حافظ مهراز يكتب: قانون “الحجر” على الرأي وورطة الاتحاد “المُمانع”
قد أخالفك الرأي، لكنني مستعد للدفاع عن حقك في التعبير عن رأيك.
هذه المقولة الفلسفية التي أصبحت بعد الثورة الفرنسية توطئة للمدافعين عن الرأي، ونبراسا لكل الحقوقيين بكل لغات العالم لم تأتي صدفة بل هي خلاصة للحق في التعبير كحق من الحقوق الطبيعية للإنسان.
من مكر وعجائب الصدف أن يتسرب مشروع قانون 22-20 المشؤوم مخلفا صدمة وسط شرائح المجتمع المغربي بكل أطيافه، بحيث أصبحوا يضربون أخماسا في أسداس أمام هجمة تريد تقنين و”لجم” الأصوات المقاطعة والمناوئة في ظرفية انتكاسة وتصنيف متدني للمغرب في حرية الصحافة والإعلام.
هذا القانون الذي يظهر أنه تم طهيه على نار هادئة بمطابخ وسراديب سرية، أريد به تكميم الأفواه وإخراسها بعدما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب تشكل إعلاما بديلا يصنع الرأي ويوجه السياسات العامة للبلد على حد وصف وزير العدل السابق مصطفى الرميد أمام فشل الإعلام العمومي.
وأمام تراجع مساحة الرأي الآخر بشكل ملاحظ، فإن مشروع القانون، هذا، تم إخراجه للعلن كبالون اختبار في ظرفية الطوارئ الصحية في استغلال بشع لظرفية عالمية عصيبة، وفي ظل وباء يهدد الجنس البشري بالفناء.
وزير العدل الاشتراكي محمد بنعبد القادر ورفاقه ومن وراءَهم وجدوا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، وهم في مواجهة مختلف المجتمع المغربي، ارتأوا وفضلوا تأجيل النظر في بنود مشروع القانون المثير للجدل، كهروب سافر للأمام، تحت ذريعة تصحيح الأوضاع وإعادة الاعتبار للمسؤولية الجماعية وإعادة النقاش المؤسساتي والعمل الحكومي إلى سكته.
هذا طبعا بعد الصخب الذي خلفته مختلف ردود الفعل الغاضبة التي عبرت عنها مختلف الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية الرافضة لما بات يعرف بقانون تكميم الأفواه.
غير أن البعض خرج للعلن، كما تخرج سراويل العرائس الملطخة بدم “الشرف” في الأعراس الشعبية وسط الزغاريد، وهم يهللون: نحن هم اليسار، نحن الممانعون، نحن لا نساوم، نحن الحزب العتيد، نحن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية… حتى تشابهت علينا الكورونا وتشابه علينا البقر.
تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة