متى “تحكم” فاس العالم؟

“..حصل مواطن مغربي على منصب في مؤسسة عمومية لحل مشاكل المواطنين وإيصال أصواتهم إلى مصالح وإدارات أخرى، رغم تفوق منافسيه في “اختبار” سنة 2015.

بعد مدة قصيرة، قضاها “الموظف” في هذه “المهمة”، حزم حقائبه وسافر إلى الخارج، دون سابق إنذار، مبررا غيابه المتواصل بـ”شواهد طبية” للاحتفاظ بمرتبه “السمين”.

لكنه سيعود، بعد أزيد من سنتين، ويواصل “عمله” بشكل عادي، وكأن شيئا لم يكن!

قد يعتبر هذا الأمر مألوفا في إداراتنا ومؤسساتنا، لكن المثير والمستفز، هو أن “صديقنا” يستعد، مع نهاية “عقده” مع المؤسسة، للتنافس على نفس “الوظيفة” ولما لا الحصول على ترقية..”

“أي تشابه بين شخصيات الحكاية وأي شخصية على أرض الواقع هو مقصود!”، ببساطة، لأن قصة الموظف “العجيبة”، أعلاه، هي نسخة “مطابقة للأصل” لحكاية البرلماني حميد شباط، وتلخص، في نفس الوقت، “العبث” الذي تعيشه السياسة في بلادنا.

وأزعم أن شباط، الذي تخلى على ساكنة فاس التي يمثلها في البرلمان، والمجلس الجماعي، ومجلس الجهة، غادر إلى ألمانيا وتركيا، ليس لتلقي العلاج كما صرح في آخر خروج إعلامي له.

وربما، ليس بدعوى الفرار بجلده خوفا من “اعتداء” قد يتعرض له، بعد واقعة منعه من ولوج مقر النقابة التي خسرها، كما اشتكى إلى البعض.

ولكنه “هاجر”، كما يعلم القاصي والداني، بسبب زلاته العديدة، مما فاقم السخط اتجاهه من كل الأطياف داخل الدولة.

وكما أحدث رحيله إلى “منفاه الاختياري” جدلا، فقد خلقت عودة صاحب لازمة “مبروك العيد” رجة كبيرة، بين مؤيد ومعارض لرجوعه للحياة السياسية.

عودة أحرجت قيادة الاستقلال، مع انخراط شباط في حملات انتخابية سابقة لأوانها وتسويق نفسه كـ”محرر” لفاس من “احتلال” العدالة والتنمية، حيث لم تحسم في وكلاء لوائح “الميزان” في الاستحقاقات المقبلة، إلى حدود كتابة هذه الأسطر، إسوة بباقي الأحزاب.

بل أكثر من هذا، العمدة السابق لا يزال “يحلم” أنه الأمين العام لحزب الاستقلال.

اعتقاد ترجمه في اجتماع مع لجنة المدن الكبرى، التي استمعت إلى استقلاليي فاس والهيئات التابعة للحزب، بـ”استغرابه” حلولها في المدينة وهو موجود، قبل أن يلمح بين ثنايا حديثه إلى أعضاء اللجنة على أنه “الكل في الكل” في حزب “علال” بالمنطقة.

شخصيا، أجدني تائها بين شعارات “تجديد النخب” و”تخليق الحياة السياسية” التي لا تخلو بيانات نزار بركة منها، وبين تحركات شباط واجتماعاته، بدون صفة، مع المواطنين، والتي يحاول من خلالها إحياء مقولة عباس الفاسي، “الله يسمح ليه”، لمحمد اليازغي، خلال مفاوضات الكتلة لتشكيل مكتب المجلس الجماعي لفاس سنة 2003، بعد رفض الاتحاديين فكرة تولي شباط العمودية: “الاستقلال هو شباط.. وشباط هو الاستقلال”.

وهنا تطرح أكثر من علامة استفهام حول موقف مناضلي حزب الاستقلال وقيادته الجديدة من مهزلة “هروب” شباط، وتخليه عن ناخبيه ومهامه في البرلمان والجماعة والجهة.

هل ما عبر عنه عباس لا يزال قائما سنة 2021؟ هل “حزب الأمة” لا يتوفر على مناضلين وأطر قادرة على تمثيل فاس، أو قيادتها للخروج من الحالة الكارثية التي تركها عليها شباط، قبل أن يُجهز عليها الأزمي؟

على من يتطوع للإجابة على هذه الأسئلة، وغيرها، أن يعفينا من إخراج “فزاعة” العدالة والتنمية وأن شباط هو القادر على منافستهم في فاس، لأن هذه “التخريجة” لم تعد تقنع أحدا، خصوصا بعد الانتكاسة التي عرفتها العاصمة العلمية والنتيجة “الصفرية” لولاية “البيجيدي” على رأس المدينة.

