“الزطاطة” في الأحياء الشعبية بفاس.. “التطويف” لردع المتورطين

وسط استنفار أمني شارك فيه العشرات من عناصر الشرطة، وهم يلقون القبض على متورطين في أعمال ابتزاز للباعة المتجولين، نهاية الأسبوع الماضي، خاطب مسؤول أمني العشرات من الضحايا المفترضين لعدم الرضوخ لأصحاب الإتاوات، والتقدم بشكايات لدى مصالح الأمن في حال تعرضهم لأعمال ابتزاز تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض. ولم يصدر أي بلاغ رسمي لولاية أمن فاس حول هذه التوقيفات، لكن شريط فيديو وثق لهذه العملية، أظهر المسؤول الأمني وهو يسأل عددا من الباعة بإحدى “السويقات” بهذا الحي عما إذا سبق لأحدهم أن تعرض لعمليات ابتزاز، ودعا، في مرات كثيرة، بصوت مرتفع هؤلاء الباعة إلى الاتصال بالشرطة في حالة تعرضهم لأعمال ابتزاز تعرف محليا بـ”الزطاطة”.
ويعمد بعض أصحاب السوابق إلى فرض الإتاوات على أصحاب المحلات التجارية وأصحاب العربات المجرورة، مقابل السماح لهم بممارسة أنشطتهم التجارية بكل أريحية. ويتعرض كل من يرفض أداء “الزطاطة” لأعمال اعتداء، وقد يتم سلبه سلعه، وقد يتعرض لاعتداء بالسلاح الأبيض. وفي أغلب الأحيان، فإن المتضررين لا يستطيعون التقدم بشكايات لدى المصالح المعنية، خوفا من أعمال انتقام.
وسبق لمصالح الأمن بالمدينة أن اعتقلت العشرات من الأشخاص في إطار عمليات لمحاربة الجريمة، ومن هؤلاء رموز معروفة بابتزاز التجار والباعة المتجولين في كل من حي عوينات الحجاج والنرجس والزهور، وسط إشادة المواطنين بهذه التدخلات.
وكانت فاس قد شهدت في شهر رمضان من سنة 2009 عملية تطويف مثيرة للجدل، بعد توقيف أفراد عصابة عاثت في عدد من الأحياء سرقة واعتداءات بالسلاح الأبيض، وأدت إلى موجة كبيرة من الرعب في صفوف المواطنين، خاصة وأنها كانت تعترض سبيل المارة باستعمال الأسلحة البيضاء، وعندما تنهي اعتداءاتها، تحت تأثير الأقراص المهلوسة، تلجأ إلى الاختباء في كهوف السكة الحديدية بالقرب من وسط المدينة.

وقامت عناصر الشرطة بعملية تطويف لهؤلاء المتورطين، في عدد من الأحياء، وذلك لتمكين الضحايا، وكانوا بالعشرات، للتعرف عليهم، مواجهتهم بالمنسوب إليهم. وأشادت فئات واسعة من السكان بهذه العملية التي من شأنها أن تساهم في ردع المجرمين، لكنها، في المقابل، ووجهت بانتقادات فعاليات حقوقية اعتبرت بأن تطويف الأشخاص الموقوفين قبل أن يقول القضاء قراره في حقهم بعتبر إخلالا بـ”قرينة البراءة”، ومن شأنه أن يؤدي، بحسب تعبيرهم، إلى إلحاق “أضرار نفسية ومعنوية” بالموقوفين.