السياسيون في موسم الحج إلى سوق الرصيف.. تفاصيل تهافت غير مسبوق لـ”الركوب” على الحريق

تهافت منقطع النظير، صباح اليوم الأربعاء، فرق من الأحزاب السياسية ذات اليمين وذات اليسار، في الأغلبية والمعارضة، لزيارة سوق الرصيف في فاس العتيقة بعد الحريق الذي أجهز على ما يقرب من 25 محلا تجاريا به. التهافت نفسه سجل على مستوى عدد من المجالس المنتخبة. فقد زارت فرق من الأغلبية المسيرة للشأن الجماعي السوق. كما زاره أعضاء عن غرفة التجارة والصناعة والخدمات. وحرصت هذه الوفود على أن تأخذ الكثير من الصور. وبعضها أدلى بتصريحات بالصوت والصورة لوسائل إعلام محلية مرابطة بعين المكان لنقل تطورات الحريق الذي خلف الكثير من الذعر والمآسي الاجتماعية. 

لكن المثير أن تصريحات كل هؤلاء لم تحمل أي جديد لفائدة التجار الذين ينتظرون حلولا استعجالية لتجاوز تداعيات الكارثة. وقال بعض المسؤولين عن غرفة التجارة إنهم سيعقدون جلسات للتواصل مع هؤلاء التجار المتضررين. “في أفق تعويم الملف مرة أخرى”، يقول أحد الفاعلين الجمعويين الذي أشار إلى أن الكثير من الاجتماعات عقدت مع مسؤولي الغرفة للنظر في الكساد في فاس القديمة، لكن دون جدوى. ورمى عدد من هؤلاء السياسيين الكرة في مرمى وكالة إنقاذ فاس العتيقة، وأشاروا إلى أنها هي التي ستتولى إعادة تأهيل وإصلاح المباني المتضررة. “لماذا كل هذا التهافت، إذن”، يشير الفاعل الجمعوي ذاته، إذا كان السياسيون يرون أن الوكالة هي التي ستقوم بالمهمة. المصدر ذاته تساءل عن الجهة التي ستعوض التجار في السلع التي حولها الحريق إلى رماد. أما أغلب السياسيين، وعدد كبير منهم أعضاء في المجالس المنتخبة، لم يحملوا أي جواب. مجلس مقاطعة فاس المدينة اكتفى في صفحته الفايسبوكية بتقديم تقرير وصفي عن الفاجعة، وقال إن وكالة إنقاذ فاس هي التي ستتولى الملف.

أما البرلماني الاستقلالي عبد المجيد الفاسي الذي رابط في مدينة الرباط وظل يتتبع مشاكل المدينة عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، فقد سارع إلى تدبيج سؤال كتابي وجهه إلى وزير الداخلية، وتساءل فيه عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها لتعويض التجار المتضررين. كما دعا من خلال سؤاله إلى فتح تحقيق في ملابسات الحادث المأساوي، ودعا أيضا إلى إحداث مركز للوقاية المدنية بعين المكان.

حزب العدالة والتنمية، من جهته، وهو في المعارضة، دعا رئيس المجلس الجماعي لفاس إلى عقد دورة استثنائية قصد التداول في سبل دعم المتضررين والإجراءات الممكن اتخاذها لرفع المعاناة عن التجار والساكنة المحلية.

الحريق الذي أجهز على سوق الرصيف كارثة بالنسبة للضحايا، لكنه بالنسبة للسياسيين فهو مجرد ملف من الملفات، في انتظار تدخل للجهات الحكومية لتجاوز الأضرار التي زادت من معاناة أصحاب المحلات، يورد الناشط الجمعوي في حديثه لـ”الديار”، قبل أن يسفر عن تطورات قد تزيد من تغذية من الاحتقان الاجتماعي في فاس العتيقة.

وفوجئ التجار وسكان الحي وزواره، اليوم بسياسيين يزورون المكان لالتقاط الصور عوض القيام بمبادرات فعلية مساعدة للتجار المتضررين، إذ “فوجئنا بسياسين يلبسون جلباب المواساة ويهبون لأخذ صور محروقة هناك، يركبون على أحزان الناس من أجل تلميع صورهم” يقول الجمعوي المهدي الموفق.

وأكد أن هؤلاء يستغلون دموع التجار لرفع الأسهم في بورصة السياسة، واصفا ذلك ب”قمة البؤس السياسي والعبث”، داعيا إلى “باركة من تصاور” ف”الكل يعلم أن لا حل بأيديهم ولا دعم سيأتيهم منهم فلماذا يأتون؟” يتساءل باستغراب مؤكدا أن الوالي الذي حضر أمس لمكان الحادث “الوحيد القادر على تفعيل المسطرة من أجل إعادة إصلاح السوق”.

وتساءل هذا الجمعوي في تدوينة له عن لماذا بهرجة السياسين، و”ما هي إلا صور محروقة لساسة غائبين عن المشهد، بل موتى”، مهيبا بالتجار أن يكونوا أكثر يقظة أمام هذه السلوكات وأن يردوا عليها بذكاء، عوض الانسياق وراء هرولة غير مفهومة للتقوت من ألم التجار المتضررين من هذا الحريق الذي ألحق خسائر متفاوتة ب35 محلا تجاريا بحي الرصيف.