سفيان اسديري يكتب: المغرب في زمن جائحة كورونا
جعلت جائحة” كوفيد-19″ العالم يعيش وضعا استثنائيا، وبما أن هذا الوضع قد يطول او يقصر حسب استعداد كل دولة على حدة، فإن هناك نظام دولي جديد سيعلن عنه بعد الانتصار في الحرب على هذه الجائحة.
وعلى هذا الاساس ، اتخذت المملكة المغربية قرارات صائبة وحكيمة في الوقت المناسب ، شهدت بها المنابر الاعلامية الدولية ، وخاصة اعلان حالة الطوارىء الصحية في وقت مبكر، واطلاق الدولة لمجموعة من التدابير الاجتماعية لدعم القدرة الشرائية والتخفيف من وطأة تكاليف الحجر الصحي على المواطنين.
وفي خضم هذه الجائحة العالمية ، تمكنت المملكة المغربية من ارساء تلاحم جديد بين العرش والشعب في وقت الشدائد وضرورة التضامن من خلال تبرعات مالية في صندوق تدبير جائحة كورونا ، الذي أعلن عنه الملك محمد السادس ، وتجاوبت معه مختلف القوى الحية في المملكة.
وفي إطار هذه التعبئة التي أطلق ديناميتها عاهل البلاد ، تمكن المغرب من ضمان التموين العادي للأسواق بمختلف المنتجات الفلاحية والغدائية ، وكذا دعم الطلب الداخلي وإعادة جدولة القروض الاستهلاكية والالتزامات المالية للشركات .
ومن الواضح أنه ما دام اللقاح غير متوفر لحد الان، فإنه مخطئ من يعتقد عودة حقيقية للحياة الطبيعية خلال الاشهر المقبلة، الأمر الذي يفرض على المغرب تكييف عجلة الاقتصاد مع هذه المرحلة الاستثنائية، من خلال استغلال جميع القدرات والمقومات لتحويل هذه الأزمات إلى فرص حقيقية تمكن البلاد من الاقلاع الإقتصادي المنشود.
غير أن الاقلاع الاقتصادي المنشود لن يتحقق دون نظام تعليمي جيد ، لذالك يتعين تسريع إصلاح نظامنا التعليمي وتحويله إلى نظام رقمي ، الأمر الذي يفرض تعميم شبكة الأنترنيت وخصوصا في العالم القروي. ولما لا التفكير في إعتماد التناوب بين التعليم في صيغته القديمة وهذا التعليم المرقمن “التعليم عن بعد”.
غير أن استبدال الفصل الدراسي بالفصل الافتراضي ” التعليم عن بعد ” في غياب الأدوات التقنية والتكنولوجية( حاسوب ، هاتف ذكي، تلفاز، شبكة انترنيت ، كهرباء ) التي يستلزمها “التعليم عن بعد “، هو عامل مربك للثالوث البيداغوجي ( المعلم – المتعلم – المعرفة ). الأمر الذي يفرض دعما للأسر وخصوصا بالعالم القروي لتمكينها من هذه الادوات الاستثنائية لنجاح” التعليم عن بعد” في العملية التعليمية التعلمية .
وبالتالي، فمعركتنا اليوم، أن نجعل من هذه الفترة الصعبة والإستثنائية ، فرصة ومدخل لإعادة و تجديد بناء مستقبل بلادنا ، مستقبل قوامه نظام تعليمي متميز يحمي ماضينا وينمي خبراتنا ويدعم قيمنا المغربية الأصيلة .
تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة