كريم شفيق يكتب: كورونا.. الحرب ضد مجهول

يخوض العالم حربا ضروس ضد عدو مجهول الهوية، أصله معروف وهويته مجهولة، لمواجهته تعبئ السياسي والاقتصادي والعسكري والعالم و الطبيب وكل مكونات الدول لكن لحدود الساعة لا حلول غير نصائح درسناها في القسم ما قبل الابتدائي في نشيد يحث على النظافة و العناية بالأكل الصحي والتباعد الاجتماعي.
مخلفات هذا العدو مهولة في الأرواح والاقتصاد حيث أغلقت الاجواء بين الدول وتوقفت قطاعات انتاجية كثيرة اختلت معها موازين القوى.
هذا العدو لم يميز بين غني وفقير، بين دولة غنية و فقيرة، واختلفت معه طرق التعامل معه حيت الدول التي اعتمدت سياسة استباقية كالمغرب نجحت نسبيا في تطويقه و التعامل معه بجدية و التزام كبيير، وبين دول استهانت به ففتك بها وشل مفاصلها.
ففي المغرب منذ أول حالة وردت من ايطاليا جند كل إمكانياته وأصدر قرارات صعبة وشجاعة أولها غلق الاجواء تدريجيا مع الدول الموبوئة ثم أغلق الاجواء بشكل نهائي بما لذلك من تأثير على قطاعات حيوية كالسياحة و الصادرات وغيرها

كما أصدر رئيس الدولة الملك محمد السادس قرارات ابانت عن تضامن كبير بين كل مكونات الشعب المغربي بإصدار قرار بإنشاء صندوق لمحاربة التداعيات الاجتماعية لهذا الوباء فكان أن تعبئ الجميع و ساهم الجميع كل حسب استطاعته ليتم تحصيل مبالغ أكثر من تلك المتوقعة ليتم توزيعها في سابقة هي الأولى بالمغرب على المواطنين الذين فقدوا عملهم بسبب حالة الطوارئ الصحية أو أولئك الذين لادخل لهم بطرق حديثة استعملت فيها الرسائل النصية الهاتفية بمنطق الثقة بين المواطن والدولة لمدة ثلاثة أشهر، كما تم اعتماد الجزء الثاني من الصندوق لدعم تجهيزات المستشفيات وانشاء مستشفيات جديدة بسرعة كبيرة وفعالية أكبر مما رفع من الطاقة الاستيعابية للمستشفيات لاستقبال أكبر عدد من المصابين لا قدر الله.
سلطات البلاد تعبأت بشكل غير مسبوق لفرض حالة الطوارئ الصحية فرأينا القائد الناصح و القائدة المربية و الشرطي الخطيب بفصاحة غيرت صورة الجهاز في أعين المواطن و استاذ مجد يشتغل خدمة للتلميذ والطالب مضحيا بكل وقته للتدريس عن بعد، ورأينا المقدم القريب من المواطن والطبيب والممرض مرابطين في المستشفيات معرضين حياتهم للخطر مبتعدين عن أبنائهم واهاليهم خدمة للمواطن مشرفين البذلة البيضاء التي يرتدونها.
كل هذا المجهود وبنتائجه المبهرة لحد الساعة لا يمكن أن يكتمل دون مواطن واعي ومنظبط للقرارات التي تصدر عن السلطات المعنية حتى نتمكن مجتمعين لتجاوز هذه الجائحة بأقل الخسائر ودون جراح وندوب.
كل هذا المجهود بإيجابياته وسلبياته يطرح علينا سؤالا كبيرا: ماذا بعد؟
بعد نهاية هذه الجائحة الذي نتمنى أن يكون قريبا لابد أن نخرج بخلاصات مهمة و كبيرة تجعلنا قادرين على مجابهة كل الأعداء على شاكلة كرونا و اي وباء أو جائحة وأهم الخلاصات في تقديري اسردها كما يلي:
1 – تعزيز التماسك الاجتماعي بين المغاربة و فرض ضريبة على الثروة تخصص لدعم المجالات الاجتماعية والعلمية أهمها التعليم و الصحة و البحث العلمي.
2 – الحكامة في تدبير الموارد حيث يجب إعادة النظر في أولويات الإنفاق العمومي حيث تعطى الأولوية للمجالات الاجتماعية.
3- إعادة النظر في علاقة المواطن بالسلطات سواء الادارية او القضائية من خلال تعديل في الاختصاصات وكذلك رفع منسوب ثقة المواطن بالسلطات عن طريق خطط تواصلية تمكن من تطبيق القانون سواسية وجعل السلطة سندا للمواطن وسندا للمستظعفين.
4- استمرار التعبئة المجتمعية من خلال مبادرات اجتماعية مستمرة يكون المجتمع المدني قنطرة إلى جانب المنتخبين والسلطات من أجل تنزيلها و نجاعتها حتى نتمكن من رفع المستوى المعيشي للمواطنين المستضعفين و جعلهم يترقون في السلم الاجتماعي.
5- تبين من خلال هذه الجائحة أن الدولة الاجتماعية والمواطن الواعي هم الذين استطاعوا محاصرة الوباء والتحكم فيه مما يفرض اعتماد سياسات اجتماعية شعبية للقضاء على اوبئة أكثر فتكا بالبشر أهمها وباء الفقر والجوع.
المغرب ومن خلال هذه الجائحة تعبئ و عبئ كل إمكانياته حتى صار مثالا يحتدى به في العالم و اصبر فخرا لمواطنيه، هذا الفخر أصبح لزاما علينا الحفاظ عليه والرقي به للقضاء على كل المظاهر المشينة ببلدنا حتى نكون بلدا منتجا لحاجياته يحقق اكتفاءا ذاتيا في الغذاء والدواء واللباس والعلم. فرب ضرة نافعة.