“انتفاضة” ساكنة بوردهم بصفرو ضد المطرح العشوائي.. هذه التفاصيل الكاملة لحوار “الخروج” من الأزمة

انتفضت ساكنة بودرهم صباح اليوم الخميس 13 يوليوز، وقامت بمنع شاحنات الشركة المفوض لها تدبير النفايات المنزلية بصفرو من تفريغ حمولتها بالمطرح غير المراقب.

وجاءت هذه الخطوة التصعيدية، حسب المحتجين، بسبب معاناتهم المستمرة الناجمة عن الروائح الكريهة والدخان الخانق للأنفاس، مطالبين بإيجاد حل جذري ونهائي للملف الذي عمر لسنوات، وفق تعبيرهم.

وفي غياب المجلس الجماعي، تدخلت عناصر الأمن، بمختلف تلاوينها لتأمين الاحتجاجات والسهر على انسيابية السير، بعد أن أدى توقف آليات نقل النفايات والمتظاهرين إلى عرقلة السير في مدخل المدينة من جهة المنزل.

هذه التطورات المتسارعة، والتي جاءت ساعات قليلة بعد وقفة احتجاجية نظمتها ساكنة بودرهم مساء أمس الأربعاء 12 يوليوز، استنفرت السلطات المحلية التي دعت إلى عقد جلسة حوار بمقر باشوية صفرو، حضره، إلى جانب ممثلين عن المحتجين وباشا المدينة، كل من رشيد أحمد الشريف، رئيس المجلس الجماعي لصفرو وامحمد زلماط، رئيس جمعية أرباب المقالع، بالإضافة إلى قياد بالمدينة.

جلسة الحوار، التي حضرتها جريدة “الديار”، أعاد فيها ممثلو ساكنة بودرهم، استعراض معاناتهم اليومية مع الروائح والأدخنة المتصاعدة من المطرح، متحدثين عن تفاصيل ظروفهم المعيشية الصعبة، والتي تتكرر رغم الوعود الرنانة التي يطلقها المسؤولون في كل مرة، بسبب مخلفات المطرح العشوائي، محملين المسؤولية الكاملة للمجلس الجماعي.

“حنا مضروروين.. ولادنا مضرورين.. نعاني من الأمراض: الضيقة.. التنفس، كنسدو الشراجم ووالو”، كلمات تكررت على لسان ممثلي ساكنة بودرهم، قبل أن يقوموا بالدعوة إلى قضاء ليلة واحدة في حي بودرهم للوقوف على حجم المعاناة التي ترزح تحتها الساكنة.

باشا المدينة، وفي رده على هذه التدخلات، أكد أنه يعي جيدا حجم معاناة الساكنة، مشددا على أن ملف المطرح يهم ساكنة المدينة بكاملها وليس الأحياء القريبة منه فقط، واصفا إشكالية المطرح “بالمشكل المؤرق”، قبل أن يؤكد على أن الدعوة لهذا الاجتماع الرسمي، تأتي في سياق إيجاد حلول عملية لوقف معاناة الساكنة.

“هناك متدخلان رئيسيان لحل المشكل، ويتعلق الأمر بالمجتمع المدني، ممثلا في جمعية أرباب المقالع، والمجلس البلدي ك”منتخبين”، لديهما مجموعة من الإمكانيات والاختصاصات والتي سيتم تسخيرها لحلحلة الموضوع”، يورد باشا مدينة صفرو، قبل أن يتابع بأن امحمد زلماط، رئيس جمعية المقالع سوف يبسط أمام الجميع الإجراءات العملية والآنية لإخماد النيران. “أما الرئيس سوف يتحدث عن الآليات التي ستخصص بشكل دائم للمطرح، كما سيحدثنا عن مآل ملف المطرح المراقب الجديد، وأين وصلت إجراءات خروجه إلى أرض الواقع”، يسترسل باشا صفرو.

امحمد زلماط، رئيس جمعية أرباب المقالع بصفرو، ذكر، في سياق حديثه عن مشكل المطرح غير المراقب لبودرهم، أن الجمعية تتدخل، كل صيف، تحت إشراف الجماعة والسلطات من أجل تقديم الدعم في إخماد الحرائق التي تشتعل في المطرح.

“كل عام نقول بأن هذا التدخل سيكون الأخير، لماذا؟ لأننا نعتقد أن المطرح الجديد سيخرج إلى النور والمشكل غادي نرتاحوا منو فمرة”، يقول زلماط، قبل أن يتابع مستطردا: “لكن ما وقع وقع!”.

وزاد رئيس جمعية أرباب المقالع أنهم أخذوا علما باندلاع الحريق، لكن كان من المستحيل جلب آلية من الآليات، التي تشتغل بالوقود و”الزيوت”، والتي قد تشتعل بها النيران في أي لحظة. “لهذا كنا ننتظر توقف رياح الشرقي من اجل بدء عملية التدخل لإخماد الحريق ووقف تصاعد الدخان من المطرح”، يورد المتحدث نفسه.