ويكفي الرجوع إلى تعليق إدريس الأزمي على عودة شباط لتبيان النتائج العكسية لوضعه في المنافسة، وما هزيمته “المذلة” سنة 2015 إلا خير إثبات.

ما يثار حول العائد من “المنفى” ينطبق، تقريبا، على رشيد الفايق، أو “شباط2” كما يلقب، ذلك أنه رغم الفضيحة الأخلاقية التي انفجرت في وجهه وأمام “الحمامة”، فهو مرشح “بدون منافس” للحصول على تزكية حزب التجمع الوطني للأحرار في فاس.

أكثر من هذا، لم يجد حزب “أغاراس أغاراس” حرجا في دعم “مناضله” على حساب شابة من شبيبته، انتشرت صورها و”تسجيلاتها” في وسائل التواصل الاجتماعي، انتشار النار في الهشيم.

ليعود “عراب” أولاد الطيب إلى “السياسة” والغياب عن مجلس الجهة “بوجهو حمر”، في انتظار تحريك الملف قضائيا، يوما ما!، بعد “تنازل” و”اختفاء” الضحية عن الأنظار، ربما مقابل “جوج د ريال”، كما يتردد في ردهات المحاكم، وبعد قضاء “مبتزيه” 3 أشهر في السجن.

ولأن “الشباطية” أضحت “موضة”، فقد انتقلت عدواها إلى مولاي يعقوب، بتزكية عبد اللطيف وهبي، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، لأحد الأعيان الجدد وأحد “الطارئين” على الثروة، في الانتخابات التشريعية المقبلة على حساب مناضلين وبرلمانيين سابقين.

وهنا أجدني مضطرا للتساؤل، مرة أخرى: ما هي الكفاءة التي يتمتع بها حسن بلمقدم (شيبوب)؟ وماذا قدم للبلاد والعباد، باستثناء “المال” و”ملفات العقار” المنتشرة في “يوتيوب” و”نفوذ خارق” مكنه من “امتياز” بقاء مشروعه بطريق مكناس مفتوحا إلى الساعات الأولى من الصباح، خلال فترة الحجر الصحي الشامل، في سابقة “غريبة” في المغرب، وربما في العالم، (ماذا قدم) حتى يحظى باستقبال من طرف وهبي ويكون من الأوائل الذين ضمنوا تزكيتهم في المغرب؟

وهبي، الذي بشّر بالقطع مع ممارسات الماضي، انتقل إلى “أهرمومو” بإقليم صفرو للإعلان عن تزكية “رجل أعمال” لا يفرق بين الألف و”الزرواطة”.

وأتخيل كيف أن هذا “الملياردير الجديد” قد يكون على رأس لائحة تضم إطارا أو كفاءة عالية، لكنه سيحل في المرتبة الثانية أو الثالثة، في “نكتة” من “نكت” الانتخابات المُبكية.

“الطنز السياسي” سيتواصل بعد أن أعمى بريق “الكنز” بصيرة قيادي في الأصالة والمعاصرة، حيث ألغى تاريخ حزبه، في تصريح لموقع “كود”، بعد أن أكد خطأ ًأن “البام” لم يسبق له أن فاز بمقعد برلماني في إقليم صفرو.

قيادي “البام” أصر، في نفس التصريح، على نعت الشبشالي بـ”المرشح فوق العادة”، متناسيا أن مرشحه “الكنز” قد “نَخَّله” حزب أخنوش، بعدما تيقن، بشكل تام، من “محدوديته” على جميع المستويات، حتى لا نقول شيئا آخر.

ويكفي الاستماع إلى ما يردده بشكل مستمر على “أتباعه”: ” الفلوس موجودين.. خاصني غير الرجال!”، ليتأكد هذا القيادي في حزب “التراكتور” أنه أمام مرشح “تحت العادة” وليس “فوق العادة”.

العنصر، شباط، الفايق، بلمقدم، الأزمي، اللبار، بوانو، لبريكي، الشطيبي، الشبشالي، المسعودي، كوسكوس، عبو.. وآخرون من السياسيين “المُعمرين”، ومن “أثرياء الصدفة”، ومن الباحثين عن “حصانة”، ومن الذين فشلوا في تحقيق “ما عاهدوا الناس عليه”، في جهة فاس مكناس، مطالبون بالتنحي جانبا وكف أيديهم عن الأحزاب والمناطق التي يسيطرون عليها.

أولا، لاسترجاع ثقة الناخبين في السياسة ومصالحتهم مع صناديق الاقتراع بعد أن تسبب هؤلاء في مقاطعة العديدين للانتخابات، ترشحا وتصويتا.

وثانيا، لفسح المجال لظهور كفاءات ونخب جديدة تخرج فاس والجهة من “الظلمات” إلى “النور”، وتخلق للمواطنين فرصا للاستقرار والعيش الكريم، على أمل أن تصبح العبارة الشهيرة: “فاس حاكمة العالم” فعلا، في يوم من الأيام، ولس قولا فقط!