خروقات في التهيئة الحضرية لصفرو تقود نساء إلى “الاعتقال” و”العمران” في قفص الاتهام

“وقعنا على محاضر لا نعرف ما كُتب فيها، والمقاولة هددتنا بوكيل الملك إذا لم نتركها تكمل اشغالها “العشوائية””.. هكذا علقت أربع نساء على “اعتقالهن”، من الساعة السادسة من مساء السبت الماضي إلى الساعة العاشرة ليلا من اليوم نفسه، بعد احتجاجهن رفقة العشرات من نساء “بلاد الزوين” بصفرو ضد الخروقات التي تعرفها أشغال تهيئة حيهن.

جريدة “الديار” تنقل قصة الاعتقال على لسان المعنيات، وتبرز احتجاج السكان على الخروقات التي تعرفها اشغال التهيئة الحضرية، التي تكلف أزيد من 900 مليون سنتيم من المال العام، لحي “بلاد الزوين” وبودرهم.

“استفزاز واعتقال”

“اجتمعت مائة امرأة، تقريبا، من سكان “بلاد الزوين”، مساء السبت الماضي، للتعبير عن عدم رضاهن عن طريقة اشتغال المقاولة المكلفة بتهيئة حيهن، في وقفة سلمية، واجهها مسؤول في الشركة بتهديدهن بوكيل الملك وبالاعتقال قبل أن أن يعمد إلى تصويرهن دون إذنهن”، يقول زوج إحدى النساء “المعتقلات” ليلة السبت الماضي، قبل أن يضيف أن سكان الحي تعرضوا للإهانة عندما علق المسؤول ذاته على وقفة النساء بـ”واش مكاين رجال في هذا الحي!”.

وكشفت إحدى المحتجات أن الشرطة، عند حضورها، بعد تقديم شكاية من طرف المقاولة، قامت باصطحاب 4 نساء من الحي وأن اختيارهن كان عشوائيا، مؤكدة أنها كانت من بين “المعتقلات” وتركت وراءها ابنا في الشارع لا يتجاوز سنه 4 سنوات، قبل أن تشير إلى تعرضهم للتهديد من طرف المقاول داخل “مخفر الشرطة”.

وتقول “المعتقلة” ذاتها في حديثها للجريدة أنه تمت مطالبتها، والأخريات، بتوقيع المحاضر رغم كونهن أميات لا يستطعن القراءة أو الكتابة، حيث كشفت المتحدثة ذاتها، على أنهن وقعن بعد أن تم إخبارهن بكونهن سيقضين الليلة في الحجز إذا لم يتم توقيع المحاضر، قبل أن يتم الإفراج عنهن على الساعة العاشرة ليلا من نفس اليوم. وهي الرواية التي أكدتها المعتقلات الأخريات اللواتي حضرن لحديث “المعتقلة” مع “الديار”.

ترييف “بلاد الزوين”

تقول ساكنة حي “بلاد الزوين” أن احتجاج نساء الحي على المقاول، جاء بعد استنفاذ جميع وسائل الحوار والنقاش مع المقاولة، مشيرة إلى أنهم طالبوه في أكثر من مرة بعدم وضع سلاليم “دروج” في إحدى الأزقة، والاكتفاء بتبليطها لخلق مخرج سلس للحالات المستعجلة أو لسيارات الإسعاف أو الإطفاء في حالات الطوارئ، وهو مطلب مشروع تضيف المصادر نفسها.

“على حد علمي المتواضع، يقول أحد سكان الحي، فإن مصطلح التهيئة الحضرية يعني “تحضير” الأحياء وجعلها منسجمة مع المجال الحضري التي تنتمي إليه”، قبل أن يضيف بحسرة أن الأشغال في “بلاد الزوين” تسير عكس هذا الاتجاه، بل وترمي إلى ترييفه كما لو كان حيا في أحد المداشر أو القرى النائية.

واستنكر سكان الحي العشوائية وغياب الجودة والإتقان في أشغال المقاولة، قبل أن يشيروا إلى العديد من الأخطاء الكارثية في تهيئة أزقة الحي.

“الخطير وغير المفهوم، يعلق أحد السكان، أن المقاولة ترفض تهيئة بعض المقاطع في الأزقة بدعوى أنها لا تدخل في دفتر التحملات”، موضحا أن هذه المقاطع توجد في نفس الزنقة (الصور)، قبل أن يتابع، في هذا الخصوص، أن المقاولة طالبت السكان بتوجيه طلب إلى المجلس الجماعي حول هذه المقاطع لكي تُعوض عليها فيما بعد.

