كريم شفيق يكتب: “20-22”.. تقنين الواقع أم كبح للحريات؟

كثر اللغط في اليومين الأخيرين عن عزم الحكومة إصدار قانون تحت عدد 20-22 بموجبه يمنع على رواد مواقع التواصل الاجتماعي انتقاد علامات تجارية أو الدعوة لمقاطعتها.

وبغض النظر عن مدى دستورية هذا المشروع، وعن كونه ردة حقوقية وتراجع عن الانفتاح الذي عاشه المغرب منذ حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، يحق لنا التساؤل، لماذا هذا القانون الآن؟ وهل هو تحريف لمسار ما؟ أي تحليل سياسي لهذه الخرجة؟ وما مسؤولية الحكومة او القطاع المعني، وهل يمكن الحديث عن مسؤولية تضامنية لأعضاء الحكومة؟ هل هذا التراجع الحقوقي وليد هذا القانون أم هو استمرار لتنازل الحكومات السابقة عن اختصاصاتها المقررة في دستور 2011؟

لابد للمتتبع للشأن العام بالمغرب أن يتساءل عن ظرفية تسريب هذا المشروع حيث البلاد تعيش ضرفا استثنائيا بسبب وباء كرونا وما عرفته البلاد من حس تضامني منقطع النظير وعن عودة الثقة بين المواطنين والمسؤولين تجلى في الانضباط الكبير للمواطن بمختلف مواقعه هل هناك من تضرر من هذا الحال؟ ولماذا لم يتسرب هذا المشروع مباشرة بعد مروره في المجلس الحكومي أو عندما كان فكرة في رفوف الأمانة العامة للحكومة.

كما أن هناك حديث عن نسخ معدلة لهذا المشروع فلماذا تم تسريب النسخة المثيرة للجدل، كل هذه التساؤلات أطرحها لتبيان ان هناك أمور الهدف منها تشويه صورة طرف على حساب طرف آخر لكسب مساحة للعودة للساحة السياسية بعدما فقد الكثير من بريقه جراء سنوات كثيرة من التسيير الحكومي فقد خلالها بريقه وشعبيته جراء القرارات اللاشعبية التي أغرقت البلاد وهوت بها في سلم الترتيب بين دول العالم، هذا التسريب يفتح النقاش على مصراعيه عن التضامن والمسؤولية الحكومية.

إن الحكومة الحالية ومنذ تعيينها تسير بسرعات متفاوتة حيث كل قطاع يشتغل منعزلا عن الأخر مع ضعف واضح للتنسيق بين القطاعات وكل الازمات التي عاشتها كانت بسبب ضعف رئاسة الحكومة، فكيف لحزب يرأس الحكومة ان يدعو لمقاطعة منتجات لأعضاء في الحكومة ومنتجات أبناك على حساب أبناك أخرى، وإذا كانت منتجات الحلفاء غير وطنية لماذا نتحالف معهم؟ أسئلة وغيرها الإجابة عليها بشكل موضوعي تجعل الفهم يسيرا حول مشروع القانون الذي نحن بصدده.

إن الحديث عن الحريات يجب أن يكون شموليا ولا يقبل التجزئة، لذلك النقاش الحقيقي الذي يجب فتحه هو هل مسار الحريات في المغرب يسير في الاتجاه الصحيح؟ الجزم في هذا التساؤل لا يمكن أن يكون صحيحا إلا بالعودة لسنوات خلت وخاصة بعد دستور 2011 ومنذ تولي عبد الإله بنكيران زمام تدبير الشأن العام، احتدم النقاش حول تنزيل الدستور فكان المسار حافلا بالتراجعات والزيادات والقرارات اللاشعبية والتراجعات الحقوقية وارتفاع المد القمعي تجعل نقاش هذا المشروع منفردا  أمرا غير ذي جدوى ولا قيمة له ومجرد إلهاء للرأي العام عن نقاش أهم والذي أعتبره شموليا أساسه نظام انتخابي حقيقي يعطي المسؤولية لتيار حسب برنامج واضح المعالم وصلاحيات مهمة تسهل على الناخب الاختيار والمحاسبة.

(كاريكاتير: هشام شفيق)

تعبر المقالات المنشورة في منتدى الديارعن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة