زكريا التلمساني.. أول مكفوف ينتخب في مقاطعة بفاس

زكريا التلمساني شاب فاسي مكفوف، لم يمنعه فقدان البصر من رسم خارطة طريقه نحو النجاح وتحقيق ما يصبو إليه في حياته الشخصية والإدارية والسياسية. وقد تحقق له الكثير مما رسم في بداية تحدي الإعاقة ونظرة الناس إليها وظروفه الاجتماعية. لكن من يصبر أكيد سيصل.

زكريا الآن أول مكفوف يفوز بعضوية بمجلس منتخب بالعاصمة العلمية ويدخل الجماعة من بابها الواسع. هو عضو جديد بمقاطعة أكدال بفاس، انتخب في الانتخابات الجماعية الأخيرة عن الحزب الاشتراكي الموحد الذي وضع الثقة فيه ووضعه ثانيا في ترتيب لائحته بالمقاطعة.

دخول زكريا المقاطعة ليس للراحة والاستراحة أو حتى لقضاء غرض إداري، بل ليكون لسان زملائه من المكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة المحتاجين صوتا جهورا يسمع معاناتهم ومشاكلهم إلى من يمكن أن يتحركوا لحلها والنظر بعين الاهتمام إلى هذه الفئة، لا بعين الرحمة والشفقة فقط.

أكيد أن هذا الشاب سينجح في المهمة، لأنه لم يلج السياسة من فراغ أو قطرت به سماؤه، بل تربى في القطاع التلاميذي والطلابي على أن يصدح لسانه بصوت الحق دفاعا عن المكفوفين سيما لما كان تلميذا بالمؤسسة المختصة في طريق صفرو، قبل أن يتمرس على النضال بالجامعة.

مسار نضال زكريا لم ينتهي بمغادرته الجامعة، بل تواصل في الشارع، وهو من الوجوه المألوفة في مختلف الوقفات الاحتجاجية المنظمة دفاعا عن ذوي الاحتياجات الخاصة لما عمدت شركة سيتي باص إلى تسييج مداخل أبواب حافلاتها. وناضل وزملاؤه لإزالة الحواجز وتيسير طريق الولوج.

تحركاته منحته شعبية زادت إبان احتجاج فعاليات فاس على استعانة العمدة إدريس الأزمي المنتهية ولايته بشركة لتنظيم مواقف السيارات، وإقرارها سومة وطريقة تدبير أغضبت كل الفاسيين الذين خرجوا للشارع لإبلاغ صوتهم الرافض لهذه الصفقة التي كانت من بين أسباب سقوط إخوان الأزمي.

نجاح زكريا التلمساني ابن مدينة فاس ومحبها لحد الجنون، وهو إطار في وزارة الصحة، ليس سياسيا فقط، بل حتى في دراسته فهو الآن باحث في سلك الدكتوراه في مجال تحليل الخطاب وحاصل على ماستر في اللسانيات الفرنسية، وطموحه العلمي والسياسي، أكيد لن يقف عند هذا الحد.

زكريا نموذج للشاب الناجح المكافح والطموح المتحدي لكل معيقات الذات والحياة، لم تمنعه إعاقته البصرية من الانخراط في الحياة وعيشها كما هي لا كما يريد له الآخرون. وما خاب من تسلح بالعزيمة ووصل، وتلك ميزة قد لا تتوقع في كل من هم في نفس وضعيته.