال الانتخابي” من أجل شراء أصوات “الناخبين الكبار”، تقول مصادر تحدثت إلى جريدة “الديار”، وخصوصا تلك الخاصة بمجلس جهة فاس مكناس”، مقدمة العديد من الحالات الصادمة لصفقات “البيع والشراء” بالأسماء، لم نحصل على إذن مصادرنا للكشف عنها، والمبالغ المقدمة سواء بالعملة الوطنية (الدرهم) أو العملة الصعبة (الأورو).

وتراوح “ثمن” صوت “المستشار”، داخل مجلس الجهة، بين 8 ملايين سنتيم و26 مليون سنتيم، وفق المصادر نفسها، والتي أبرزت، في نفس الوقت، أن هناك من “قبض” من مرشح حزبه، ضاربا مبادئ “الانتماء السياسي” والوفاء” عرض الحائط.

“والصادم، تقول مصادر جريدة “الديار” المطلعة، هناك من لم يكتف بـ”مفاوضة” مرشح واحد، بل تم فتح قنوات مع أكثر من جهة أو “وسيط” للبحث حول من يدفع أكثر”.

وهكذا، فهناك “ناخبون كبار” توصلوا بـ”الأمانة” مرتين، قبل أن يعيدوا الأموال، كما تسلموها، إلى من دفع أقل واحتفظوا بنقود من دفع أكثر، بعد نهاية “المزاد”.

وحتى لا نعمم، فهناك في المقابل، حسب ما توصلت إليه جريدة “الديار” من معطيات، مستشارون، في مجلس الجهة، رفضوا “بيع” أنفسهم، رغم الإغراءات التي تعرضوا لها.

وفي هذا الإطار نسرد حكاية مستشارة تم التواصل معها ووعدها بـ26 مليون سنتيم، ليس مقابل صوتها، وإنما لضمان تغيبها يوم الاقتراع، وهو العرض الذي قابلته بالرفض.

لتبقى هذه الأسماء “النظيفة” خير دليل على أن هناك “ناخبون” كبار شرفاء و”أولاد الناس”، وهناك “ناهبون” كبار، كشفوا، في أول “امتحان”، عن الغرض من انخراطهم في السياسة.

“التخربيق” لم يقتصر على انتخاب ممثلي مجلس جهة فاس مكناس في مجلس المستشارين، بل تعداه إلى مرشحي المجالس المنتخبة، والتي عرفت مفاجأة من العيار الثقيل بفوز مرشح العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى بعد حصوله على 872 صوتا.

نجاح خلق “صدمة” لدى الرأي العام الوطني، علما أن حزب العدالة والتنمية يتوفر على 89 مستشارا في الجهة.

فكيف حصل سعيد شاكر على هذا الرقم؟

ببساطة، لأن “جهة ما”، لم يتم تحديدها، طلبت من بعض “الحاكمين”، خصوصا في حزب التجمع الوطني للأحرار، بمنح أصوات إلى ممثل “البيجيدي”.

هذا المعطى أكده مسؤول في حزب “التجمع” لمقربين منه، قائلا إنه “صرف” من جيبه لإقناع بعض المستشارين الجماعيين بالتصويت على مرشح “العدالة والتنمية”.

وهو نفس “النهج” الذي سار عليه أحد عناصر مجموعة التحقت مؤخرا بحزب “الحمامة”، يطلق عليها “عصابة الرؤساء” بإقليم صفرو، حيث أمر، “بلا ميصرف”، تابعيه بالتصويت على “العدالة والتنمية”، لتحصل على 70 صوتا في الوقت الذي تتوفر على مستشارين فقط في المنطقة !

لتبقى العديد من الأسئلة مطروحة حول الأسباب التي دفعت هذه “الجهة” إلى “التدخل في العملية الانتخابية، رغم المحاولات الجادة التي تقوم بها الدولة لـ”تخليق الحياة السياسية” وتشجيع “المسار الديمقراطي”.

#حدث_بالفعل

التاريخ: 05 أكتوبر 2021 (تاريخ انتخابات مجلس المستشارين).

المكان: شارع محمد الخامس (بين مقر عمالة إقليم صفرو ومقر البلدية).

الحدث: مستشارون جماعيون يخرجون من مقر جماعة صفرو، بعد الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس المستشارين، ويتوجهون مباشرة إلى سيارة “برلماني”، رباعية الدفع، ظل بابها الأيمن مفتوحا.

عند وصول المستشار إلى الباب المفتوح، حسب “فيديوهات” تتوفر جريدة “الديار” على نسخ منها، يُظهر هاتفه المحمول إلى “البرلماني” الذي يمده بـ”أمانة” يضعها في جيبه قبل أن يبتعد عن “الكات الكات”، قال بعض الحاضرين إنها عبارة عن “مبالغ مالية” تتراوح بين 2000 و3000 درهم.

مع قرب إغلاق مكتب التصويت، توجه “البرلماني” إلى مقهى قرب بنك، لتعوضه في “استقبال” المستشارين سيدة محجبة، تظهر في “فيديو”، تقوم بنفس العملية مع مستشار شاب بلباس أسود قبل أن يتبعه “اليوسفي الجباص”، الذي كان آخر من تقدم إلى السيارة، ليغادر  “البرلماني” و”المحجبة” دون “إزعاج”!