مقطع وسط إحدى الأزقة رفضت المقاولة تبليطه
مدخل زنقة وسط الحي ترفض المقاولة تهيئته بدعوى عدم التنصيص عليه في دراسة العمران

واسترسل سكان الحي في تعداد المشاكل والأخطاء التي وصفوها بالكارثية في اشغال تهيئة الحي، وهو ما عاينته “الديار”، حيث كشفت الساكنة عن مخاطر تبليط أرضية الأزقة بطريقة غير سليمة وفي غياب تام للجودة في معايير البناء، إضافة إلى الأخطاء في تصميم وتهيئة السلاليم بأزقة الحي بشكل يشكل خطرا على الساكنة (الصور)، وهو ما أكدته شابة من سكان الحي، مشيرة إلى سقوط أحد المسنين في وقت سابق من زيارة “الديار” للحي، قبل أن تبرز غياب ولوجيات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين.

“طريقة” تهيئة سلاليم بالحي تشكل خطرا على السكان

عشوائية اشتغال المقاولة لا تقف عند هذا الحد، بل تجاوزته إلى تبليط الأرض دون مراعاة أو الانتباه إلى مداخل المنازل (الصورة)، حيث اشار سكان الحي إلى خطورة الأمر عند تساقط الأمطار، موضحين أنهم نبهوا المقاولة أكثر من مرة دون جدوى، قبل أن يستطرد أحدهم موضحا للجريدة الخروقات التي عرفتها أشغال الواد الحار بنفس الحي، حيث أشار إلى أنه في الوقت الذي لم تمر عليها مدة طويلة، بدأت في الاختناق، وهو الأمر الذي أكدته إحدى الحاضرات مبرزة أنها عملت بطرقها الخاصة على تفريغ إحدى “البالوعات” بعد اختناقها.

تبليط الأرض دون مراعاة لمداخل المنازل

الرئيس و”العمران” في قفص الاتهام

أثارت طريقة عمل المقاولة والخروقات التي وقفت عليها ساكنة الحي، والتي قُدمت بشأنها شكايات دون جدوى، شكوكا حول جدية شركة “العمران” في متابعة اشغال التهيئة الحضرية بمدينة صفرو.

وفي السياق ذاته أكد أحد سكان الحي أن المقاول، يخبرهم، عند كل ملاحظة، أن “العمران” هي المسؤولة ويشتغل وفق خطتها، قبل أن يشير إلى غياب أي مراقبة سواء من طرف مؤسسة “العمران” أو المجلس الجماعي.

“في بداية اشغال التهيئة، يقول المتضرر نفسه، كان هناك تقني من الجماعة يتابع بشكل دقيق المقاولة قبل أن نفاجأ بغيابه في “ظروف غامضة””، مضيفا أنه تم تكليف تقني آخر لا يكلف نفسه عناء الاقتراب من الأشغال، “يحضر في سيارة الجماعة ويعاين العمال من بعيد ويقفل راجعا دون اية معاينة لما يقع في الميدان” يقول محدثنا.

“ساكنة صفرو تجني ثمار إصرار رئيس المجلس الجماعي على تكليف شركة “العمران” بمتابعة جميع أشغال التهيئة الحضرية بمدينة صفرو التي خصصت لها أزيد من 30 مليار سنتيم، مقابل عمولة 7 % (مليار ونصف تقريبا)”، تقول مصادر، رفضت الكشف عن اسمها، لجريدة “الديار”، قبل أن تتابع:” وهو الإصرار الذي خلق مشاكل بين الرئيس وبين السلطة داخل لجنة تتبع مشاريع التهيئة ما أخر انطلاق أشغال تهيئة المدينة، قبل أن ترضخ السلطة لرغبته”.

وكشفت مصادر لجريدة “الديار” أن ملف “بلاد الزوين” خلق جدلا واسعا داخل المدينة بعد تقديم شكايات ضد “العمران” ورئيس المجلس الجماعي لصفرو، ونزول لجنة تتبع الأشغال إلى الميدان للوقوف على اختلالات مشروع تهيئة الحي، رغم معارضة أحد نواب الرئيس ودفاعه المستميت عن المقاولة، قبل أن يتعرض لـ”هجوم” من طرف الساكنة.

وأشارت المصادر ذاتها أن أوامر أعطيت بوقف أشغال التهيئة بذات الحي في انتظار حلول نفس اللجنة بـ”لالا يزة” لمعاينة، ما وصفته، بنفس الخروقات، ونفس “الغش” في تهيئة الحي على غرار “بلاد الزوين”،  والتي تكلف هي الأخرى أزيد من 600 مليون سنتيم.

من جهته أوضح مسؤول بشركة “العمران” في حديث لجريدة “الديار”، معلقا على احتجاج ساكنة “بلاد الزوين”، أن الموضوع أخد أكثر من حجمه، موضحا أن الشركة لم تسلم العمل بعد، وسيتم تصحيح جميع الملاحظات، قبل ان يضيف أن فترة الحجر الصحي لم تكن تسمح بالمراقبة بشكل جيد للأشغال.