إلغاء توظيف بسبب “دكتواره” في الشريعة!.. أستاذ يكشف المستور بكلية الحقوق بمكناس

متى تنتهي معاناة خريجي كلية الشريعة؟ سؤال طرحه أستاذ بكلية الحقوق بمكناس في بداية مقال نسجه على خلفية إلغاء نتائج مباراة توظيف أستاذ مساعد بالكلية ذاتها بسبب وجود أستاذ حاصل على دكتوراه في الشريعة عضوا بلجنة المباراة.

وهي قضية فجرها الأستاذ بعد تفجير قضية حرمان طلبة ماستر الأسرة والقانون بالكلية نفسها من اجتياز مباراة الولوج إلى سلك الدكتوراه المعلن عنها من طرف الكلية بذريعة حصولهم على إجازة من كلية الشريعة.

واستهل الأستاذ – رفض ذكر اسمه – مقاله، زودنا بنسخة منه، مشيرا إلى أنه قبل أيام قليلة طفحت على السطح قضية غريبة أثارت الكثير من الجدل داخل الوسط الجامعي، لكونها شكلت سابقة في الجامعة المغربية، وتتعلق بمنع بعض طلبة ماستر الأسرة والقانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس من اجتياز مباراة الدكتوراه بهذه المؤسسة، بحجة أنهم حاصلون على الإجازة في الشريعة، رغم أن الملف الوصفي للماستر المذكور، المعتمد من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر منذ سنة 2008، يسمح بتسجيل خريجي كلية الشريعة به إلى حدود الآن.

ورغم أن اجتياز مباراة الدكتوراه المفتوحة بالمؤسسة المذكورة، يضيف، يتوقف على مجرد الإدلاء بشهادة الماستر في القانون، وليس على الإدلاء بشهادة الإجازة، وهو ما يتوافر في نازلة الحال، ومع كل ذلك فقد اتخذ قرار بمنعهم من الترشيح لاجتياز المباراة، مع أنه لم يسبق أن أثيرت هذه القضية لا في كلية الحقوق بمكناس نفسها، ولا في غيرها من كليات الحقوق بالمغرب، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول ملابسات هذا الموضوع.

كما أورد أنه “إذ ما تزال هذه القضية مطروحة على الرأي العام، تتفجر قضية جديدة أخرى من نفس النوع، لكن هذه المرة مع أستاذ للتعليم العالي بنفس المؤسسة دائما، أي كلية الحقوق بمكناس، سبق أن نجح في مباراة توظيف أربعة أساتذة التعليم العالي مساعدين، تخصص قانون خاص بالعربية، بالكلية متعددة التخصصات بتازة، دورة 20/12/2002 المعلن عنها بالجريدة الرسمية، عدد 5051، بتاريخ 28/10/2002، ومنذ ذلك الحين وعلى امتداد ما يناهز 17 سنة في التدريس بشعبة القانون الخاص، وهو يتولى فيها بصفته أستاذا للقانون الخاص، تدريس عدد من المواد القانونية الصرفة، من قبيل القانون الدولي الخاص، النظرية العامة للالتزامات، قانون الأسرة، مدونة الحقوق العينية، قانون المسطرة المدنية، سواء على مستوى سلك الإجازة أو على مستوى سلك الماستر، فضلا عن تولي عدد من المهام، من قبيل منسق مسلك القانون، ورئيس شعبة القانون والاقتصاد، ومنسق ماستر المعاملات العقارية”.

كما شارك في لجان توظيف أساتذة التعليم العالي مساعدين بالكلية متعددة التخصصات بتازة، وفي لجنة مباراة الانتقال من أساتذة التعليم العالي مؤهلين إلى أساتذة التعليم العالي بجامعة ابن زهر بأكادير، تخصص القانون الخاص، وفي لجنة التأهيل الجامعي بكلية الحقوق بمكناس، كما أسهم بصفته عضوا في مناقشة عدد من الأطاريح الجامعية في تخصص القانون الخاص بكل من كلية الحقوق بطنجة وكلية الحقوق أكدال بالرباط، دون إغفال أنه أعد عددا من المؤلفات في القانون، وأكثر من 70 مقالة ومداخلة في ذات الميدان، كل هذا وغيره دون أن تثير أي جهة، رسمية كانت أو غير رسمية، بمناسبة أو بغير مناسبة، على امتداد هذه السنوات بأن الأستاذ المذكور حاصل على الدكتوراه في الشريعة، يورد مصدرنا.

“إلى أن جاء اليوم المشهود، يكشف المقال، الذي تمت فيه مباراة من أجل توظيف أستاذ التعليم العالي مساعد واحد بكلية الحقوق بمكناس، تخصص القانون الخاص بالعربية، وذلك بتاريخ 05/11/2021، حيث كان الأستاذ المذكور عضوا بلجنة هذه المباراة، فبعد توقيع محضر المباراة، أعلنت إدارة الكلية بأن النتيجة لا أحد، وبعده تفاجأ الجميع بإعلان آخر تصحيحي، مفاده أنه تم إلغاء المباراة بقرار من الوزارة الوصية.

وقد تبين فيما بعد أن سبب الإلغاء يعود إلى وجود الأستاذ المذكور، لكونه حاصلا على الدكتوراه في الشريعة، مما يعني أنه غير مؤهل قانونا لأن يكون عضوا في اللجنة المذكورة، والحال أنه معين في منصب أستاذ القانون الخاص، وحاصل على شهادة التأهيل الجامعي من كلية الحقوق بوجدة، وحاصل على درجة أستاذ التعليم العالي، تخصص القانون الخاص، من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس”، على حد تعبيره.

وخلص الأستاذ في ختام مقاله إلى طرح جملة من التساؤلات التي وصفها بالعريضة، والتي مفادها: “لماذا لم يثر هذا الدفع (الحصول على الدكتوراه في الشريعة) بخصوص المباريات التي شارك في عضويتها عدد من نظرائه بباقي المؤسسات الجامعية بالمغرب، شرقا وغربا وشمالا، بدءا من الكلية متعددة التخصصات بالناظور، ومرورا بالكلية متعددة التخصصات بتازة، وكلية الحقوق بفاس، وكلية الحقوق بتطوان، وكلية الحقوق بطنجة وكلية الحقوق بسطات وكلية الحقوق بوجدة ؟

وهل كل المباريات السابقة التي شارك في عضويتها الأستاذ المذكور ونظراؤه بالمؤسسات المذكورة لم تكن قانونية، وبالتالي يتعين إلغاؤه وبالتبعية إلغاء نتائجها؟، وهل يمكن اعتبارهم خلال مدة ممارستهم لمهامهم مرتكبين لجريمة انتحال صفة أستاذ القانون الخاص ؟، وهل أصبح متعينا على هؤلاء التوقف عن تدريس المواد القانونية، المسندة إليهم بموجب قرارات اللجان العلمية؟

ولماذا أثير الدفع المذكور في هذه المباراة بالخصوص، دون غيرها من المباريات التي جرت في نفس الوضع ؟، ولماذا يطارد خريجو كلية الشريعة بهذا الشكل الذي يجعلهم غير مستقرين مهنيا ؟، وما الجدوى من تدريس جميع المواد القانونية لهم على يد أساتذة في القانون، منهم من يجمع بين الأستاذية ومهنة المحاماة، إذا لم يراع هذا التكوين ضمن مؤهلاتهم، خاصة وأن المشرع المغربي من خلال المادة 10 من النظام الأساسي لرجال القضاء، يساوي بين الحاصل على الدكتوراه في الشريعة والحاصل على الدكتوراه في القانون على مستوى التكوين القانوني لممارسة صنعة القضاء، حيث أعفاهما معا من اجتياز المباراة؟”.

” كل هذه التساؤلات نطرحها على الرأي العام، أملا في إيجاد إجابات شافية ومقنعة، من شأنها إنهاء هذه المعاناة في بلد الحقوق والحريات”، يختم مقاله.