فوضى في المشاريع وتبديد للمال العام.. هكذا تحولت “أهرمومو” إلى “خراب” والسلطة في قفص الاتهام

تحول حلم ساكنة رباط الخير بحاضرة حديثة ومُهيكلة، مع الإعلان عن انطلاق برنامج التأهيل الحضري، إلى سراب، بعد توقف أشغال تمديد قنوات الواد الحار وأشغال صيانة الطرق، مباشرة بعد انطلاقتها، مما حول شوارع وأزقة المدينة إلى “خراب”.

جريدة “الديار” تواصلت مع فاعلين حقوقيين وسياسيين بالمدينة وطرحت أسئلة حول أسباب تعثر برنامج إنقاذ “أهرمومو” من التهميش؟ وما هي الميزانية المخصصة لهذه المشاريع؟ ومن المسؤول عن تحويل رباط الخير إلى منطقة “منكوبة”؟ وتنقل معاناة الساكنة مع الغبار صيفا والأوحال شتاء.

الواد الحار.. مع وقف التنفيذ

“أشغال المقاولة المكلفة بتمديد قنوات الواد الحار بأحياء رباط الخير تبدأ.. لكي لا تنتهي”، هكذا علق عضو في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنزل، على طريقة اشتغال الشركة الفائزة بصفقة التطهير السائل بالمدينة.

وأشار الحقوقي ذاته، في حديث لجريدة “الديار” أن الشركة لا تتوفر على برنامج محدد للاشتغال، منددا بالعشوائية والتخبط اللذين يسمان تنفيذها للمشروع، حيث أوضح أن عمالها يقومون بعمليات حفر متعددة وفي أماكن متفرقة دون أن ينهوا أي نقطة منذ بداية أشغالهم.

وزاد عضو الجمعية أن الشركة لا تحترم دفتر التحملات الخاص بالصفقة، مؤكدا على أنها مطالبة بإعادة الوضع إلى حاله (Remise en état) بعد كل عملية حفر أو أشغال، “وهو ما لا تقوم به، مما تسبب في تدهور حالة المسالك بالمدينة وزاد من معاناة الساكنة مع الأتربة صيفا ومع الأوحال شتاء، مع تسجيل استثناء بعض البنايات من الربط بقنوات الواد الحار لأسباب مجهولة”.

“أكثر من هذا، يضيف المتحدث نفسه، سجلنا عدم توفر المقاولة على العدد الكافي من الآليات والإمكانيات لإنجاز مثل هذا المشروع الضخم”.

هذا المشروع يكلف 9 ملايير سنتيم، حسب مستشار جماعي من الأغلبية المعارضة، ممول من طرف البرنامج الوطني للتطهير السائل بمبلغ 3 ملايير، ومن طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بـ6 ملايير سنتيم، وعن مساهمة الجماعة في هذا المشروع، أوضح ذات المستشار الجماعي أنها اقتنت الأراضي المخصصة لإنشاء محطات الضخ والتصفية.

وفجر العضو الجماعي مفاجأة من العيار الثقيل، عندما أكد أن الشركة تستغل الملك العام الجماعي دون مقابل، ملمحا إلى تبديد المال العام من طرف عبد الصمد سلوان، رئيس الجماعة، بعدم استخلاصه واجبات الاستغلال المؤقت للملك العام لأكثر من سنة، يشير مصدرنا.

في تعليقه على الفوضى التي تخلفها الشركة المكلفة بإنجاز قنوات الواد الحار، أبرز المستشار المعارض على أن هناك اتفاق “شفوي” بين رئيس الجماعة ومسؤولي الشركة بعدم “إعادة الحالة إلى طبيعتها” لأن الجماعة أطلقت برنامجا للتهيئة الحضرية سيتم بموجبه إصلاح الطرق، مقابل إدراج أحياء وإضافتها إلى برنامج الربط بقنوات الواد الحار.

ليتساءل ذات المستشار: “هل ستلتزم الشركة بهذا الاتفاق “الشفوي”، أم سيتغاضى الرئيس عنها، وبالتالي ستستفيد من أرباح إضافية على حساب المال العام”.

لا تنسيق.. لا تأهيل حضري

أما برنامج التأهيل الحضري والذي تبلغ ميزانيته 5,7 مليار سنتيم، ممولة من طرف وزارة الإسكان وسياسة المدينة، حسب مستشار من جماعة رباط الخير، فيعرف هو الآخر تعثرا أرجعته مصادر الجريدة إلى تخبط المسؤولين عن البرنامج وغياب التنسيق بين المصالح المتدخلة في المشروع.

وأوضح أحد المستشارين الجماعيين بـ”أهرمومو”، في هذا السياق، أن شركة العمران، المكلفة بإنجاز وتتبع برنامج التهيئة الحضرية، والشركة الحائزة على صفقة الشطر الأول من التهيئة الحضرية والخاص بالطرق، شرعا في الأشغال قبل أن يصطدما بعدة عراقيل، مما جعل ممثل السلطة المحلية في شخص باشا المدينة، يأمر بتوقيف الأشغال حتى إيجاد حلول لهذه المستجدات.