وشدد زلماط، في كلمته أمام ممثلي الغاضبين من سكان بودرهم والسلطة المحلية، على أن تدخل الجمعية هذه المرة لن يقتصر فقط على إخماد النيران، بل سيتعداه إلى إجراءات أخرى ستجنب المنطقة مستقبلا مثل هذه الحوادث.

وفي هذا السياق قال زلماط أنه ستتم الاستعانة بخدمات مهندسة مختصة، سبق لها الاشتغال على مطرح مدينة فاس، قبل أن يؤكد على أن اجتماعا عقد صباح اليوم مع تقنيي الجماعة حول تفاصيل التدخل السريع والآني، والذي لخصه في إعداد طريق “وحيدة” تصل إلى “البركة”. مسلك أكد على أنه سيكون بجودة عالية، مع تعلية جنباته، لمنع اختراقه من الجانب، ولإيقاف إفراغ الشاحنات خارج “البركة”.

وأضاف المتحدث ذاته أنه سيتم تخصيص “كاسحة” دائمة بالمطرح من أجل “ردم” النفايات. مع تشديد الحراسة 24 ساعة في اليوم.

وطالب زلماط من ممثلي الساكنة الانخراط في هذه العملية عبر تكليف “مراقبين” وتقديم اقتراحات ومواكبة الاشغال، موضحا أن منع شاحنات الأزبال من إفراغ حمولتها سيخلق أزمة ثانية المدينة في غنى عنها، داعيا في ختام كلمته، الجميع، مجتمعا مدنيا وسلطة ومنتخبين، ومواطنين إلى التطوع من أجل الخروج من الأزمة ووضع اليد في اليد، قبل أن يذكر بأن الجمعية متطوعة بآلياتها وسائقيها ووقودها، وهي تكاليف قد تصل إلى 40 مليون سنتيم.

رشيد أحمد الشريف، رئيس المجلس الجماعي لصفرو، استهل كلمته بتقديم الشكر لجمعية أرباب المقالع، قبل أن يدخل مباشرة في صلب الموضوع قائلا: “تحدث الإخوان عن الحل.. والحل هو إخماد النيران”، ليتابع مستطردا: “هذا الاجتماع للوضوح.. من أجل إطفاء النيران بالمطرح نحتاج إلى مدة لن تقل عن 5 أو 6 أيام”.

“الحديث عن إطفاء النيران هذه الليلة أو غذا، يضيف المتحدث نفسه، سيكون مجرد كلام “، مبرزا أن جمعية أرباب المقالع وضعت آلياتها، بالإضافة إلى آليات المجلس الإقليمي، رهن إشارة المطرح، ولا يمكن المغامرة بهذا، مبرزا أن أي خسارة لا قدر الله، ستكون كلفتها عالية جدا.

وأبرز أحمد الشريف، في السياق ذاته، أنه قبل هذا الاجتماع، تم عقد لقاءات عديدة حول هذا الموضوع من أجل وضع خطة تجنب ساكنة صفرو هذه المعاناة، التي تسبب له أرقا، على حد تعبيره.

المتحدث نفسه قال إن “كاسحة” كانت متوفرة بالمطرح، كان يؤدي ثمن وقودها من جيبه، لكن “التراكمات”، وفق تعبيره، هي التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه الآن. لافتا إلى أنه يشتغل على مشكل المطرح ليل نهار وأن الجماعة ستتوصل قريبا بكاسحة وشاحنة، سيتم تخصيصهما للمطرح، مشددا على أنه سبق أن قدم وعدا وأنه لا يزال على وعده.

وعن مآل ملف المطرح المراقب الجديد، والذي ستستفيد منه أربع جماعات وهي جماعة صفرو والبهاليل وسيدي يوسف بن احمد وأغبالو أقورار، أوضح الرئيس أنه تم الانتهاء من دراسة الجدوى في وقت قياسي لم يتعدى 6 أشهر، موضحا أن الجماعة توصلت بمساهمة وزارة البيئة والتي تبلغ 23 مليون درهم، فيما تنتظر مساهمة وزارة الداخلية والتي تبلغ 10 ملايين درهم، معيدا التذكير بالوعد الذي قطعه على نفسه، والمتعلق بالإعلان عن صفقة المطرح الجديد قبل رأس السنة.

وعن مصير المطرح الحالي، أكد أحمد الشريف أنه تم تخصيص 5 ملايين درهم من أجل إعادة تأهيل المنطقة وتحويلها إلى منطقة خضراء، مباشرة بعد انطلاق العمل بالمطرح الجديد.

وفي ختام جلسة الحوار، ألح ممثلوا ساكنة بودرهم على الالتزام بالمهلة التي تم الإعلان عنها لإخماد النيران، كحل مستعجل وهو ما وعد به رئيس المجلس، قبل أن يتم تشكيل لجنة لمتابعة ومواكبة عملية إطفاء النيران وإعداد المسلك إلى “البركة”.