عين الشقف..أفواج من الأطفال في الواد والغابة والإهمال “يفضح” المجلس الجماعي

بينما كانت حشود من أطفال الأحياء الشعبية لفاس، ومعها حشود أخرى لأطفال دواوير عين الشقف، ترمي بأجسادها وسط الحرارة الملتهبة، نحو المياه الملوثة للواد الذي يمر بالقرب من فندق “رضا”، مر الحركي، كمال لعفو، رئيس جماعة عين الشقف القروية، بسيارته الفارهة وهو يرتدي نظارة شمسية، تبدو بدورها من الطراز العالي، وكأنه لا يريد أن يوقظ ضمير المسؤولية، وهو يعاين هذه المشاهد الصادمة..

أفواج من الأطفال، ومنهم يافعون، لا يجدون في المدينة، وفي نواحيها، سوى هذا المتنفس العشوائي للهروب من الحرارة المفرطة. هؤلاء الأطفال، ومنهم من هم قادمون من أحياء بعيدة في مقاطعات جنان الورد والمرينيين وزواغة، يرمون بأجسادهم في اتجاه الواد الذي يعاني من تلوث فظيع يمكنه أن يؤدي إلى أمراض، ومنها خاصة الأمراض الجلدية، ومن أوحال تشكل خطر، وقد تؤدي بهم إلى الغرق..بينما رئيس المجلس الجماعي لعين الشقف يقطع الطريق المجاورة للواد جيئة وذهابا لعدة مرات في اليوم الواحد، ويعاين هذا الوضع، دون أن يقوم برفقة أغلبيته بالبحث عن بدائل من شأنها أن تحول الفضاء إلى فضاء جذب وبمعايير تحترم الكرامة الآدمية لهؤلاء الأطفال الذين لا تجد أسرهم الإمكانيات لمرافقتهم في رحلات سياحة نحو الشواطئ والمنتجعات، كما يفعل بعض المنتخبين، ومنهم من يذهب بعيدا عبر ركوب طائرات تحلق بهم بعيدا نحو منتجعات سياحية في بلدان الغرب، حيث الهدوء والنظافة والتجهيزات…

أحد الفاعلين في المجال السياحي قال لجريدة “الديار” تعقيبا على هذا الوضع في واد عين الشقف، إن الجماعة يمكنها بميزانية غير مرتفعة أن تعمل على تهيئة جنبات الواد، لكي تمنع الانجراف، وتعمل على تهيئة أرضيته، ويمكنها أن تخلق فرص شغل ودينامية اقتصادية على طول الواد بهذه التهيئة، عبر إحداث أكشاك ومحلات تجارية. لكن الإرادة شرط أساسي.

الفاعل السياحي الذي تحدث عن إرادة التغيير، أشار إلى أن الجماعة، والتي لها مداخيل مهمة، في التجزئات العقارية وضرائب الأراضي العارية، وغيرها من المداخل، “عجزت” منذ سنوات عن تهيئة الطريق الموصلة إليها من جهة فاس، مع أن هذه الطريق تعتبر من المداخل الأساسية بالنسبة للمنطقة، وأمر التهيئة يفترض أن يكون من الأولويات ووفق المعايير المعتمدة، ودون الاكتفاء فقط على إصلاح تصفه الساكنة بالترقيعي سبق لجماعة فاس أن قامت به.

إهمال فظيع في كل مرة..يردد الفاعل السياحي الذي أسهب في الحديث عن مؤهلات هذه المنطقة، والتي توجد في مدخلها، لكنه رفع أيضا من نبرة الانتقاد تجاه المجلس الجماعي، وأشار إلى أن هذه الغابة التي يقصدها عدد كبير من الأسر تعاني من انتشار فظيع للأزبال، ومن تلوث الواد الذي يقطعها، ومن انتشار مريع للحشرات، ومن العشوائية المخيفة في محيط الأشجار والتي تركت لحالها دون أدنى عناية. وحدهم مستغلو الموقف العشوائي للسيارات والذين يطالبون بالأداء دوما، هم من يعلنون حضورهم هنا باسم الجماعة لمراقبة الوضع، وغير بعيد عن مكان تواجدهم، مقر لعناصر القوات المساعدة، والتي تقوم بجولات طارئة على متن أحصنة للحفاظ على احترام “الآداب العامة”، وفي الجهة الأخرى تجزئات عقارية تقترب من الفضاء، وتهدد بالإجهاز على أحد المتنفسات المهمة في محيط فاس.