“المزوق من برا آش خبارك من الداخل!”.. “سيتي باص” فاس تطلي حافلاتها بالأبيض ومستعملوها يعانون من “الأوساخ” و”التلوث”

ما معنى أن تصبغ حافلة كان المواطن الفاسي في انتظار تغييرها؟ هل هو ضحك على الأذقان أم استخفاف بذكاء الفاسيين الذين ضاقوا درعا بالاهتراء الذي طال حافلات مدينتهم؟!

في خطوة أثارت استغراب مرتادي حافلات “سيتي باص فاس”، أقدمت الأخيرة على صباغة حافلاتها بطلاء أبيض، الشيء الذي لم يستسغه ركابها، الذين أكدوا أن الشركة تسخر منهم، وتوهمهم بتغيير لم يحدث، مرددين “المزوق من برا .. آش خبارك من الداخل”.

أسطول شديد التهالك، يعود لسنوات طوال، يركبه الفرد فيتعرض لمختلف أنواع المعاناة، انطلاقا من غياب الكراسي، وعدم ثباتها في مكانها إن هي وجدت، فأحيانا تجلس على الكرسي ثم حال انطلاق الحافلة في مسارها وحال تعثرها في طريق تُجوهل ترميمها، تجد نفسك واقعا أرضا.

يتأزم الوضع أكثر بسبب غياب النوافذ، حيث تلج مياه الأمطار شتاء ويدخل لهيب الحر صيفا.. كما أن السقف مليء بالشقوق والثقوب التي تتدفق قطرات المطر والغبار عبرها.

ناهيك عن تصاعد الدخان من الجانب الخلفي للحافلات، لدرجة أن يضطر الفرد إلى استنشاقه فتقل ذخيرته من الأوكسيجين ويتسرب الدخان إلى رئتيه، فيحس بالاختناق، وتتعكر معدته ويكاد يتقيأ أو يفعلها حتما في كثير من الأحيان.

حافلات فاس تجوب الأحياء تاركة خلفها كما هائلا من الدخان، الذي يلوث الهواء، ويزعج الركاب والمارين على حد سواء، وفي هذا الإطار، توصلنا بمقطع فيديو يوثق لذلك، حيث تظهر حافلة تمضي في حال سبيلها تاركة وراءها دخانا شديد السواد “يخرب” رئة المواطنين الفاسيين.

بل وعاينّا قبل أيام اندلاع النيران بالحافلة التي تقل الركاب من حي “المسيرة” إلى “بوجلود”، تسير والنيران مشتعلة خلفها، قبل أن يركنها السائق بمحاذاة الطريق بحي “بنسودة”،  حيث شرع في إطفائها اعتمادا على الماء، والأدهى من ذلك هو أنه لم يتصل بحافلة أخرى تقل الركاب، بل جعلهم ينتظرون إلى حين إخماد النيران.

أسطول شديد الاتساخ، قد يضع الفرد يده سهوا على نافذة فيلمّ ما لا يعد وما لا يحصى من الأوساخ المتكدسة هناك.. المليئة بالجراثيم.. تلج الحافلة كل صباح على أمل أن تجد تغييرا ما.. ولو حتى حيزا من النظافة، فلا يتحقق مرادك ذاك.

المصابيح تكاد تنعدم بحافلات فاس، وتتدنى جودتها إذا كان لك حظ مصادفتها، وهو ما يسنح للصوص بسلب الناس أشياءها في جنح الظلام، والاكتظاظ.

في ظل هذا وذاك، تتعالى الأصوات المنددة بهذا الوضع الذي يوصف بالكارثي، الساكنة تعبر عن أرقها واستيائها الشديدين من الخدمات المتدهورة للشركة، لكن لا من يجيب ولا من يستجيب.. و”كأنما ختموا على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة”!