“جائحة الخوف”.. الأخبار الزائفة تجر 107 شخصا للقضاء
تغص مواقع التواصل الاجتماعي بالمعلومات عن فيروس “كورونا”، حيث يجد مرتاد هذه المواقع نفسه محاطا بسيل عارم من الأخبار الزائفة، التي تتخذ من سياق الجائحة بيئة مواتية للانتشار وبت حالة من الرعب وعدم اليقين في نفوس الأفراد.
وكثيرة هي الأفكار المغلوطة التي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي عبر العالم، فنجد البعض يؤكد على نجاعة الثوم في علاج كورونا، وآخرون يسجلون وجود الآلاف من حالات الوفاة، فيما يتحدث البعض عن الوضعية الكارثية للمرافق الصحية، وما إلى ذلك.
المغرب ليس استثناء في هذا الجانب، حيث باتت كل المعلومات المتعلقة بالمرض تثير الخوف. فعندما يتعلق الأمر بهذه الجائحة، فإن بحث الأفراد عن المعلومات يزيد على نحو غير مسبوق، وليس ثمة أسهل من شبكات التواصل الاجتماعي للولوج إلى المعلومة في حينها.
وبالنظر إلى الحجر الصحي المفروض حاليا، فقد تحولت نقاشات المقاهي إلى الفضاء الافتراضي، لتنتشر بذلك الأخبار الزائفة كالنار في الهشيم. وقد تم، منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية في ال20 من مارس المنصرم، كشف المئات من المعلومات المغلوطة، وتصحيحها و/أو نفيها من قبل السلطات المختصة والإعلام المسؤول.
ولا تختلف طرق اشتغال مروجي الأخبار الزائفة عن آليات اشتغال الصحفيين، فهم يستخدمون كافة الوسائط المتاحة (نص ، فيديو ، صورة ، صوت)، وتغطي منشوراتهم جميع المجالات، بل وتستهدف جميع القطاعات، فلم تسلم من أذاهم قطاعات السياسة والاقتصاد والصحة، ناهيك عن الشخصيات العمومية.
بدأ كل شيء بأخبار مزيفة عن الوباء، من قبيل إمكانية الإصابة بالفيروس المستجد من خلال البضائع التي تصل من الصين، أو عن طريق تناول الطعام الصيني، أو من خلال مخالطة الشعوب الآسيوية، أو أن الفيروس ناتج عن شرب حساء الخفاش، زد على ذلك العلاجات المعجزة، وأكثرها تداولا الثوم ، والماء الساخن، ورش المواد الكحولية أو سائل التبييض، وغيرها كثير.
وانتقلت بعدها هذه الأخبار المزيفة إلى مضمار السياسات والتدابير الأمنية، فتم تناقل أخبار مغلوطة عن آلاف الموتى، وبؤر للوباء لم يعلن عنها، ومقاولات تم إخلاؤها، مرورا بتراخيص التنقل الاستثنائية المسلمة مقابل مبلغ من المال، ووصولا إلى إغلاق المحلات التجارية الكبرى، ونقص التموين الغذائي، وكذا ظهور شبكات إجرامية وأعمال الشغب.
أما بخصوص التدابير الصحية، فقد غصت شبكة الأنترنت، منذ بداية الأزمة، بمنشورات في موقعي التواصل الاجتماعي “فايسبوك” و “تويتر” بشأن عدم كفاية الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، وعن الطائرات التي تستعد لرش مواد للتطهير والتعقيم على مدن المملكة، وما شابه ذلك.
ولم يتخلف مروجو الأخبار الزائفة عن نقاش نظريات المؤامرة، فأكدوا بداية أن الفيروس تم تطويره في المختبر، ثم انتقلوا إلى الحديث عن وقوف الجيل الخامس للاتصالات وراء الجائحة، ليستقروا بعدها عند المسؤولية الثابتة للصين عن انتشار الفيروس.
وفي خضم هذا السيل الجارف من المعلومات الزائفة، حظي قطاع التربية والتكوين بقسط وافر من الأخبار المغلوطة، وسواء تعلق الأمر بالإعلان عن سنة بيضاء، أو نجاح جميع التلاميذ، أو جدولة الامتحانات، فإن “الإبداع” في هذا الشأن أثار الدهشة بالفعل.
وبالنظر إلى استفحال هذه الظاهرة، دعت وزارة الداخلية المواطنين غير ما مرة إلى توخي الحذر في ما يتصل بنشر المعلومات المغلوطة والعارية عن الصحة المتعلقة بفيروس كورونا، مع تأكيدها على أن السلطات المختصة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة للتعرف على الأشخاص المتورطين في نشر الأخبار الزائفة.
ولم يبق تحذير السلطات المختصة حبرا على ورق، ذلك ما تؤكده بلاغات رئاسة النيابة العامة بخصوص الأشخاص المتابعين قضائيا على خلفية نشرهم لأخبار زائفة.
وفي هذا الصدد، تشير الحصيلة الأخيرة إلى فتح النيابة العامة للمملكة ل107 بحثا قضائيا تم على إثرها تحريك المتابعة القضائية في حق 80 شخصا، في حين لازالت باقي الأبحاث متواصلة.
وفي انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة من معلومات زائفة مروجة على شبكة الانترنت، تتقاسم وسائل الإعلام والمواطنون مسؤولية التحقق من المعلومات قبل مشاركتها.
لم يعد كورونا الخطر الوحيد الذي يحدق بنا ، حيث أن مشاعر الخوف، التي تثيرها الأخبار الزائفة، تلحق الأذى على النحو نفسه بالمواطنين.
(و م ع)