وشاك أو “مافيا العقار”!.. من “يحكم” جماعة صفرو؟
لا حديث في صفرو، خلال اليومين السابقين، سوى عن الجدل الذي خلفه منح رخصة لغسل السيارات في تجزئة حديثة وسط المدينة.
جدل انطلق مباشرة بعد نشر جريدة “الديار” لتدخل أطراف من داخل المجلس الجماعي للضغط على نائب للرئيس، مسؤول عن التراخيص، للتوقيع على رخصة لمزاولة هذا النشاط رغم أن القرار الجماعي عدد 422 بتاريخ 4 غشت 2016، يشترط، في فصله الثالث، أن يكون “المحل على شوارع وأزقة مناسبة لنوعية الاستخدام وألا تقل المساحة المتواجدة أمام المحل عن 15 مترا”، بينما الشارع الذي يتواجد فيه هذا المحل لا يتعدى 12 مترا وبعض السنتميترات.
لكن، ما هي حكاية هذه الرخصة، التي استنفرت الأغلبية والمعارضة داخل المجلس الجماعي، إضافة إلى العمالة والسلطة المحلية؟
القصة انطلقت منذ 2018، عندما قرر أحد المواطنين طلب رخصة لـ”غسل السيارات والتشحيم”، تم رفضها من طرف المجلس السابق بعد الرجوع إلى القرار الجماعي، المذكور أعلاه، وبعد تعرض “متضررين” من مزاولة هذا النشاط.
الغريب، أن أحد أبرز المعترضين على إقامة مشروع “غسل السيارات”، والذي أقام الدنيا ولم يقعدها آنذاك، تقدم للحصول على نفس الرخصة، باسم سيدة، مع الاستغناء عن التشحيم، في2021، بعد صعود “صديقيه”، نائب للرئيس ومستشار في المكتب المسير، إلى المجلس.
ولتفادي الاحتجاج على المشروع، نصحه “زملاؤه”، في ميدان العقار، بإعداد محله في سرية تامة لتفادي “التعرض” من طرف الجيران، وهم الذين لم يعلموا بأمر هذا المشروع إلا عن طريق الصدفة، عندما نسي صاحب المحل الباب مفتوحا.
لكن هذا الاكتشاف جاء متأخرا وبعد نهاية الآجال القانونية لوضع التعرضات، والتي كانت محددة في 11 من الشهر الماضي.
بعدها سيمر أحد المستشارين المذكورين إلى المرحلة الثانية من “الخطة”، وهي الضغط على المسؤول عن التراخيص و”استعطافه”، في كل وقت وحين، للتوقيع على المحضر والرخصة، بدعوى أن “السيد ديالنا وصاحبنا.. واغير سني ا الحاج!”، رغم أن طالب الرخصة لم يحترم الإجراءات المعمول بها قانونيا، والمتمثلة في طلب ترخيص مؤقت وطلب رخصة لإصلاح المحل، قبل أن يطلب الرخصة النهائية.
المثير، والخطير في نفس الوقت، أن هذا المستشار لم يتردد في الخروج، بدون صفة قانونية، مع “لجنة” غابت عنها السلطة والعمالة، في اليوم المقرر لمعاينة بعض المشاريع، من بينها هذا المشروع المثير للجدل.
“معاينة لمحل غسل السيارات لم تتم أصلا، تكشف مصادر لجريدة “الديار”، ذلك أنه بعد رفض الترخيص لمحل بمنطقة ابن صفار بسبب ضيق المساحة المخصصة للمشروع. توجهت “اللجنية العجيبة” إلى محل غسل السيارات.. لكنها لم تتوقف به. وإنما مرت بجواره لتكمل طريقها إلى البلدية!”.
حتى السلطة المحلية، الذي حاول نائب الرئيس “الركوب” عليها لتحميل “القايدة” مسؤولية خرق القانون في تسليم هذه الرخصة، اتهمت مصادرنا أطرافا، لم تكشف عنها، بتوريطها، خصوصا بعد ان صرح هذا النائب، وأمام جمع من الموظفين والمرتفقين بالقول: “فين كانت القايدة ملي كان كيصلح، عاد بانت ليهم الرخصة ماشي قانونية!”، في إشارة إلى الضجة الكبيرة التي خلفها كشف هذا الموضوع في الصحافة.
أكثر من هذا، حتى الرئيس لم يسلم من محاولة “التوريط” والزج به في هذه “الزوبعة”، حيث صرح هذا النائب، في اكثر من مناسبة أن وشاك يطالبهم بالإسراع في منح التراخيص لأصحابها.
أعدت هنا تركيب قصة “الرخصة الفضيحة” باختصار شديد، لمحاولة تقريب القارئ الكريم من الموضوع، قبل طرح هذا التساؤل المشروع:
ما هي ردة فعل رئيس المجلس الجماعي لصفرو، بعد انتشار هذه “المهزلة” على نطاق واسع؟
على حد علمي، وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، “وااالو”، لتظل الأمور على ما هي عليه.