وفي تفسيره لهذه العراقيل، قال العضو الجماعي: “الأمر العادي وقبل الحديث عن برنامج التأهيل الحضري وإصلاح الطرق، يجب التفكير أولا في تحويل أعمدة الكهرباء وقنوات الماء الصالح للشرب وخلق قنوات لتصريف مياه الأمطار وتمديد قنوات الواد الحار”، قبل أن يضيف بحسرة: “لكن للأسف، كل هذا لم يتم.. بسبب العشوائية وغياب التنسيق بين جميع المتدخلين في رباط الخير، بالإضافة إلى سوء التدبير، ليتوقف البرنامج، بأوامر من باشا المدينة، بعد أن تم حفر وكسر بعض المقاطع الطرقية!..”.

مشاريع في مهب الريح

“بالإضافة إلى سوء تدبير البرامج السالفة الذكر، والتي فاقمت من معاناة الساكنة ومستعملي الطريق.. هناك مشاريع عرفت إهدارا للمال العام دون ان ترى النور أو لا يتم الاستفادة منها نهائيا”، هكذا عبر عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تذمره من تسيير رئيس المجلس الجماعي لـ”أهرمومو”، مشيرا إلى مشروعي القاعة المغطاة والمنتجع السياحي.

وفي التفاصيل، أبرز أحد مستشاري المعارضة أن مشروع القاعة المغطاة ذهب أدراج الرياح بسبب خطأ في الدراسة التي أشرف عليها رئيس الجماعة، بعد أن اقتنت الجماعة بقعة أرضية بـ95 مليون سنتيم، في أفق الحصول على تمويل من وزارة الشباب والرياضة يقارب 700 مليون سنتيم.

“95 مليون تم صرفها بدون فائدة، بعد رفض الوزارة تمويل القاعة بسبب سوء تدبير الرئيس ومكتب الدراسات.. ويبقى سكان المنطقة هم المتضررون”، يضيف ذات المتحدث بغضب.

أما عن مشروع المنتج السياحي “أغبال”، فكشف ذات الفاعل السياسي أنه كلف مليارا و200 مليون سنتيم تقريبا من المال العام دون أية مردودية تذكر، مشددا على أنه، ومنذ انتهاء الأشغال به، لم تستفد منه الجماعة ولو بدرهم واحد.

“أكثر من هذا، يستطرد مصدرنا، الجماعة اقترضت 800 مليون سنتيم من صندوق التجهيز الجماعي لتمويل هذا المشروع، ما يعني أنها تؤدي للصندوق تحويلات مالية عن مشروع متوقف وبدون أي قيمة مضافة سواء للجماعة أو للساكنة”.

من يتحمل المسؤولية؟

كشفت مصادر جريدة “الديار” أن لقاء تم عقده مؤخرا بين باشا المدينة ومستشاري الأغلبية المعارضة حول الحالة المتردية لأزقة وشوارع رباط الخير وللاستفسار عن مآل المشاريع.

وأكد مصدر، حضر هذا اللقاء، أن الباشا قدم وعودا بالعمل على إيجاد حلول للوضع الذي تعرفه المنطقة عبر القيام باستدعاء للجنة التقنية التابعة لعمالة إقليم صفرو لتحديد المسؤوليات والتنسيق بين العمران والمكتب الوطني للماء والكهرباء والمجلس الجماعي في أفق إطلاق صفقات تحويل الأعمدة الكهربائية وقنوات الماء الصالح للشرب وإنشاء مجاري تصريف مياه الأمطار، لتجاوز عراقيل تنفيذ برنامج التأهيل الحضري وإصلاح الطرق.

هذه الوعود علق عليها فاعل حقوقي بالمدينة بكونها مجرد “بلا بلا.. لن تقدم ولن تؤخر!”، مذكرا بالمرات العديدة التي قدم فيها باشا المدينة وعودا إلى الساكنة دون أن يلتزم بها، محملا، في نفس الوقت، مسؤولية توقف الأشغال و”الخراب” الذي تعرفه “أهرمومو” إلى عامل الإقليم باعتباره رئيسا للجنة متابعة المشاريع.

كما استنكر الحقوقي ذاته، استثناء رباط الخير من آليات التتبع والمراقبة مؤكدا أن العديد من المراسلات والشكايات تم توجيهها إلى المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات دون أن تلقى آذانا صاغية، قبل أن يذكر بالاستقالة الجماعية لـ18 مستشارا بسبب سوء تسيير عبد الصمد سلوان، لتجرى انتخابات جزئية أبقت على وضع “البلوكاج” داخل الجماعة بسبب تمسك الرئيس بمقعده.

وحذر المصدر نفسه، من تطور الأحداث في المدينة بسبب الظروف التي تعانيها ساكنة المنطقة “المنكوبة” اقتصاديا واجتماعيا، مشيرا إلى أولى بوادر “الغضب” التي عبر عنها سائقو سيارات الأجرة من خلال شكاية حول حالة الطرق برباط الخير تم توجيهها إلى والي الجهة.