فباستثناء حلول لجنة صباح اليوم بموقع المشروع، ومحاولاته الدفاع عن وجهة نظر مستشاريه، المتورطين في الملف، ومحاولة “تهدئة” و”طمأنة” نائبه الموقع على الرخصة، فإن الرئيس لم يبادر إلى سحب هذه الرخصة، رغم أنه المخول قانونا للتراجع عنها، إضافة إلى القضاء.
نعم.. الرئيس غير مسؤول وبعيد عن “الشبهات” في هذا الموضوع، لكنه أضحى ملزما، بعد اطلاعه على حيثيات وتفاصيل الملف، باتخاذ قرار سيتحمل وحده وزره “السياسي والأخلاقي”.
ففي حالة “رفض” سحب هذه الرخصة، سيظهر في موقف المدافع عن “الباطل”، وسيساهم في “غرق” نائبه، لا قدر الله، بعد أن “وثق” فيمن وصفهم “بالبراهش”، وقد تتم “جرجرته” أمام القضاء، سواء من طرف المعارضة أو من طرف عامل الإقليم، بعد ظهور تقرير لجنة “تفتيش” ستزور محل غسل السيارات في الأيام القليلة المقبلة.
هذا الموقف الصعب، الذي وجد الرئيس نفسه فيه، مكرها، يمكن اعتباره، ربما، اختبارا لحسن نيته وفرصة لتأكيد ما وعد به ناخبي مدينة صفرو حول احترام المؤسسات والدفاع عن مصالح المدينة وتطويرها بعيدا عن “السماسرية” و”مافيا العقار”، عبر وضع حد لهذه “الفوضى” والحرص على تطبيق القرار الجماعي وإنصاف السكان المشتكين، الذين لا أحد يعلم حجم التضحيات التي تكبدوها من أجل اقتناء سكن كريم في تلك المنطقة.
كما أنه، من وجهة نظري، سيقدم دليلا ملموسا للرأي العام الصفريوي على أنه “الرئيس الفعلي” لمجلس الجماعة، خصوصا بعد “الأحداث” التي تورط فيها أحد نوابه ومقربون منه، في الأيام القليلة التي تلت ولوجهم إلى التسيير.
وحتى لا أطيل عليكم، سأكتفي بسرد حالتين فقط، من الأمثلة العديدة، أعتبرهما “شططا في استعمال السلطة” و”تدخلا سافرا” في شؤون البلدية وتطاولا على الرئاسة.
الحالة الأولى تتعلق بـ”الاعتداء” و”الإهانة” اللذين تعرضت لهما موظفة من طرف نائب الرئيس، (ليس من أجل مصلحة المواطنين أو المدينة، بل من أجل مصلحته الشخصية).
صاحبنا، الذي يتهمه البعض بكونه ممثلا لـ”مافيا العقار” داخل بلدية صفرو، وضع طلب رخصة استثنائية باسمه الخاص، تتعلق بالسماح لشاحنة بالتجول داخل المدينة، في الوقت الذي كانت فيه الموظفة في عطلة، ليتوجه إليها يوم الاثنين الماضي للبحث عن وثيقته.
وبعد أن أخبرته بأن الملف ربما غير مكتمل، وأن الرخصة غير جاهزة، انفجر في وجهها بالصراخ، مشددا على أن الرخصة تخصه وأنها مستعجلة، لتبادره وعلامات الخوف على محياها: “معرفتش راها ديالك!”.
هذا الجواب أخرج هذا المستشار، الذي حصل مؤخرا على وثيقة من مؤسسة عمومية دون تأدية واجباتها القانونية (ستنشر “الديار” تفاصيلها)، عن طوعه، ليسحب الملف من فوق مكتبها ويصرخ في وجهها: “واش مكتعرفيش تقراي؟.. ها سميتي!”، ليردد اسمه الكامل وهو يصرخ بصوت أرعب الحاضرين.
هذه “الحكرة” جاءت بعد سلسلة من “تشكامت” بالموظفين والعمال، الذين يتم تنقيلهم بين المصالح، ربما، حسب هواه وهوى أصدقائه الذين “يقررون” في أمور أطر الجماعة في “كاراج”.
المثال الثاني، والذي أعتبره شخصيا “منكرا”، هو محاولة أحد “الغرباء” استقطاب “موظف” من إحدى الجماعات مع وعده بتعيينه في منصب “مدير المصالح” بجماعة صفرو.
بأي صفة يتحدث هذا الشخص عن “التوظيف” و”التعيين” داخل البلدية؟
فقط، لأن الأغلبية اجتمعت في “فيلته”، في يوم من الأيام، أثناء تشكيل المكتب المسير للجماعة، ليتقدم فيما بعد مستشار، لا يتردد في التشهير بمسؤولين “تواضعوا وعطاوه وقت”، باقتراح اسم هذا الإطار في إحدى اجتماعات الأغلبية.
أخيرا، أجدني مضطرا إلى توجيه رسالة مباشرة إلى عبد الحفيظ وشاك، رئيس المجلس الجماعي لصفرو:
..”أتمنى صادقا، السيد الرئيس، أن تحرصوا على تطبيق القانون بعيدا عن “الحسابات والمصالح”، وأن تضعوا حدا لـ”التخربيق” داخل مجلسكم،.. وشكرا”.